جوائز نوبل للسلام لا تحقق السلام

ت + ت - الحجم الطبيعي

حازت الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية على جائزة نوبل للسلام للعام 2017، وهي عبارة عن تحالف من المنظمات غير الحكومية الناشطة في مجال لفت الانتباه للنتائج الكارثية التي تخلفها تلك الأسلحة على الصعيد الإنساني.

ويتم الإعلان عن الفائزين كل عام في أجواء احتفالية صاخبة، وتنفرد جائزة نوبل السلام بأعلى مستوى من الترقب والاهتمام.

وتُمنح جوائز نوبل الأخرى ولمسوغات مقبولة إلى أشخاصٍ أدخلوا تغييراً فعلياً على العالم عن طريق إنجازاتهم المميزة. إلا أنه في حال جائزة نوبل للسلام، فإن اللجنة المانحة تأمل بالتغيير من خلال فعل منح الجائزة بذاته، ومن هذا المنطلق فإنها تكافىء التطلعات أكثر مما تكرّم الإنجازات.

وقد أعلن فرانسيس سيجريستيد، الذي تولى رئاسة اللجنة النرويجية المانحة لجائزة السلام بين أعوام 1991 و1999، بفخر عن الطموحات السياسية لجائزة نوبل للسلام بالقول:«تأخذ اللجنة بعين الاعتبار النتائج الإيجابية المحتملة لخياراتها، حيث إنها ترغب في أن تكون للجائزة تأثيرات سلبية. إن منح جائزة نوبل للسلام، يشكل بالمعنى الصريح والواضح نشاطاً سياسياً»

وتمثل الجائزة التغير الأبرز منذ السبعينيات، تحديداً منذ انتهاء الحرب الباردة، بتنامي تركيزها على تعزيز التغيير السياسي الداخلي. ومنحت الجائزة مرتين بين عامي 1947 و1970 إلى منشقين وناشطين كالزعيم جنوب الإفريقي ألبرت لوثولي الذي قاد الصراع غير المسلح ضد التمييز العنصري في الستينيات، والناشط في حركة حقوق الإنسان مارتن لوثر الابن. وحصلت شخصيات مماثلة على الجائزة خمس مرات بين أعوام 1971 و1988. كما أدرج 40 بالمئة من الفائزين ضمن هذه الفئة بين 1989 و2016.

وسطرت النسبة ارتفاعاً أكبر في السنوات العشر الأخيرة، فشكل 57 بالمئة من الحاصلين على جائزة نوبل للسلام منذ 2007 ناشطين ومؤيدين للمساواة والحرية والنمو البشري كتعليم النساء ووقف عمالة الأطفال.

وتعتبر تلك قيماً سامية، لكن ارتباطها بالنزاعات بين الدول كان غير مباشر على النحو الأفضل، وهشاً بأسوأ الأحوال.

ورداً على التساؤل حول ما إذا كانت الجائزة تجتذب اهتمام العالم إلى القضايا المهمة، يؤكد المدافعون عن الجائزة بأنها تعمل بأساليب خفية إنما حسية على الترويج لقضايا الفائزين. ويشيرون إلى أنها تثير اهتمام الصحافة وتمكّن الرابحين والداعمين، وتركز نطاق الضغط الدولي. لكن الأدلة على استقطاب الجائزة لاهتمام عالمي مستدام ليست دامغة.

ويبرز على صعيد آخر، تخوف أكبر من أن تنعكس جائزة نوبل للسلام، في ظل السعي لتعزيز التغيير السياسي والاجتماعي، ضرراً بالغاً على الحركات والقضايا التي تحتفي بها.

وهذا ما حصل في التبت وميانمار عقب تسلّم الدالاي لاما وأونغ سان سو كيي الجائزة تباعاً في عامي 1989 و1991. لم يسهم منح الناشط الصيني لوي شياوبو الجائزة في إخراجه من السجن.

لا شك أن نوايا لجنة منح نوبل سامية، لكن النتائج قد تكون مأساوية. فالجائزة ترفع معنويات المصلحين لكنها تحشد أيضاً القوى المعارضة. ويثني العالم في أكتوبر من كل عام على اللجنة واختياراتها الشجاعة والملهمة، لكن الناشطين الحقيقيين على أرض الواقع هم من يتحمّل العواقب حين يضيّق القادة الغاضبون خناق قوتهم عليهم.

وما الذي يحصل عندما تحفز الجائزة على التغيير السياسي؟ تزعمت أونغ سان سو كيي كمستشارة لدولة ميانمار عملية الاضطهاد الدموي للروهينغا وتسببت بأزمة لاجئين عالمية. وتبين أن المنشقة في سدة الحكم ليست في النهاية مناشدة عظيمة للسلام والتسامح.

اتسمت خيارات لجنة نوبل للسلام بالنبل إنما بالسذاجة أحياناً.

2016

منذ الحرب العالمية الثانية، ذهب أقل من ربع الجوائز للعاملين في مجال السلام، حيث أن سبعة فقط من أصل 37 فائزاً بالجائزة منذ خريف العام 1989 صنفوا ضمن هذه الفئة. واستهدفت إحدى عشرة جائزة السعي لتشجيع عمليات السلام القائمة.

لم تؤت العديد من العمليات المذكورة إلا بثمار قليلة حينها، أو اقتصرت على تلك التي لا يزال الطريق أمامها طويلاً. ويذكر أن الشخصيات الثلاث الأبرز الحاصلة على جائزة السلام ضمن الفئة هم رئيس منظمة التحرير الأسبق ياسر عرفات، ووزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريز، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين. ومع ذلك، نرى أن عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين لا تزال اليوم في حالة غيبوبة تامة.

ولهذا السبب ربما لم تمنح اللجنة في العقد المنصرم إلا جائزتين لتشجيع عمليات السلام. وقد حصل الرئيس الفنلندي السابق ماهاتي أهتيساري عام 2008 الجائزة عن مختلف إنجازاته. وتم تكريم الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس عام 2016 بالجائزة على أمل دفع عملية السلام مع متمردي «فارك» قدماً، وإنهاء نصف قرن من الحرب الأهلية.

 قضية  نوبل 

ظلت اللجنة وفية بالمبدأ لقضية نوبل الأصلية، وشهدت الفترة بين أعوام 1901 و1945 منح ثلاثة أرباع جوائز نوبل (أي 33 من أصل 34) إلى جهات روجت للسلام بين الدول وقضايا نزع السلاح.

جائزة السلام الغائب

هل غيرت جائزة نوبل للسلام العالم؟ يندرج توقع أن تحلّ الجائزة السلام في العالم في إطار المعايير غير العادلة بالممارسة. وأظهرت الأبحاث أن الفائزين وقضاياهم بالكاد استفادوا من الجائزة.

والأسوأ من ذلك أن نوبل بذاتها جعلت من الصعب عليهم أن يحققوا تلك القفزة من الطموح إلى الإنجاز.

منحت جائزة نوبل للسلام، بالعودة إلى التاريخ، للمرة الأولى عام 1901 أي بعد خمس سنوات من وفاة مؤسسها ألفريد نوبل، الذي عرّفت وصيته السلام بشكل محدد ومركز وحصرته بإنجازات المرشحين، بمعنى وجوب منح الجائزة إلى «الشخص الذي أحرز العمل الأفضل الدال على الإخوة بين الأمم، من أجل إلغاء أو تقليص الجيوش الموجودة، وعقد مؤتمرات تؤيد السلام وتروج له.»

 

جائزة نوبل للسلام لا تمنح تقديراً لإنجازات الفرد، بل لما يؤمل منه إنجازه يوماً.

بيتي ويليامز ناشطة إيرلندية

يعتقد بعضهم بوجوب منح جائزة نوبل للسلام للقنبلة الذرية، لأنها أخافت القوى العظمى من الحرب وساوتها بيوم الدينونة

ستيفن بينكر عالم لغويات أميركي

أصبحت جائزة نوبل للسلام مسيّسة بشكل ميئوس منه، أظن أن الجائزة تبخّس نفسها

جون بولتون سفير أميركي

Email