بريطانيا تنتظر الغرق في غموض طلاق معقد

ت + ت - الحجم الطبيعي

في حال اختارت بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، فسيواجه الطرفان وضعاً غير مسبوق يرغمهما على بناء علاقة جديدة فيها الكثير من أوجه الغموض، بعد زواج استمر أكثر من أربعين عاماً.

في ما يلي استعراض للمسائل المطروحة، من القاعدة القانونية لطلاق محتمل، إلى القضايا التي ستطرح في المفاوضات الجديدة التي سيترتب على بروكسل ولندن خوضها:

الإطار القانوني

نصت المعاهدات على آلية للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، أدرجتها في «بند الانسحاب» (المادة 50) الذي أقرته معاهدة لشبونة (2009). وتحدد الآلية سبل انسحاب طوعي ومن طرف واحد، وهو حق لا يتطلب أي تبرير.

وإذا ما اتخذ القرار، سيترتب على لندن التفاوض بشأن «اتفاق انسحاب» يقره مجلس الاتحاد الأوروبي (يضم الدول الأعضاء الـ28) بغالبية مؤهلة بعد موافقة البرلمان الأوروبي.

ولا تعود المعاهدات الأوروبية تطبق على بريطانيا اعتبارا من تاريخ دخول «اتفاق الانسحاب» حيز التنفيذ، أو بعد سنتين من الإبلاغ بالانسحاب في حال لم يتم التوصل الى أي اتفاق في هذه الأثناء. غير أن بوسع الاتحاد الأوروبي ولندن أن يقررا تمديد هذه المهلة بالتوافق بينهما.

"عشر سنوات من الغموض"

إن كانت آلية الطلاق موجودة، فهي لم تستخدم حتى الآن، ما يثير تساؤلات كثيرة حول المفاوضات التي سيترتب إجراؤها لتحديد علاقة جديدة، بعد أربعة عقود نسجت علاقات متداخلة ومتشعبة ربطت المملكة المتحدة بباقي الاتحاد الأوروبي.

فهل يتعين تحديد هذه العلاقة الجديدة منذ اتفاق الانسحاب؟ أم يجدر إجراء المفاوضات على مسلكين منفصلين؟ يبدو الخيار الثاني مرجحاً أكثر. كما يجدر بلندن تعديل تشريعاتها الوطنية لإيجاد بدائل عن النصوص الكثيرة الناجمة عن مشاركتها في الاتحاد الأوروبي، ولا سيما في مجال الخدمات المالية.

وأوردت الحكومة البريطانية في دراسة رفعت إلى البرلمان في فبراير «من المرجح أن يستغرق الأمر وقتا طويلاً، أولاً للتفاوض بشأن انسحابنا من الاتحاد الأوروبي، ثم بشأن ترتيباتنا المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، وأخيراً اتفاقاتنا التجارية مع الدول خارج الاتحاد الأوروبي».

وتحدثت الدراسة عن «فترة تصل الى عقد من الغموض» ستنعكس على الأسواق المالية أو كذلك على قيمة الجنيه الاسترليني.

السيناريو الأسهل يقضي بانضمام المملكة المتحدة الى ايسلندا أو النرويج، كعضو في «الفضاء الاقتصادي الأوروبي»، ما سيمنحها منفذا الى السوق الداخلية. لكن سيتحتم على لندن في هذه الحالة احترام قواعد هذه السوق الملزمة، بدون أن تكون شاركت في صياغتها، كما سيترتب عليها تسديد مساهمة مالية كبيرة.

ويقضي سيناريو آخر باتباع النموذج السويسري، لكن رئيس القضاة السابق في مجلس الاتحاد الأوروبي جان كلود بيريس الذي يعمل مستشارا رأى أنه «من غير المرجح ان ترغب بريطانيا في أن تسلك هذا الطريق».

وفي دراسة حول سيناريوهات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكسيت)، لفت الى أن سويسرا أبرمت أكثر من مئة اتفاق مع الاتحاد الأوروبي في قطاعات محددة تستثنى منها الخدمات، مشيرا الى ان الاتحاد الأوروبي غير راض اليوم على علاقته مع بيرن.

ومن الخيارات الأخرى المطروحة إبرام اتفاق تبادل حر مع الاتحاد الأوروبي، أو وحدة جمركية كما مع تركيا.. وقال بيريس إنه إذا لم يتم إبرام اتفاق، فإن بريطانيا «ستصبح ببساطة اعتبارا من تاريخ انسحابها، دولة خارجية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، مثل الولايات المتحدة أو الصين».

وأياً كان السيناريو الذي سيطبق، رأى أن أمام لندن خيارين فقط: إما أن تصبح «أشبه ببلد يدور في فلك الاتحاد الأوروبي» أو أن تواجه «حواجز أعلى بين اقتصادها وسوقها الرئيسية».

Email