عودة حذرة للحياة في العاصمة البلجيكية وسط استمرار «الطوارئ»

بروكسل تبقي المطار مغلقاً وتلاحق منفذاً ثالثاً للهجمات

Ⅶ تجمع وسط بروكسل للتعبير عن الحزن على ضحايا الهجمات | إي.بي.إيه

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

كشفت السلطات البلجيكية، أمس، هوية انتحاريين نفذا هجمات بروكسل، قائلة إنهما شقيقان على علاقة بالمشتبه فيه الرئيس في اعتداءات باريس في نوفمبر الماضي، فيما تلاحق مهاجماً ثالثاً.

وفي حين أعلن مدير مطار بروكسل أن المطار سيظل مغلقاً أمام حركة الملاحة اليوم الخميس، بدأت الحياة تعود بخجل إلى العاصمة البلجيكية، وسط استمرار فرض حالة الطوارئ.

وفي التفاصيل، أعلن مدير مطار بروكسل الدولي أن المطار سيظل مغلقاً أمام حركة الملاحة اليوم الخميس، بعد الهجومين المتزامنين اللذين شهدهما أول من أمس.

وبقي المطار مغلقاً أمس، مع إعلان مدير الشركة المشغلة لمطار بروكسل الدولي أرنو فيست في تغريدة له: «لن تغادر رحلات تجارية من مطار بروكسل، ولن تصل إليه الخميس 24 مارس الجاري».

ملاحقة مشتبه

في الأثناء، تواصل قوات الأمن البلجيكية ملاحقة المشتبه فيه الثالث نجيم العشراوي، بعدما أُعلن سابقاً عن اعتقاله والكشف عن شخصين آخرين شاركا في الهجوم وهما شقيقان، في وقت يستمر فيه العمل بحالة الطوارئ، برغم العودة البطيئة للحياة الطبيعية في بروكسل.

وقال المدعي العام البلجيكي إن قوات الأمن لا تزال تلاحق المشتبه فيه الثالث في تفجير المطار، رافضاً الإفصاح عن معلومات إضافية، قال إنها ربما تؤثر في سير التحقيقات.

يأتي ذلك بعدما أفادت وسائل إعلام بلجيكية بأن الشخص الذي اعتقل في بروكسل في وقت سابق أمس ليس هو نجيم العشراوي المشتبه فيه الرئيس في الهجمات، كما أُعلن سابقاً.

وقالت صحيفة «دي.إتش» التي كانت أول من نشر التقرير إنه حدث لبس في هوية الشخص الذي اعتقل في حي أندرلخت.

وكانت الشرطة تتعقب العشراوي، بعد أن رصدته كاميرات المراقبة مع اثنين يشتبه في أنهما مهاجمان انتحاريان نفذا التفجيرات في مطار بروكسل.

وكان التلفزيون الرسمي البلجيكي أفاد بأن السلطات تعرفت إلى هوية اثنين من منفذي هجمات مطار بروكسل، وهما الشقيقان خالد وإبراهيم البكراوي، وتلاحق المشتبه فيه الثالث نجم العشراوي.

وبحسب المصادر الرسمية، فإن الشقيقين كانا يسكنان في بروكسل، وساعدا على توفير الأسلحة لمنفذي هجمات باريس التي وقعت في نوفمبر الماضي.

وأضافت المصادر أن أحدهما كان مستأجراً منزلاً أثناء عمليات البحث عن المطلوب الأول في هجمات باريس صلاح عبد السلام.

الحمض النووي

وقال الادعاء البلجيكي إنه عُثِر على الحمض النووي لنجم العشراوي (25 عاماً) الذي تطارده الشرطة في منازل استخدمها مهاجمو باريس العام الماضي، وإنه سافر إلى المجر في سبتمبر الماضي مع صلاح عبد السلام المشتبه فيه الرئيس في هجمات باريس.

حالة الطوارئ

في غضون ذلك، تواصل السلطات فرض حالة الطوارئ القصوى في البلاد، بينما تعود الحياة الطبيعية تدريجياً في بروكسل، وسط انتشار أمني مكثف، ولا سيما قرب المباني والأماكن الرئيسة.

واتخذت السلطات البلجيكية تدابير أمنية مشددة في عموم البلاد، حيث ألغت جميع الفعاليات والأنشطة الاجتماعية، وأغلقت المدارس والمراكز التجارية ودور السينما والمسارح.

تحذير أميركي

وفي واشنطن، حذرت وزارة الخارجية الأميركية رعاياها من وجود «مخاطر محتملة إذا رغبوا في السفر إلى أوروبا أو عبرها بعد سلسلة هجمات إرهابية».

وذكرت في بيان أن «مجموعات إرهابية لا تزال تخطط لهجمات في الأمد المتوسط عبر أوروبا، مستهدفة مناسبات رياضية ومواقع سياحية ومطاعم ووسائل النقل».

وأضافت أن هذا التحذير يبقى سارياً حتى 20 يونيو المقبل، أي حتى ما بعد بدء كأس أمم أوروبا لكرة القدم لعام 2016 التي تنظم من 10 يونيو إلى 10 يوليو في فرنسا.

وتابعت الوزارة أن الحكومات الأوروبية تواصل العلم للوقاية من الهجمات الإرهابية والقيام بعمليات لمنع تنفيذ خطط هجمات.

وأضافت: «نعمل بشكل وثيق مع حلفائنا، وسنواصل تقاسم المعلومات التي تتيح تحديد التهديدات الإرهابية والتصدي لها مع شركائنا».

بدوره، قال نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إن بلاده مستعدة لدعم السلطات البلجيكية في المعركة ضد الإرهاب ومنع وقوع أعمال إرهابية فيما كثفت شرطة مدينة نيويورك بشكل ملفت للغاية إجراءاتها الامنية المشددة في كافة الشوارع وأمام مباني المؤسسات العامة والمواقع الحساسة.

إلى ذلك من المرتقب أن يعقد وزراء العدل والأمن بدول الاتحاد الأوروبي اليوم الخميس في بروكسل اجتماعا طارئا.

دقيقة صمت

وقد وقف البلجيكيون، أمس، دقيقة صمت، استذكاراً لضحايا هجمات بروكسل. وتجمع آلاف وسط z، ووقفوا دقيقة صمت قطعتها هتافات «فلتحيا بلجيكا»، وتبعها تصفيق الحاضرين.

وشارك في تجمع آخر أمام مقر الاتحاد الأوروبي ملك بلجيكا فيليب والملكة ماتيلد، وكذلك رئيس الوزراء شارل ميشال، ونظيره الفرنسي مانويل فالس، ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.

تأمين المرافق العامة مهمة شاقة

تسلط اعتداءات بروكسل الضوء على مدى صعوبة تأمين القاعات والمرافق الكبرى التي لا توجد قيود على الدخول إليها في المطارات، وكذلك المواقع المكتظة التي تشكل هدفاً يركز عليه الإرهابيون.

واعتبر خبير المطارات لدى «آي اتش اس» بن فوغل أن «طالما أن المجموعات الإرهابية تستهدف الطيران ووسائل النقل بشكل عام فإنه من المستحيل استبعاد المخاطر بـ100 في المئة».

وتابع فوغل ان اعتداء يقع في منطقة غير مؤمنة على غرار مطار بروكسل «يطرح معضلة لأجهزة الأمن التي تركز خصوصاً على التدقيق في المسافرين عند نقاط معينة، والظاهر أن ذلك حقق نجاحاً معيناً لأن الإرهابيين غيروا أسلوبهم على ما يبدو».

والدخول في أوروبا حر إلى قاعات المطارات إذ لا يتم التدقيق في المسافرين وحقائبهم سوى بعد تسجيلها عند انتقالهم إلى المناطق التي تخضع للحراسة.

مهمة صعبة

وبينما يقول الخبراء إنه من الممكن فرض حماية اكبر للأماكن العامة في المطارات إلا أن إخضاع الوافدين للتدقيق صعب عملياً لأن ذلك سيؤدي إلى ازدحام هائل في المطارات التي تزداد حجماً بشكل مضطرد.

بدوره، علق خبير الملاحة الجوية البريطانية ديفيد بنتلي ان «فرض مثل هذا الإغلاق على المطار يتعارض مع انسيابية الحركة منه وإليه. تخيلوا أن تتوقف السيارات على بعد كيلومترات لتخضع للتفتيش. على أي مسافة يجب أن تتوقف تحديداً لتفادي ازدحام هائل للسير؟».

ويشاطره وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف الراي اذ يقول:«لا بد هنا أيضاً أن نكون منطقيين وأن نسعى لتحقيق الحد الأقصى من الفاعلية لأننا إذا فرضنا رقابة على مداخل المطارات سيؤدي ذلك إلى اكتظاظ وشلل الحركة فيها مما سيعطل سير الاقتصاد».

وتابع كازنوف لاذاعة «فرانس انتر»:«وجود طوابير أمام المطار يشكل هدفاً أيضاً للإرهابيين».

وقدر بنتلي: «إذا أردنا أن نكون واقعيين فإن تحسين الأساليب الاستخباراتية وحده هو الأفضل».

خياران

واعتبر مقرر القانون حول الأمن في وسائل النقل الفرنسية جيل سافاري أن «الأمر يتعلق بتضييق إلى أقصى حد النافذة التي يمكن التسلل عبرها».

وتابع سافاري:«لو كان مطار زافنتم حصناً يستحيل دخوله، لاستهدفوا احد الأسواق في بروكسل. وعليه نحن أمام خيار التحصين أو الحياة وبين الاثنين هناك مخاطر».

Email