برلين وباريس ترسلان إشارات متضاربة بشأن لندن

بريطانيا تنشئ «دائرة» للخروج من الاتحاد الأوروبي

أعلام بريطانيا على امتداد شارع أكسفورد في وسط لندن | أ ف ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

ردت بريطانيا على حلفائها الغربيين السابقين بتأكيد أنها لن تستعجل الخروج من الاتحاد الأوروبي وأن الأمر سيتم في أكتوبر بعد تعيين رئيس وزراء جديد خلفاً لديفيد كاميرون، لكنها أنشأت دائرة خاصة للخروج من الاتحاد، دون تعيين مفوض خاص بالعملية، ما أثار الشكوك حول إمكانية خروجها من الاتحاد لأسباب عملية، فيما طفا خلاف على السطح بين فرنسا وألمانيا..

حيث دعت باريس لندن إلى التعجيل باختيار مفوضها لمباشرة المفاوضات، فيما لم يعجبها موقف برلين المتراخي مع لندن، بينما طالب وزير الخارجية الأميركي جون كيري أوروبا بالحفاظ على هدوئها.

وأعلنت الحكومة البريطانية إنشاء دائرة خاصة ستبدأ العمل على مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن تنظيم استفتاء حول الاستقلال هو آخر شيء تحتاجه اسكتلندا.

وأكد الناطق باسم الحكومة في ختام اجتماع لمجلس الوزراء أن الدائرة الجديدة ستقود عملاً مكثفاً حول الإصلاحات التي يجب تطبيقها لتقديم اقتراحات وآراء لرئيس الوزراء الجديد. في الأثناء، قال وزير الخزانة البريطاني جورج اوزبورن: إن بلاده هي الوحيدة التي يمكنها أن تحدد موعد بدء إجراءات الخروج من أوروبا بتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة.

وأشار إلى أنه «من المنطقي انتظار رئيس الوزراء الجديد في أكتوبر المقبل قبل القيام بأي خطوة. وأضاف: «في تقديري لا يمكننا تفعيل المادة 50 قبل أن تتضح الصورة لدينا فيما يتعلق بالترتيبات التي يتعين الاتفاق عليها مع جيراننا الأوروبيين».

نبرة تصالحية

من جهته اعتمد زعيم كتلة مؤيدي الخروج المحافظ بوريس جونسون نبرة أكثر تصالحية غير معتادة مع خصوم الأمس، وأكد أن بريطانيا جزء من أوروبا وأن التعاون مع الجيران الأوروبيين سيتعزز. وأكد جونسون في مقال نشرته صحيفة «ديلي تلغراف» أن خروج بريطانيا «لن يتم بتسرع». ودعا جونسون الذي يعتبر الأوفر حظاً لخلافة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون مؤيدي الخروج إلى بناء جسور مع معسكر البقاء حتى لا تظل البلاد منقسمة.

في الأثناء، رأى دبلوماسيان أوروبيان أن بريطانيا قد لا تباشر أبدا آلية خروجها من الاتحاد الأوروبي بالرغم من تصويت البريطانيين على ذلك في الاستفتاء الذي جرى الخميس. وقال الدبلوماسي طالباً عدم كشف اسمه «اعتقادي الشخصي هو أنهم لن يبلغوا أبدا الاتحاد الأوروبي بنيتهم الخروج منه». وأضاف: «نريد من لندن أن تباشر المادة 50 الآن، حتى تتضح الأمور.

وبما أنه لا يمكننا إرغامهم على ذلك، أتوقع بالتالي أن يأخذوا وقتهم»، وتابع: «لا أستبعد، وهذا اعتقادي الشخصي، ألا يفعلوا أبدا».

مشاورات مكثفة

وعقدت الدول القيادية بالاتحاد الأوروبي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا أمس مباحثات أزمة مع رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك في كل من باريس وبرلين لبحث خروج بريطانيا من الاتحاد، وذلك قبل قمة قادة الاتحاد اليوم الثلاثاء التي سوف تستغرق يومين.

والتقى توسك بالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في باريس، وانضما في وقت لاحق للمستشارة الألمانية نجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينز في برلين. وكشفت مصادر أوروبية عن خلاف فرنسي، ألماني حول سبل مواجهة تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد..

حيث تضغط باريس من أجل تفعيل بريطانيا للمادة 50 من معاهدة لشبونة، التي تعني بداية مرحلة تستمر لعامين للتفاوض على مغادرة بريطانيا للتكتل. فيما تطالب ألمانيا بعدم الضغط وترك لندن تقرر مصيرها وحدها.

ودعت فرنسا أمس بريطانيا أن تحدد من سيمثلها حتى يمكن لمفاوضات خروجها من الاتحاد الأوروبي، لكن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بدت كابحة لجماح الضغوط بالقول إنه لا مبرر للتعجل في إجراءات الخروج. وهذا الأمر لم يعجب باريس، حسب مصادر دبلوماسية، حيث دعت برلين إلى الاصطفاف مع خيارات أوروبا وليس خيارات.

في غضون ذلك، رفضت ميركل الاتهام الموجه إليها بأنها تتصرف بشكل متردد رداً على تصويت البريطانيين على خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي. في الأثناء، دعا وزيرا خارجية ألمانيا وفرنسا فرانك فالتر شتاينماير وجان مارك آيرولت في وثيقة مشتركة نشرت أمس في برلين إلى تعزيز التكامل السياسي في أوروبا رداً على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. لكن عدداً من وزراء خارجية دول أوروبا الوسطى في مجموعة فيزيغراد عبروا عن «تحفظات عدة» على الوثيقة.

الهدوء

إلى ذلك، دعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال لقائه وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريتي في بروكسل إلى الهدوء والدفاع عن القيم والمصالح التي قربتنا في المفاوضات حول خروج البريطانيين من الاتحاد الأوروبي.

توقعات

توقعت مصادر دبلوماسية أن يثير رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مسألة تولي بلاده للرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، والمقررة في النصف الثاني من العام المقبل، خلال القمة التي ستجمعه اليوم الثلاثاء مع قادة الدول الأخرى السبع وعشرين. وقال مصدر بالاتحاد الأوروبي، طالبا عدم ذكر اسمه، أتصور أنهم ربما سيسلمون الرئاسة لدولة أخرى. وقال مصدر آخر إنه يمكن التوصل لقرار بهذا الشأن خلال قمة اليوم. وتجدر الإشارة إلى أن رئاسة الاتحاد الأوروبي تتغير بصورة دورية كل 6 أشهر. ومن المقرر أن تتسلم مالطة الرئاسة في النصف الأول من العام القادم.

Email