ألمانيا وفرنسا تضعان خطة لأوروبا قوية وسط عالم من الشكوك

ميركل: لا داعي للقسوة في تسريع خروج بريطانيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

سعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لتخفيف الضغوط من جانب باريس وبروكسل، وحكومتها أيضاً، لإجبار بريطانيا على التفاوض بشأن تعجيل خروجها من الاتحاد الأوروبي، حيث دعت إلى عدم استعمال أسلوب القسوة، في وقت يتوجه مسؤولون أميركيون، اليوم الاثنين، إلى عواصم أوروبية بينها لندن وبروكسل للوساطة في حل الأزمة الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بينما أكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، أن قرار المملكة المتحدة الخروج من الاتحاد الأوروبي يجعل وحدة هذا التكتل أكثر أهمية.

فيما أكد الرئيس فرنسوا هولاند، أن على فرنسا وألمانيا أخذ زمام المبادرة بعد تصويت البريطانيين لصالح خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي.

وقالت أقوى زعيمة في أوروبا، بوضوح، إنها لن تضغط على رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بعد أن أوضح أن بلاده لن تسعى لإجراء مفاوضات رسمية بشأن خروجها من الاتحاد قبل أكتوبر. وربما تكون ميركل الوحيدة من بين زعماء القارة الأوروبية بمحاولتها تخفيف الضغط الساعي لإخراج بريطانيا من الاتحاد.

وأضافت ميركل خلال اجتماع لحزبها خارج برلين: «بأمانة تامة يجب ألا يستغرق الأمر عقوداً.. هذا حقيقي. لكنني لن أقاتل الآن من أجل إطار زمني قصير»، وتابعت: «المفاوضات يجب أن تتم في سياق جيد يشبه بيئة إدارة الأعمال».

من جهته، قال رئيس هيئة العاملين في المستشارية الألمانية يتر ألتماير، إنه يجب إتاحة الفرصة للندن لإعادة التفكير بشأن عواقب خروجها من الاتحاد الأوروبي.

إعادة التفكير

ونقلت شبكة «آر.إن.دي» الصحافية عن ألتماير، قوله: «يجب أن يكون لدى السياسيين في لندن فرصة لإعادة التفكير في عواقب الخروج»، وتابع: «بإمكان بريطانيا لاحقاً التقدم بطلب الانضمام من جديد إلى الاتحاد، لكن هذا الأمر سيستغرق الكثير من الوقت».

زمام المبادرة

من جهته، أكد الرئيس فرنسوا هولاند عشية زيارة لبرلين أن على فرنسا وألمانيا أخذ زمام المبادرة بعد تصويت البريطانيين لصالح خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي.

وقال هولاند لدى تدشين نصب في دان-لي-بلاس (وسط)، حيث أعدم 27 رجلاً رمياً بالرصاص في نهاية الحرب العالمية الثانية، إن «بلداً صديقاً وحليفاً، نقيم معه علاقات كثيرة، قرر الانفصال عن الاتحاد الأوروبي الذي كنا نعتقد أنه ثابت وغير قابل للحل». وأضاف: «من مسؤولية فرنسا وألمانيا أخذ زمام المبادرة لأننا أثبتنا أننا قادرون على بناء صداقة متينة في أجواء التشاؤم والفظاعات والحرب». وتابع: «منفصلون سنتعرض للتفكك والخلافات والنزاعات (...)، معاً لا يمكننا أن نكسب السلام فقط، بل تقدير الرجال والنساء في هذا الاتحاد الرائع الذي نسميه أوروبا».

وثيقة أوروبية

في الأثناء، صاغ وزيرا خارجية ألمانيا وفرنسا، وثيقة من تسع صفحات عنوانها «أوروبا قوية وسط عالم من الشكوك»، واقترحا فيها سياسات أوروبية مشتركة على صعيد الأمن والهجرة، فضلاً عن تعزيز التقارب الاقتصادي.

وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، ونظيره الفرنسي جان مارك أيرو، في الوثيقة التي اطلعت «رويترز» على نسخة منها، إنه «كي نمنع التفتت الزاحف الصامت لمشروعنا الأوروبي، يجب أن نركز أكثر على الأساسيات وعلى الوفاء بالتوقعات الملموسة لمواطنينا».

وحدة قوية

في غضون ذلك، أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، أمس، أن قرار المملكة المتحدة الخروج من الاتحاد الأوروبي يجعل وحدة هذا التكتل أكثر أهمية لمواجهة التحديات المتمثلة في الأزمات التي تزداد تدهوراً في أنحاء العالم. وحذرت موغيريني في تقرير حول «الاستراتيجية الشاملة للاتحاد الأوروبي»، من «أن مصيرنا ووجودنا ذاته بات على المحك، في الوقت الذي يحتاج فيه مواطنونا والعالم إلى اتحاد أوروبي قوي أكثر من أي وقت مضى».

وسيقدم هذا التقرير إلى رؤساء دول وحكومات الاتحاد في قمتهم، الثلاثاء والأربعاء، في بروكسل التي تهيمن عليها الآثار المترتبة على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وأضافت موغيرني في التقرير: «في هذه الأوقات الصعبة، فإن اتحاداً قوياً يعني اتحاداً يحدد الاستراتيجية ويتقاسم الرؤية ويتحرك بالتشاور» بين أعضائه. وتابعت: «بات ذلك أكثر صحة بعد الاستفتاء البريطاني».

وفي التقرير، أشارت موغيريني إلى أهمية طموح إرساء «التعويل على الذات استراتيجياً بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وهذا أمر ضروري للنهوض بالمصالح المشتركة لمواطنينا وأيضاً بمبادئنا وقيمنا». وكان القادة الأوروبيون طلبوا منها العام الماضي استراتيجية شاملة حول السياسة الخارجية والأمن «لمعالجة الأزمات التي تهز أوروبا»، وخصوصا أسوأ موجة هجرة منذ عام 1945.

استبعاد

قال زيجمار جابرييل، نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إن الاتحاد الأوروبي لن يقدم لبريطانيا أي عروض جديدة لتبقى جزءاً منه. وأوضح: «لقد قررت بريطانيا الخروج. لن نعقد مباحثات بشأن ما يمكن للاتحاد الأوروبي تقديمه للبريطانيين ليبقوا فيه».

كي مون يأمل بقاء أوروبا وبريطانيا شريكين أساسيين للأمم المتحدة

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أنه كان يتمنى لو بقيت بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، لكن يجب «احترام» قرار الناخبين البريطانيين بالخروج من الاتحاد، معرباً عن أمله في أن تبقى لندن وبروكسل شريكين أساسيين للمنظمة الدولية.

وقال بان في مقابلة نشرتها، أمس، صحيفة «لو جورنال دو ديمانش» الفرنسية، إن «البريطانيين اختاروا ويجب علينا أن نحترم خيارهم»، معرباً عن أمله في أن «يتم التفاوض بأكبر قدر ممكن من البراغماتية على تطبيق المادة 50 من معاهدة لشبونة التي ترعى آلية خروج دولة عضو من الاتحاد الأوروبي».

وأضاف أن «المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي شريكان قويان وأساسيان للأمم المتحدة، وينتظرنا الكثير من العمل»، مشدداً على أن «الرسالة التي أريدها أن تصل إلى الجميع بالغة الوضوح: عندما نسير معاً نكون أقوى».

وأوضح الأمين العام أنه «من المهم أن تبرهن السلطات (البريطانية) على رغبة حقيقية في الحد من الفوارق الاجتماعية المتزايدة، وأن تكافح حالات الظلم والإفلات من العقاب»، مذكراً بأن «المملكة المتحدة، الدولة القوية والمزدهرة، هي اليوم منقسمة. يجب التقليل من هذه الانقسامات عن طريق تماسك أكبر وحوار جامع».

كما تطرق بان إلى أزمة اللاجئين والمهاجرين. وقال: «سأدعو عشية الجمعية العامة للأمم المتحدة في 19 سبتمبر، قادة دول العالم أجمع إلى قمة استثنائية حول اللاجئين وأزمات الهجرة. الهدف هو أن نضع في التصرف كل مواردنا من أجل معالجة أفضل لهذه الظاهرة على المستوى الدولي».

Email