في تقرير للمركز الاستشاري الاستراتيجي

الفساد الهيكلي والسياسي قد يؤدي لانهيار نظام الملالي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد تقرير صدر عن المركز الاستشاري الاستراتيجي للدراسات الاقتصادية والمستقبلية في أبوظبي أمس، أن معدلات النمو الاقتصادي في إيران شهدت تذبذباً شديداً، خلال السنوات الخمس الماضية ما بين نمو بمعدل 6.6% في بعض السنوات وانكماش بمعدل -6.6% في سنوات أخرى، وكانت العقوبات المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي، المثير للجدل، هي السبب الرئيسي والأول لذلك التذبذب الشديد في معدلات النمو، الذي يأخذ صفة الاضطراب أكثر من التذبذب.

ولكن برغم انتهاء فترة العقوبات، بتوقيع الاتفاق النووي، والبدء في تطبيقه مطلع عام 2016، فلم يخرج الاقتصاد الإيراني من حلقة التذبذب والاضطراب التي تبدو مغلقة عليه، ليشهد هذا على أن الاقتصاد الإيراني سيبقى في براثن الضعف في الأجل المنظور.

وأشار المركز إلى أن استمرار الأداء الضعيف والهش للاقتصاد الإيراني، برغم رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه، إلى أن هناك أسباباً أخرى للمشكلة، وهناك العديد من المظاهر الاقتصادية السلبية التي تؤكد أن الاقتصاد الإيراني يعاني مشكلات هيكلية مزمنة بسبب سوء السياسات الاقتصادية، ما دفع الإيرانيين إلى التظاهر.

التضخم والبطالة

ويمكن رصد العديد من مظاهر الضعف والعيوب الهيكلية التي يعانيها الاقتصاد الإيراني، فمثلاً يعتبر التضخم أزمة مزمنة في إيران، إذ إن أقل معدل له خلال السنوات 2010-2014 بلغ 16.2%، وفي العام 2012 بلغ 41.2%. وهذا المستوى يمثل مشكلة معقدة بالنسبة لأي اقتصاد.

وأوضح تقرير المركز أنه على مدار الفترة 2010-2015 لم ينخفض معدل البطالة في إيران عن 10%، وارتفع هذا المعدل إلى مستوى يقترب من 13%. وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن هذا المعدل يبلغ 26.7%، أي أكبر من ضعف التقديرات الرسمية تقريباً. كما أن إجمالي عدد العاطلين في البلاد يبلغ نحو 7.3 ملايين عاطل، وهو رصيد كبير لا يمكن للاقتصاد استيعابه.

الأزمة والفقراء

وبيَّن المركز أن الموازنة العامة الإيرانية شهدت العديد من المشكلات بين عامي 2010-2015، الأمر الذي دفعها إلى التحول من الفائض إلى العجز، وبرغم أن هذا التحول كان انعكاساً مباشراً لتراجع أسعار النفط العالمية، وكان المفترض أن تشهد الموازنة العامة تحوّلاً إيجابياً بداية من 2016، مع ظهور آثار إلغاء العقوبات، لكنها لم تشهد تحسناً يذكر، بل إن الموازنة الأخيرة التي أعلنتها الحكومة، للعام المالي الإيراني 2018، تشي بعكس ذلك، حيث تَضمّنت قرارات تؤثر مباشرة على معيشة المواطنين، كرفع سعر الوقود بنسبة 50%، وإلغاء الدعم النقدي الذي يستفيد منه نحو 34 مليون إيرانيّ.

وفي المقابل تمت زيادة مخصصات الحرس الثوري والمؤسَّسات التابعة للمرشد. ويعني ذلك أن معالجة مشكلة الموازنة يتم تحميلها على كاهل الشعب، وهذا يعود في جزء منه أيضاً إلى تصاعد التدخل العسكري الإيراني في الخارج.

فضلاً عن ذلك، فإن دولة تمتلك اقتصاداً يحتل المرتبة 29 عالمياً، ولديها احتياطيات نفطية 157 مليار برميل، وتنتج ما يزيد على 4 ملايين برميل نفط يومياً، وغاز طبيعي 34 تريليون متر مكعب، يجب أن تكون ذات مكانة اقتصادية متميزة، لكن ما هو متحقق في الواقع، هو انعكاس مباشر للفساد الاقتصادي الذي دفع الإيرانيين إلى التظاهر، ولا بد للنظام الإيراني إذ كان يريد الاستمرار أن يعدل نهجه، وإلا سقط في نهاية المطاف، تحت وطأة الأزمة الاقتصادية التي صنعها بيده.

Email