بروفايل

الجنرال النيجيري بخاري رئيساً

ت + ت - الحجم الطبيعي

 انتخاب الجنرال النيجيري السابق مهمدو بوهاري ( محمد بخاري) رئيساً جديداً لأكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان (170 مليون نسمة) يعد حدثاً فريداً، ويعتبر تحولاً لافتاً، حيث إن الرجل الذي يعود الآن بالثياب المدنية، كان قد تسلم السلطة في مستهل عام 1984م، حينما انقلب على ( شيخو شاغاري) أول رئيس مدني منتخب في ذلك البلد الغني بالنفط والواقع في غرب أفريقيا.

فرادة تجربة بخاري تعززها أنه كما كان جنرالاً انقلابياً على أول حاكم مدني في بلاده، فهو أيضا أول رئيس يتسلم السلطة سلمياً وبطريقة ديمقراطية، وفوق ذلك أن هذا الجنرال المتقاعد ( 72) عاما، كان قد خاض ثلاثة انتخابات ديمقراطية سابقة، وظل فيها جميعها متميزاً برباطة الجأش في مواجهة تجاوزات وفساد اعترف به رئيس البلاد نفسه، فضلاً عن شهادة المراقبين.

وأخيراً ها هو يعود مكللاً بالنجاح والاحترام، ورغم سابقة انقلابه المشار إليها فإنه يعد من أنقى جنرالات أفريقيا الذين على قيد الحياة من حيث النزاهة والاستقامة.

بخاري ينحدر من أثنية الهوسا التي تعادل ربع سكان البلاد ويشكل المسلمون من هذه العرقية 90% وتقطن شمال البلاد، حيث الفقر والمرض والجهل وحيث (بوكو حرام) الجماعة الدينية المتطرفة قلباً وقالباً، التي تحرم التعليم الحديث، وتعجز أمامها الدولة النيجيرية سنوات طوالاً من دون أن تضع لها حداً.

عدد سكان نيجيريا نحو 170 مليون نسمة موزعين (غالبا) على ثلاث مجموعات عرقية هي الإيبو واليوربا في الجنوب الغني، حيث ملامح الرقي والاستقرار والازدهار وسط المسيحيين، وقد مهد لهم المستعمر المهاد منذ عقود خلت فنهلوا من التعليم والثروة نصيب الأسد.

وإذا كان الرئيس الجديد، سيواجه استحقاق تطهير البلاد من المتمردين الذين نجا في يوليو الماضي من محاولتهم اغتياله في منطقة كادونا، الأمر الذي دفعه إلى الوعد خلال الحملة الانتخابية بالقضاء على بوكو حرام في غضون اشهر فقط، ما رفع أسهمه بين الناخبين في ظل توق الشعب النيجيري إلى الخلاص من هذه الجماعة، فإنه في المقابل سيواجه أوضاعا اقتصادية مبشرة..

فوفقاً لتقديرات معهد ماكينزي العالمي فإن نيجيريا قادرة في الفترة الممتدة حتى 2030 على توسيع اقتصادها بأكثر من 6% سنويا، مع تجاوز ناتجها المحلي الإجمالي لنحو 6 .1 تريليون دولار وهذا من شأنه أن ينقلها إلى قائمة أكبر عشرين اقتصاداً على مستوى العالم. وعلاوة على ذلك، إذا عمل قادة نيجيريا على ضمان شمول النمو فسوف يتمكن نحو 30 مليون مواطن نيجيري من الإفلات من براثن الفقر.

ورغم اعتقاد كثيرين أن نيجيريا تعتمد على اقتصاد نفطي (حيث تصدر أكثر من مليوني برميل يوميا)، فإن الحقائق في الواقع تؤكد أن قطاع الموارد، بما فيه النفط، يمثل نحو 14% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا يعني أنه في حين يظل إنتاج النفط يشكل مصدراً بالغ الأهمية للعائدات والصادرات فإن الاقتصاد النيجيري أكثر تنوعاً مما يفترض كثيرون.

يبقى أن نلامس جانباً مهماً من شخصية بخاري الليبرالية التاي سيكون لها انعكاس على مواقفه السياسية المقبلة حيث أقدم على خطوة تعد شديدة الجرأة وسط مجتمع تقليدي محافظ حينما زوج ابنته إلى مسيحي، الأمر الذي اعتبر تعبيراً يحمل نصف سكان البلاد ( من غير المسلمين) على الاطمئنان من أنه سوف لن يقوم بأسلمة البلاد كما يخشى البعض، والأهم من ذلك أنه يعتبر عدواً عنيداً لظواهر الفساد المختلفة المنتشرة في نيجيريا، ما سيجعله رجل المرحلة في هذا المنعطف التاريخي الذي تمر به بلاده.

Email