تحقيق انتصار عسكري لم يعد ممكناً

مؤتمر أستانة عرض روسي بمشاركة تركية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تطورت المرحلة النهائية للحرب في سوريا حتى الآن بطرق يمكن للمرء التنبؤ بها تماماً.

فقد سيطر النظام السوري على حلب بالكامل، وهذا التقدم العسكري للنظام وداعميه الروس، تبعه وقف لإطلاق النار، ويقوم الروس الآن بتنظيم مؤتمر سلام في أستانة بكازاخستان، في وقت لاحق من هذا الشهر.

المفاجأة الوحيدة هي أن تركيا التي كانت لفترة طويلة أهم المؤيدين لقوات المعارضة السورية ستشارك في رئاسة المؤتمر. وهذا يعني أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عقد اتفاقاً، من نوع ما، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث من الواضح أن أستانة ستكون عبارة عن عرض روسي.

فما نوع الصفقة التي عقدها أردوغان مع بوتين؟

التفاصيل قد تكون خادعة، لأن تركيا لم تتخلَّ بعد عن إصرارها طويل الأمد على ضرورة تنحي الأسد عن الرئاسة. لكن من السهل تصور ما سيكون مطروحاً على الطاولة في أستانة (على افتراض استمرار سريان وقف إطلاق النار إلى ذلك الحين). رجحت كفة الأسد في الحرب بفضل الدعم الخارجي، فيما واجهت قوات المعارضة السورية هزيمة. ولا يوجد مغزى من استمرارها في القتال، لأن الداعمين لها بدأوا ينأون بأنفسهم عنها.

عبارات غامضة

تركيا تتعاون الآن مع روسيا، وفي غضون أسابيع سيكون دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية ومتعاوناً أيضاً مع موسكو. قوات المعارضة ستكون بمفردها بالكامل، وخياراتها الوحيدة هي إما إلقاء السلاح أو الموت في الخندق الأخير.

أما المعارضة السورية الأقل تشدداً، والتي يشكل عدد عناصرها نسبة ضئيلة جداً، فمن المحتمل أن يقدم لهم عفو عام في أستانة مقابل التوقيع على اتفاق سلام، قد يحتوي على بعض العبارات الغامضة حول الانتخابات التي قد تضع شخصاً آخر محل الأسد في مرحلة ما في مستقبل غير محدد. وهذا لن يكون أكثر من عرض، لأن الأسد لا ينوي التنحي وموسكو لن تجبره على ذلك.

أما المتشددون، كتنظيم «داعش» الذي يسيطر على معظم شرق سوريا وغرب العراق، وجبهة النصرة سابقاً التي تسيطر على معظم شمال غرب سوريا، فلم تتم دعوتهم إلى أستانة، وهم بدورهم لن يقبلوا أي دعوة في حال وجهت إليهم.

جبهة النصرة سابقاً (التي أعيدت تسميتها بجهة فتح الشام من أجل إخفاء عضويتها في القاعدة) كانت صريحة على نحو متجدد في إدانة وقف إطلاق النار ومباحثات السلام، وقالت: «نحن لا نتفاوض على وقف لإطلاق النار مع أحد. الحل هو في إسقاط النظام من خلال العمل العسكري. من شأن الحل السياسي أن «يكون مضيعة للدماء والثورة».

لكن تحقيق انتصار عسكري على الأسد لم يعد ممكناً، وبالتالي، فإن مصير تلك الجماعات هو الخسارة في أرض المعركة والعودة إلى الإرهاب المحض.

إعادة توحيد سوريا

كيف ستبدو سوريا ما بعد الحرب الأهلية؟ يتعلق هذا السؤال الكبير الذي لا جواب عليه بما سيحدث للأكراد السوريين.

هل كان الثمن الذي قبضه أردوغان مقابل تبديل مواقفه، الحصول على مطلق الحرية في تفكيك «روجافا»، شبه الدولة التي أنشأها الأكراد السوريون؟ من المحتمل جداً أن تكون الإجابة بنعم.

وسيكون الأسد مرتاحاً لحصول هذا الأمر، شريطة أن تسلم تركيا جثة شبه الدولة لاحقاً.

أما بوتين، فإنه لا يكترث بأي شكل من الأشكال. ومن غير المرجح أن ترامب سيكترث أيضاً. وسيكون الجيش التركي منشغلاً بالكامل بقتال الأكراد السوريين، لكنه يملك أيضاً العدد وقوة النيران ليسود في النهاية. فحتى لو استمر وقف إطلاق النار الحالي، وحتى لو جاء مؤتمر السلام في أستانة بالضبط وفقاً لخطة موسكو، فإنه سيتوجب القيام بمزيد من القتال في سوريا.

سيندفع جيش الأسد بدعم من حلفائه إلى إزهاق كل من داعش وجبهة النصرة سابقاً، وسيكون على الأتراك إخضاع الأكراد السوريين.

وهذا سيستغرق بعض الوقت، لكن مع وقف تدفق الأسلحة والأموال من الخارج، فإنه من المحتمل أن يحصل هذا الأمر في النهاية، مما يعني أن الأسد من المحتمل أن يحكم يوماً ما مرة أخرى سوريا موحدة.

وهذا احتمال محبط للغاية، لكنه ربما الخيار المتبقي الأقل سوءاً.

أعداء تركيا

يشكل الأكراد السوريون عشرة في المئة من سكان سوريا، لكنهم يسيطرون الآن على كل المناطق ذات الأغلبية الكردية في جميع أنحاء الشمال السوري.

كونهم حلفاء أميركا الوحيدين على الأرض في سوريا، فقد لعبوا دوراً رئيساً في دحر «داعش». لا ينتمون إلى تيارات إسلامية، كما أنهم ليسوا إرهابيين، وقد تفادوا أي مواجهة عسكرية مع تركيا، على الرغم من حرب أردوغان على الأقلية الكردية في بلاده. ومع ذلك، يعرّفهم أردوغان علناً بأنهم أعداء تركيا، ولم تتم دعوتهم (أو على الأقل ليس بعد) إلى مؤتمر أستانة.

بن علي يلدريم - رئيس وزراء تركيا

«من شأن الحل الثلاثي المحاور المطروح للحرب في سوريا أن يحافظ بشكل مطلق على وحدة الأراضي السورية، وهو ما يقتضي حكما أن يكون حزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي)، في تلك البلاد، خارج الحل... لن يكون هناك بنية طائفية، وهذا يعني أيضا أن الأسد لن يكون على المدى البعيد».

جون برينان - رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه"

«غير متفائل بشأن مستقبل وحدة سوريا، ولا أعرف ما إذا كان يمكن أو لا يمكن عودة سوريا موحدة مرة أخرى».

سيرغي لافروف - وزير الخارجية الروسي

«إن بيان وزراء خارجية كل من روسيا وإيران وتركيا، يؤكد سيادة ووحدة أراضي سوريا، كدولة ديمقراطية وعلمانية, ووضع اتفاق جديد للمفاوضات بين اطراف المعادلة السورية.

ريكس تيرلسون - مرشح ترامب لوزارة الخارجية

« تحت إدارة أوباما، لدينا اثنتان من الأولويات المتنافسة في سوريا ، وهما: رحيل بشار الأسد وهزيمة داعش. تحقيق الاثنين في آن معاً هو أمر في غاية الصعوبة لأنه في بعض الأحيان فانهما يتعارضان مع بعضهما بعضا. الأولوية الواضحة هي هزيمة داعش».

 

Email