الشابات الألمانيات: هل سأصبح مصففة شعر أم مستشارة؟

ميركل في أعلى الهرم ونساء البلاد مهمشات

ت + ت - الحجم الطبيعي

فازت أنجيلا ميركل لتوها بمنصب المستشارية الألمانية للمرة الرابعة على التوالي، وبالنسبة للفتيات اللائي كن في التاسعة من عمرهن وبتن الآن في عمر الـ21.

فإن كثيرات منهن لا يتذكرن متى كان يتزعم ألمانيا رجل، بيد أنه مع ذلك تحتج أولئك الفتيات اللاتي على وشك دخول سوق العمل، أنهن في الوقت الذي يصعب عليهن تصور وجود مستشار لألمانيا، من الرجال، بعد طول تلك المدة، يجدن صعوبة أكبر في رؤية نساء على رأس العمل.

وبينما تتولى ميركل أعلى منصب في البلاد، فإن قلة من النساء الألمانيات تملأن المواقع القيادية في الصناعة. وهذه المفارقة أثارت اهتمام بعض الكاتبات اللاتي ترين في ميركل تجسيداً لما تطمح إليه الحركات المؤيدة لحقوق النساء، فيما باقي ألمانيا متأخر عن ركب هذا التحول.

تنقل الكاتبة في صحيفة «نيويورك تايمز»، كاترين بنهولد، عن إحدى الشابات المتدربات في شركة للطاقة المتجددة بألمانيا قولها: «هناك العديد من النساء بمهن بمستويات دنيا، ثم هناك أنجيلا ميركل، ولا وجود للنساء بين هذين المستويين في المهن»، وغالباً ما تسأل الفتيات الصغيرات أنفسهن: «هل سأصبح مصففة شعر، أو مستشارة ؟».

ميركل نفسها لا تصف نفسها نصيرة لحقوق المرأة، وقد رفضت مراراً تلك التسمية، كما أنها نادراً ما تقوم بتشجيع قضية تحسين قدر النساء أمام الملأ. وعلى عكس المرشحة الأميركية هيلاري كلينتون التي كرست جزءاً من حملتها لقضية المرأة، لم تضع ميركل هذه القضية في سلم أولوياتها.

لكن جيلا من الشابات ترعرع على وجود امرأة في أعلى منصب في البلاد، ويتفاجأن عند دخول سوق العمل بغياب شركات محلية تديرها نساء، ووفقاً للإحصاءات، يشكل الرجال 93% من أعضاء المجالس التنفيذية للشركات المتداولة في ألمانيا، فيما ثلاث من أصل أربع شركات لا نساء في فريقها التنفيذي. ولا تزال النساء في ألمانيا يتقاضين أجراً يقل بنسبة 21% عن الرجال، فيما المتوسط في أوروبا هو 16%، ليس أقله لأنهن لا يتسلقن السلم المهني.

وبسبب ميركل، يقول بعضهن إن صورة ألمانيا في الخارج أكثر تقدمية مما هي بالفعل، بل وترى إحداهن أن الولاية الطويلة لميركل جعلت الأمور أكثر تعقيداً، إذ تسمع النساء على الدوام وفقاً لإحدى الناشطات: «يمكنكن أن تتولين المستشارية الألمانية، فماذا تردن أكثر؟»، ومع ذلك الوضع ليس سهلاً بالنسبة للمرأة العاملة.

ففي حال لازمت المنزل وأنجبت أطفالاً يقال إنها لا تساهم في المجتمع، وإذا عملت وكان لديها أطفال يطلق عليها الأم الغراب، أما إذا عملت دون أن تنجب تنعت بالمرأة الباردة. كل المسارات أمام النساء في ألمانيا صعبة، فيما ميركل لم تساعد في كل ذلك.

عذاب مستمر

أما النساء القليلات اللواتي تمكن من التقرب إلى المناصب العليا فيتحدثن عن عذاب مستمر من إصدار الأحكام بحقهن. تقول أنكا وتنبورغ المسؤولة في شركة برمجيات ألمانية ولديها ثلاثة أطفال أنها تمكنت من الصعود في الهرم الوظيفي في شركة أميركية أولاً، قبل القبول بها في شركة ألمانية، وتضيف: «لا وجود لنساء ألمانيات يظهرن لنظيراتهن من الشباب إمكانية تكوين عائلة ومهنة معاً، لذلك ربما ليس من قبيل الصدفة أن لا يكون لميركل أطفال».

كانت تلك الفكرة أداة ماضية لتحقيق غايات سياسية في الفترة الأخيرة، وقد استخدمها الرجال والنساء على حد سواء. فقد هوجمت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي العام الماضي من جانب منافستها أندريا ليدسوم أثناء السباق على قيادة حزب المحافظين، عندما قالت وهي أم لثلاثة أطفال: «أن تكون أماً يعني أن لديك مصلحة حقيقية في مستقبل البلاد».

وفي المقابل، شهد العالم شخصيات نسائية مثل سارة بيلين يستغلن إنجاب أطفال كثر، لأنه يلائم القيم العائلية التقليدية.

تحيز ثقافي

أما في ألمانيا حيث يطلق على ميركل بتحبب «الأم الصارمة»، لا يجري الكلام عن الموضوع بسبب قوانين الخصوصية المتشددة، ومع ذلك هذا لم يحل دون وصفها من جانب زوجة المستشار السابق غيرهارد شرودر عام 2005: «لا تجسد في سيرتها تجارب معظم النساء».

يرى بعض المحللين هذا التحيز الثقافي ضد النساء راسخاً في ألمانيا، ويعزو بعضهم الأمر لتاريخ البلاد المعقد، حيث كان النازيون يغدقون الميداليات على النساء اللواتي ينجبن الأطفال بكثرة.

لكن أنصار ميركل يدافعون عنها ويقولون إنه في الوقت الذي قد لا تكون فكرة المساواة بين الجنسين بالنسبة لميركل مركزية، لكن خلال ولايتها كانت الأشياء تتطور.

فقد تم تمديد ساعات العمل في المدارس، وتحسنت الرعاية بالطفل، وأصبحت هناك إجازة أبويه مدفوعة، كما مررت الحكومة أخيراً قانوناً يجبر الشركات الكبرى على إحلال أعضاء رحلوا في مجالس الإدارة غير التنفيذية بالنساء، حتى يشكلن على الأقل نسبة 30%.

وتشرح المسؤولة في الاتحاد النسائي الديمقراطي المسيحي من حزب ميركل، أنيت ويدمان-ماوز: «ميركل لا تدعو لثورة، بل تبدأ بعملية تطور».

لكن التقدم كان بطيئاً بالمقارنة مع بلدان مثل أميركا وفرنسا، لأن صفة «نصيرة حقوق المرأة» على ما يبدو لها صدى راديكالي ضمن المجتمع الألماني.

Email