بروفايل

ماتيو رينزي.. «لا» إيطاليا تُدمّر «المُدمر»

ماتيو رينزي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن ماتيو رينزي الذي برز كربان ماهر في بحر السياسة الإيطالي متلاطم الأمواج يضع في آخر حساباته السياسية أن عمره في قصر تشيغي لن يتعدى العام بكثير، وهو الذي دخله مملوءاً بحيوية الشباب وبرصيد من الإنجازات الكبيرة، منحته لقب أصغر رجل يتولى منصب رئيس الوزراء في التاريخ الإيطالي، فرينزي المولود في العام 1975 حل كأقوى رجل في هذا البلد صاحب التاريخ التليد مع الديمقراطية وسمي رسمياً رئيساً للوزراء في أعقاب نجاحات مدوية حققها في مدينة فلورنسا التي انتخب عمدة لها في العام 2004 بعدما ترأس مجلس المقاطعة ذاتها لخمس سنوات مكنته من تخطي جميع دهاقنة مسرح السياسة الإيطالي حتى لقبته الصحافة الإيطالية بـ«المدمر».

ووفقاً لترتيب الأسبقية الرسمي في إيطاليا، فإن منصب رئيس الوزراء يحل رابعاً، لكن في واقع الأمر فإن الذي يجلس على هذا الكرسي هو الأقوى وبالتالي عملياً أهم شخص في الحكومة الإيطالية، رغم ان رئيس الوزراء مقارنة بنظرائه في المملكة المتحدة أو غيره من رؤساء الوزارات، أضعف حيث لا يجوز له حل البرلمان أو إقالة وزراء، وبالنسبة لغالبية النشاط السياسي، يجب أن يحصل على أصوات مجلس الوزراء، الذي يحمل بدوره السلطة التنفيذية الفعالة وهو ما دعاه إلى المجازفة برصيده السياسي وطرح البرنامج الاصلاحي الذي رفضه الايطاليون الاحد الماضي.

أصغر رئيس

وهذا الرجل الذي أصبح في فبراير 2014 وفي 39 من العمر أصغر رئيس حكومة في إيطاليا، حاول تسريع وتيرة التغيير في إيطاليا، لكنه لم يتمكن من ذلك كما أظهرت نتائج الاستفتاء. وغالبا ما اتهم رينزي بالتفرد في الحكم من دون السعي إلى تسويات، كما أن رينزي تسبب بانقسام شديد داخل الحزب الديمقراطي الذي يرأسه (يسار وسط) بين غالبية وآخرين معارضين يميلون أكثر إلى اليسار. وقبل ثلاث سنوات، تولى رينزي الذي كان رئيسا لبلدية فلورنسا رئاسة الحزب الديمقراطي واعدا باستبعاد قدامى أقطاب الحزب وعدد آخر من قادته، ولتحقيق هذه الغاية استبعد عن طريقه شخصيات بارزة في الحزب مثل رئيس الوزراء الأسبق ماسيمو داليما أو رئيس بلدية روما السابق فالتر فلتروني.

وفي 13 فبراير 2014 دفع المسؤول الثاني السابق في الحزب أنريكو ليتا إلى الانسحاب لكي يتولى بنفسه رئاسة الحكومة. ورينزي الذي يستخدم كثيرا وسائل التواصل الاجتماعي ولم يشغل سابقا أبداً أي مقعد برلماني أو منصب حكومي، كان يحظى آنذاك بشعبية قوية تتعارض مع انعدام ثقة الإيطاليين بالطبقة السياسية الإيطالية.

ويقول مراقبون: إن رينزي شديد الدينامية وطموح «ومتعطش للسلطة» تمكن من المحافظة على مظهره كمراهق أبدي. وفاجأ مجتمع روما عبر بقائه في الأمسيات في قصر تشيغي، حيث مقر رئاسة الوزراء للعمل بحسب أوساطه في انتظار العودة إلى توسكانا؛ حيث تقيم زوجته انييس وهي مدرسة وأولادهما الثلاثة.

وفي مواجهة الانتقادات لسعيه دائما إلى الحديث عن مغامرته في السياسة، يتوجه مباشرة إلى المواطنين عبر «فيسبوك» و«تويتر» بخطاب من وحي عبارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الشهيرة «نعم نحن قادرون». لكن الكثير من الناخبين الإيطاليين لا يشاطرون أوباما رأيه، لاسيَّما وأن الانتعاش الاقتصادي المنتظر لم يتحقق وبقيت البطالة على مستوياتها خصوصا في صفوف الشباب، ما أدى إلى تراجع نسب التأييد له في استطلاعات الرأي.

مفاجأة

وفي انتخابات رئاسة بلدية فلورنسا عام 2009، توجهت كل الأنظار إليه بعدما أثار مفاجأة بفوزه في الانتخابات التمهيدية ليسار الوسط متقدما على المرشح الرسمي للحزب الديمقراطي. وفي 2012 فشلت أولى محاولاته لكي يتولى رئاسة الحزب، لكنه فاز بها بعد سنة وأصبح أمينا عاما، المنصب الذي احتفظ به حين تولى رئاسة الحكومة.

Email