بين التحرّك الحذر والميل لقمعٍ أكبر

النظام الإيراني يواجه التحدي الأجرأ حتى الآن

ت + ت - الحجم الطبيعي

اتجهت إيران لتصعيد حملتها الأمنية على الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي تمثل أجرأ تحد لنظام الملالي منذ عام 2009. وفي تقرير لوكالة رويترز محاولة للإضاءة على العوامل التي دفعت الإيرانيين للخروج إلى الشوارع وما تواجهه السلطات من تحديات.

تعد المظاهرات التي بدأت الأسبوع الماضي أخطر ما شهدته البلاد من احتجاجات منذ اضطرابات عام 2009 التي نجمت عن خلافات أعقبت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد.

والاحتجاجات السياسية نادرة في إيران، حيث تنتشر أجهزة الأمن بشكل واسع. ومع ذلك فقد شارك عشرات الآلاف في الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد منذ الخميس.

وفي بادرة على أن إيران تعتبر الاحتجاجات تطوراً خطيراً اتهم الزعيم الأعلى علي خامنئي من وصفهم بـ «أعداء الجمهورية الإسلامية» أمس، بإثارة القلاقل. وقال خامنئي صاحب السلطة العليا في نظام الحكم الذي يجمع بين حكم الدين السياسي والنظام الجمهوري إنه سيوجه كلمة إلى الشعب عن الأحداث الأخيرة «في الوقت المناسب».

تحرّك عفوي

وعلى النقيض من المظاهرات المنادية بالإصلاح التي خرجت عام 2009 تبدو الاحتجاجات الأخيرة عفوية بشكل أكبر ولا يبدو أن وراءها زعماء يخططون من الممكن للسلطات أن تتوصل إليهم وتعتقلهم.

وللمطالب التي شهدتها أنحاء البلاد بوضع نهاية للمصاعب الاقتصادية والفساد حساسية خاصة لأن زعماء إيران كثيراً ما يصوّرون «الثورة» التي أطاحت عام 1979 بنظام حكم الشاه على أنها «ثورة فقراء» على الاستغلال والقهر. ورغم تباين المطالب من الفئات المختلفة بالمجتمع فإن المقاطع المصوّرة التي يبثها الشباب والطبقة العاملة تمثل القاسم الأكبر.

وينطوي ذلك على خطورة أكبر على السلطات لأنها تعتبر الطبقات الأقل ثراء موالية للنظام مقارنة بالمحتجين الأكثر انتماء للطبقة المتوسطة الذين خرجوا إلى الشوارع قبل تسع سنوات.

وطبقاً للأرقام الرسمية فإن 90 في المئة من الذين ألقت الشرطة القبض عليهم تقل أعمارهم عن 25 عاماً. وكثيرون من الشبان أكثر اهتماماً بالوظائف والتغيير منهم بالمثالية والمشاعر المناهضة للغرب التي يتشبّث بها الحرس القديم.

وربما تحسب قوات الأمن أنه ما زال بوسعها احتواء الاضطرابات لأنه لم يحدث أن ألقت جماعة سياسية داخل البلاد بثقلها وراء هذه الحركة كما أن العمال يفتقرون لاتحادات عمالية قوية تدعمهم.

عجز الحكومة

التحدي الرئيسي الذي تواجهه الحكومة هو إيجاد وسيلة لقمع الاحتجاجات من دون استفزاز المزيد من مشاعر الغضب في وقت يهاجم المتظاهرون مراكز الشرطة والبنوك والمراقد الدينية ومؤسسات أخرى.

وحتى الآن التزمت السلطات إلى حد كبير بضبط النفس رغم أنها هددت باتخاذ تدابير قوية فاعتقلت المئات لكنها امتنعت عن استخدام القوات الخاصة التي سحقت الاضطرابات السابقة.

ومن المحتمل أن تعمل الإجراءات المتشددة على إثارة الإيرانيين الذين يطالبون بسقوط القيادة، بمن فيها خامنئي نفسه. وتريد السلطات الإمساك بزمام الأمور في الوقت الذي تتحاشى تكرار أحداث 2009. وفي يونيو من ذلك العام أدى مقطع فيديو ظهرت فيه المحتجة ندا آغا سلطان وهي تحتضر بعد إصابتها بالرصاص في الصدر إلى جعلها رمزاً لحركة المعارضة.

ويقول محللون إن استمرار المظاهرات لأمد أطول قد يدفع الحكومة للتحرك على نحو قمعي أكبر. ويعتقد قادة إيران أن بوسعهم أن يعوّلوا على دعم كثيرين من أفراد جيل شارك في الثورة في شبابه، وذلك انطلاقاً من التزامهم العقائدي والمكاسب الاقتصادية التي حققوها في ظل النظام الحالي.

المطالب الرئيسية

يريد الإيرانيون في مختلف أنحاء البلاد زيادة الأجور ووضع نهاية للفساد، غير أنه مع انتشار الاضطرابات وجه المحتجون غضبهم صوب المؤسسة الدينية. كما يشكك كثيرون في حكمة السياسة الخارجية التي تتبعها إيران في الشرق الأوسط، حيث تدخلت في سوريا والعراق في صراع على النفوذ مع السعودية.

كذلك، أثار الدعم المالي الإيراني لميليشيات خارج البلاد غضب الإيرانيين الذي يريدون أن تركّز حكومتهم على المشاكل الاقتصادية الداخلية. بل إن بعض المتظاهرين رددوا هتاف «رضا شاه، طيب الله ثراك» في إشارة إلى حاكم إيران في الفترة من 1925 إلى 1941 وعائلة بهلوي التي أطاح بها الخميني سنة 1979.

آفاق اقتصادية

وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني أيد صفقة الاتفاق النووي مع القوى الكبرى عام 2015 لفرض قيود على برنامج إيران النووي مقابل رفع معظم العقوبات الدولية المفروضة عليها، غير أنه أخفق في تحقيق ما وعد به من رخاء للبلد الذي وصل فيه معدل البطالة إلى 28.8 في المئة في العام الماضي. ويرى الشبان الذين يشكلون غالبية سكان إيران أن النمو يسير ببطء شديد.

Email