دوائر أميركية قلقة من انحياز ترامب لـ«القوة الصلبة»

Ⅶ إدارة ترامب قلصت ميزانية الخارجية لدعم نشاط القوة العسكرية | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال تنصيبه سياسة «أميركا أولاً» وحاول خلال تنصيبه النأي بأميركا عن عدة تحالفات ومن ضمنها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومؤكداً أن أميركا لن تعمل على أن تكون شرطي العالم حسب وصفه.

بعض هذه التصريحات تراجع عنها ترامب وخاصة عندما أكد على متانة العلاقات مع «الناتو»، ومن خلال الضربة الجوية الأميركية ضد القاعدة الجوية السورية والتي أتت بعد الهجوم الكيميائي على بلدة خان شيخون.

الشيء الوحيد الذي لم يتراجع عنه ترامب هو نيته تخفيض الإنفاق الحكومي وخاصة تخفيض ميزانية وزارة الخارجية الأميركية بحدود 30 في المئة. وزارة الخارجية الأميركية التي تشكل الذراع الأميركية الأبرز للقوة الناعمة مازالت عاجزة بسبب شغور ما يزيد على 200 وظيفة وبالتالي وجود خلل في أداء هذا الوزارة الرئيسية في الإدارة الأميركية.

ميزانية

ويقول الباحث في التحالف العالمي للقيادة في الولايات المتحدة، ابهيك براماتيك، أن الذراع الأميركية للقوة الناعمة، الوكالة الأميركية الدولية للتنمية تتعرض للضغط لتقليص ميزانيتها بحدود 31 في المئة، مضيفاً أن الرئيس وإدارته يسعون لضم الوكالة لتصبح جزءاً من وزارة الخارجية، مما يعرض برامج الوكالة للخطر.

الوكالة التي تعتبر الذراع غير الرسمية للخارجية الأميركية، لها علاقات أوثق مع السكان في المناطق التي تعمل بها، من خلال برامج الوكالة الإنمائية. ويشير براماتيك أن الحفاظ على استقلالية الوكالة هو أمر بالغ الأهمية للأمن القومي الأميركي، حيث تسعى الوكالة إلى منع الأزمات، وخاصة الأوبئة والمجاعات والتي لا يوجد لها حل سياسي.

ويضيف أن «دمج الوكالة ضمن وزارة الخارجية، سيحد من قدرة الوكالة على العمل وتصبح أقل فعالية على المدى الطويل. أن قدرة الحكومة الأميركية من خلال الوكالة الأميركية للتنمية، للعمل بين السكان الأجانب، واحتواء التهديدات ووضع أهداف طويلة الأمد كلها قدرات حاسمة من الممكن أن تضيع».

مشكلات

بدوره، يقول مدير مكتب الأصول الأميركية الحكومي، ميك ميكولفاني، إن الميزانية المقترح لوزارة الخارجية، وضمناً الوكالة الدولية للتنمية «ميزانية قوة صلبة، وليست ميزانية قوة ناعمة»، ويضيف ميكولفاني أن أكبر التهديدات للاستقرار العالمي ليست فقط مخاطر تقليدية، مثل البرنامج النووي لكوريا الشمالية أو التوسع الصيني.

بل انها مخاطر تأتي من مشكلات مرتبطة بالدول الفقيرة والهشة، مثل خطر الأوبئة العالمية وانعدام الأمن الغذائي، الذي يؤدي إلى انهيار الدول وبالتالي التطرف الذي يغذيه الظلم وانعدام الفرص واليأس.

من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة هارفارد، جوزيف ناي، أن برنامج «أميركا أولاً» الذي طرحه ترامب خلال حفل تنصيبه ومن خلال حملته الانتخابية فيه الكثير من السلبيات، ومن أسوأ مظاهرها «الابتعاد عن حلفائنا والتراجع عن استخدام القوة الناعمة».

ويشير ناي أن وزير الدفاع جيمس ماتيس قال للرئيس الأميركي «إن كنت تنوي تخفيض ميزانية وزارة الخارجية، يجب عليك تزويدي بالمزيد من الأسلحة والذخيرة».

ويؤكد ناي أنه لا يجب أن تعتقد الإدارة الأميركية أن القوة الصلبة هي الأداة الوحيدة الفعالة في السياسة الخارجية، مؤكداً على ضرورة استخدام الخيار العسكري لمحاربة الإرهابيين. وأن على الإدارة التركيز على ما سماه «القوة الذكية» وهي الجمع بين القوة الصلبة والقوة الناعمة.

قناعات

ويقدم ناي مثالاً على «القوة الذكية»، أن محاربة تنظيم داعش وعناصره يجب أن تكون من خلال القوة الصلبة، لأنه لا يمكن تغيير قناعات النواة الرئيسية لهذا التنظيم الإرهابي.

ولكنك تستطيع أن تؤثر بمحيط هذا التنظيم من خلال القوة الناعمة، وأن هؤلاء المحيطين بالتنظيم في بعض الحالات يقدمون معلومات استخبارية مهمة لاستهداف مقاتلي داعش، مؤكداً أن خطاب الكراهية و اتخاذ خطوات ضد مواطني الدول المسلمة ومحاولة إبعادهم عن الولايات المتحدة، يضعف القوة الناعمة والتي تشكل عاملاً مهماً في مكافحة داعش.

وهاجم عضو مجلس الشيوخ الأميركي الجمهوري ليندسي غراهام بشدة التخفيضات المقترحة من قبل إدارة ترامب لميزانية وزارة الخارجية.

ويؤكد أن بناء مدرسة في منطقة نائية من العراق وأفغانستان وسوريا، وتعليم فتاة فقيرة سيكون أكثر تأثيراً وفعالية ضد الفكر المتطرف من أن تلقي قنبلة عليهم. وأنه إن كانت الولايات المتحدة لا تستطيع إنجاز مثل هذا الشيء فإنك لا تعرف كيف تكسب هذه الحرب.

Email