بلجيكا تسعى إلى وأد التطرف في مهده

■ امرأتان تسيران في ساحة حي مولنبيك في بروكسل | أ.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

في حي مولنبيك في بروكسل تحاول السياسية سارة تورين خوض معركتها الخاصة من أجل إقناع أبناء عائلات بلجيكية بعدم التوجه إلى سوريا للانضمام إلى مقاتلي تنظيم داعش عبر التأكيد لهم أنهم جزء من المجتمع.

الخطوة الأولى ستكون غالباً بإرسال عالم نفس وعالم اجتماع لمحاولة إعادة تأسيس العلاقة بين الشاب المغرر به وعائلته، ثم الانتقال إلى مرحلة التوعية من مخاطر الخيار الذي سيتخذه.

وقالت تورين، التي تشرف على برنامج الوقاية من التطرف في مولنبيك، كما أنها عضو في حزب ايكولو اليساري، خلال تناول الشاي في مقهى عربي راق «يجب محاولة نزع فتيل الغضب لدى الشبان».

وأضافت «علينا أن نؤكد أن لهم مكاناً هنا، أنهم ليسوا مواطنين درجة ثانية، وتقويض حجج المجندين».

وتعرضت بلجيكا لانتقادات شديدة بعد فشلها في اتخاذ إجراءات صارمة حيال التطرف لدى شبابها، في أعقاب اعتداءات باريس الدامية في 13 نوفمبر وأسفرت عن مقتل 130 شخصاً بيد متشددين معظمهم من سكان أو على صلة بأحد سكان حي مولنبيك الفقير الذي يأوي مهاجرين.

من الصعب على العائلات إيجاد وجهة أخرى في هذا البلد الأوروبي الصغير، خصوصاً أنه مصنف في أعلى لائحة الدول الأوروبية لتجنيد «المقاتلين الأجانب» في سوريا والعراق مقارنة مع عدد السكان.

مزيج سام

ويشير قادة المنظمات إلى أن مولنبيك يقدم مزيجاً ساماً من الأسباب التي أدت بالشباب إلى سلوك النهج المتطرف، أبرزها ارتفاع معدلات البطالة، وانعدام آفاق التطور الوظيفي، تعاطي المخدرات، والجنح وعزلهم من قبل الغالبية البلجيكية غير المسلمة.

وما يزيد هذا الوضع تعقيداً أيضاً، هو التهميش السياسي والتراخي الأمني.

ويقول بلال البالغ من العمر 21 عاماً وأحد السكان المسلمين في حي مولنبيك إن المجندين من تنظيم داعش الذي تبنى اعتداءات باريس أقنعوا نحو عشرة من أصدقائه الذكور والإناث للانضمام إلى التنظيم في سوريا.

ويوضح أن هؤلاء المجندين استغلوا الشعور بالذنب لدى أصدقائه حيال «جنون الحياة الليلية» وعلاقاتهم مع الجنس الآخر و«خرق القوانين»، وهو أسلوب الحياة القائم داخل مجتمعات المهاجرين.

ويضيف بلال الذي قاوم عروض التجنيد المتكررة، أنهم يحدثون عن الشعور بالظلم من التدخل الغربي في أحداث الشرق الأوسط. وأكد أن «المجندين يستهدفون الضعفاء».

«أرضية خصبة»، يقول جمال حباشيش المسؤول عن 22 مسجداً في مولنبيك، إن المتطرفين القائمين على عمليات التجنيد بدأوا بتوزيع منشورات في الشوارع والأسواق.

ويضيف أن مولنبيك، الذي ينظر اليه كـ«غيتو» من قبل البلجيكيين، يشكل «أرضية خصبة» للمجندين لجذب الشباب بوعود زائفة حول حياة صالحة.

ويلفت حباشيش داخل مكتبه في مسجد التضامن إلى أن «تنظيم داعش يتبع استراتيجية جهنمية وشيطانية».

ويوضح أن التنظيم «كسب الناس بخطابه حول مساعدة الفقراء والقضاء على الظلم. وبمجرد أن يصلوا إلى هناك يدخلون مرحلة الحرب».

محاولات

ويؤكد حباشيش أن المساجد تعمل مع أشخاص مثل ساره تورين لمحاولة منع تحول الشباب إلى التطرف، لكنها بحاجة إلى مزيد من الأشخاص والموارد.

ويقول إن «هناك أيضاً أعمال الوقاية التي نقوم بها مع أئمة المساجد. فالأئمة يحذرون الشباب (...) قائلين إذا سلكتم هذه الطريق فأنتم تتجهون إلى تدمير حياتكم».

ويوضح اوليفييه فاندرهايغن، أحد مستشاري تورين في برنامج الوقاية، أنه وزملاءه يعملون مع المدارس وأخصائيين اجتماعيين وغيرهم لمحاولة إعادة العلاقات الأسرية والاجتماعية التي كسرها الشباب خلال انجذابهم إلى المتطرفين.

يقول «أولًا، سيقطع الشاب أو الشابة العلاقة مع محيطه، وأصدقائه، ومع مدرسته وناديه الرياضي. وثانياً لن يعود الأماكن العامة نفسها».

ويضيف: «وفي المرحلة الثالثة والأخيرة، سيقطع علاقته مع عائلته».

تؤكد تورين أنها على يقين من أن البرنامج ساعد «عشرات وعشرات وعشرات» من الشباب المسلم ومنعت بعضهم من الذهاب إلى سوريا.

Email