كتاب

«تأشيرات القاعدة.. عطايا من سي آي إيه هزت العالم»

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقدم الدبلوماسي الأميركي السابق مايكل سبرينغمان في كتابه الصادر حديثاً بعنوان «تأشيرات القاعدة.. عطايا من سي آي إيه هزت العالم» شهادةً قال إنها استوحاها من تجربته في وزارة الخارجية الأميركية..

واتهم فيها الأجهزة الرسمية في بلاده بإدارة الجماعات الإرهابية من تنظيم القاعدة إلى داعش. ويشير مؤلف الكتاب في شرحٍ موجز أقرب إلى التشكيك والتساؤل البلاغي إلى أن «معظم الأميركيين يعتقدون أنهم يفهمون الحرب على الإرهاب. نحن نحارب متطرفين متحجري القلب ومتعصبين. نحن الأشخاص الطيبون. أليس كذلك؟».

ويضيف أن «الحرب على الإرهاب أمر أعقد بكثير من معادلة الخير ضد الشر. صحيح أن عناصر القاعدة متعصبون ومتحجرو القلب، لكن كيف وصلوا إلى هذا المستوى من الحضور الدولي والتدريب المتطور؟». ويستطرد مجيباً عن تساؤله:

«لسوء الحظ، يكمن الجواب في برنامج تدريب وتأشيرات تمتد جذوره إلى الحرب الباردة». ويتابع: «بينما دربت الولايات المتحدة ناشطين أصوليين لمحاربة القوات السوفييتية في أفغانستان، ولاحقاً سمحت لهم بالانتقال من البلقان إلى الشرق الأوسط، فإن المخططين المرتبكين في سي آي إيه سلحوا وألهموا عن غير قصد الأشخاص الذين سيصبحون فيما بعد قيادة القاعدة».

حيثيات الكتاب

ويحتوي الكتاب على أبواب عديدة تتناول معطيات وجزئيات مختلفة هي: «دخول كبش الفداء»، «كيف انتهى بي الأمر في وزارة الخارجية؟»، «كيف بدأ الأمر؟»، «إهمال أم تعمد؟»، «البلقان»، «العراق»، «ليبيا»، «سوريا»، و«فلننهِ الأمر إن كان باستطاعتنا»، كما يؤكد مؤلفه أنه قرر إخراجه إلى العلن، لأن «وسائل الإعلام الرئيسية لا تتحدث عن تلك النشاطات بل تدعمها».

ويستطرد شارحاً الحيثيات التي دفعته إلى تأليف الكتاب بالقول إن «النظام القضائي الأميركي منع محاولاتي لمعرفة تحول هؤلاء المقاتلين إلى إطار دولي من الإرهابيين.

وبسبب هذا، قمت بأبحاث وألفت الكتاب، حيث علمت خلالها بأن الحكومة الأميركية استخدمت هؤلاء الأشخاص لزعزعة الاستقرار والإطاحة بالحكومات التي لا تعجبها». ويذكر كذلك أن «الولايات المتحدة، بميزانيتها العسكرية الضخمة ومواردها الاقتصادية واستحواذها على 39 في المئة من حجم إنفاق العالم على التسليح، عمدت إلى مهاجمة دول صغيرة وضعيفة تمزقها التوترات والنزاعات الداخلية». ويستطرد: «بانشغالها بتدمير العالم العربي لمنع الديمقراطية والتطور الاقتصادي من الازدهار، فإن أميركا دمرت نفسها».

ويضرب المؤلف مثالاً على نظريته التآمرية بالرجوع إلى «عملية نورثود» العام 1962 التي تتلخص فحواها بقيام أجهزة الدولة الأميركية بضرب مصالحها وإلصاق التهمة بكوبا لحشد التأييد لغزو الجزيرة، واصفاً العملية بأنها «برنامج عمل» لهجمات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن.

وجهة نظر من الداخل

ويقول سبرينغمان في مناسبةً منفصلة يشرح فيها الكتاب إن مؤلفه «عبارة عن وجهة نظر من شخص عمل في الداخل، وبدأت مع خبرتي بعملي مع وزارة الخارجية». ويضيف أن «الولايات المتحدة كانت تصدر تأشيرات لأشخاص تم إحضارهم إلى أميركا لتدريبهم وجُنّدوا للحرب في أفغانستان ونقلتهم سي آي إيه إلى البلقان ومنها إلى العراق وسوريا وليبيا..

وأصبحوا بعدها في القاعدة وفي نهاية المطاف ما يسمى حالياً تنظيم داعش»، قائلاً إن هناك سياسة اسمها «تأشيرات الإرهابيين» في الخارجية الأميركية، وأن الأمر بدأ معه بـ«طلبات ثم أوامر تلتها تهديدات».

وقال: «سي آي إيه والخارجية كانتا تعملان مع بعضهما بشكل وثيق ولم يشرح أحد ما كان يحصل». ويروي سبرينغمان أن مسؤولاً طلب منه «مقابلة وكيلٍ إيراني للحصول على تأشيرة لكي يزور الولايات المتحدة لمشاورات».

ويضيف أنه من خلال تفحص أوراقه تبين أن «سبق له زيارة الولايات المتحدة وأجاب عن الأسئلة بشكل مقنع وكان سيحصل على التأشيرة بكل الأحوال، واستغربت لماذا لا يقولون لي عن التأشيرات الأخرى التي علمت عنها بعدئذٍ إثر مغادرتي عملي.

ما زلت لا أفهم لماذا؟». ويتطرق كذلك في كتابه إلى حادثة مشابهة حينما رفض منح تأشيرة إلى باكستانيين ادعيا أنهما بصدد زيارة عمل بسبب عيوب في الطلب، قبل أن يُطلب منه باتصالٍ هاتفي من مسؤول أميركي إعطاؤهما التأشيرة.

ويتحدث سبرينغمان في معرض تقديمه لمؤَلفه عن مصلحة واشنطن في جلب الإرهابيين إلى العراق وسوريا، معتبراً أن الأميركيين يعتقدون أنه يجب أن يكون هناك «قواعد للسيطرة في المنطقة». ويضيف: «فكروا أنه لا يمكن إعادة هؤلاء الأشخاص إلى بلادهم أو وقف منحهم النقود، فلنرسلهم إلى مكانٍ لا نحب حكومتها فيه».

ويشير إلى أنه حاول الحديث مع أشخاص في الحكومة الأميركية لكنهم رفضوا الكلام معه، مضيفاً أن «الأميركيين يحاربون داعش لأنهم يريدون إبقاء الخوف حياً وإقناع الناس أننا بحاجة إلى قوات أكبر واستخبارات أكبر ووكالات للتجسس».

اتهام

في كتابه، يقول الدبلوماسي الأميركي السابق إن بلاده «سلحت أكثر من ألفي عنصر من القاعدة في شرق ليبيا كانوا من نفس المنبت وطابقوا نفس نمط المقاتلين الذين حاربوا في أفغانستان والعراق والبوسنة». ويتهم سبرينغمان السفارة الأميركية في بغداد ووزارة الدفاع و«سي آي إيه» بإنشاء الميليشيات الطائفية على مبدأ فرق تسد من أجل نشر الكراهية بين المكونات الأساسية في العراق الأكراد والسنة والشيعة، متحدثاً عن منح الكونغرس وكالة الاستخبارات الأميركية 3 مليارات دولار لإنشاء التشكيلات المسلحة هناك.

Email