تصاعد الحملات الدعائية قبل 48 ساعة من الاستفتاء

استقلال اسكتلندا يهدد مكانة بريطانيا عالميا

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعلن الحزب القومي الأسكتلندي أمس (الثلاثاء) أنه سيصعد حملته الدعائية خلال ال48 ساعة المقبلة، داعيا الاسكتلنديين للتصويت ب"نعم" خلال الاستفتاء المزمع اجراءه يوم الخميس القادم.

وقالت حملة "نعم لاستقلال اسكتلندا" أنها ستوزع خلال اليومين القادمين 2.6 مليون منشور دعائي، وسترفع 300 لوحة دعائية في معظم الشوارع الرئيسية في كل المدن الأسكتلندية، مع الرفع من وتيرة الحملات الاعلانية في الصحف المحلية، بالاضافة الى توجيه 1.2 مليون رسالة بالبريد تستهدف المتقاعدين.

أما حملة "معا أفضل" المعارضة لاستقلال اسكتلندا، فاعترفت أن جهودها الدعائية ستكون أقل مستوى، بحيث تقتصر على 200 لوحة دعائية في الشوارع والساحات العامة، و 1.5 مليون منشور دعائي.يذكر أن اللجنة المنظمة للاستفتاء اشترطت على الحملات الدعائية سقف انفاق لا يتعدي 1.5 مليون جنيه استرليني طيلة فترة الحملات الدعائية التي امتدت على مدار 16 اسبوعا. 

ونقلت صحيفة " التايمز" أمس (الثلاثاء) عن استاذ السياسة في جامعة ستراثكلايد الاسكتلندية قوله:" أن حملة "نعم" نجحت في توظيف اموالها عبر نشر اكبر عدد من اللوحات الاعلانية في الميادين العامة والشوارع الرئيسية، بينما أنفقت حملة "لا" الكثير من الاموال على البحث واستقصاء الاراء". و كتب سام ليث في صحيفة "فايننشال تايمز" أمس الثلاثاء" أن حملة "نعم" نجحت في كسب عقول وقلوب المقترعين لأنها كانت ايجابية في طروحاتها وترغب المقترعين على التصويت لصالح الاستقلال الذي سيحمل لهم ولأبنائهم مستقبلا مشرقا، بينما فشلت حملة "لا" في نيل رضا نسبة كبيرة من المقترعين لأنها تركز على الجوانب السلبية التي ترهب الناس من عواقب الانفصال". 

وتشهد المنابر السياسية والإعلامية البريطانية نشاطا غير مسبوقا يعكس مدى أهمية الحدث الذي ستشهده اسكتلندا بعد يومين. ويقول المراقبون أن الأمر لا يتعلق باستفتاء حول مستقبل اسكتلندا وحسب، بل هو يتعلق بمستقبل المملكة المتحدة بأكملها. وفي هذا الصدد، يرجح المراقبون أن تتراجع مكانة بريطانيا ونفوذها على المستوى الدولي، في حال استقلت اسكتلندا. وقد نقلت صحيفة "التايمز" يوم الأربعاء الماضي، عن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، جون ميجر قوله:"من المرجح أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتخسر مقعدها الدائم في مجلس الأمن في حال تم التصويت لصالح انفصال اسكتلندا". وأضاف ميجر "أن استقلال اسكتلندا فيه اضعاف لدور بريطانيا في العلاقات الدولية، والمنظمات الدولية مثل حلف الناتو، وحتى انه سيؤثر سلبيا على علاقات بريطانيا مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. ويتوقع المراقبون أن تثير دول مثل الصين وروسيا وربما المانيا مسألة أحقية بريطانيا في الاحتفاظ بموقعها كعضو دائم في مجلس الامن يتمتع بحق الاعتراض "الفيتو" وبالتالي تتجدد الدعوات بضرورة إعادة هيكلة مجلس الامن الدولي.

بالمقابل يؤكد الانفصاليون ان اسكتلندا المستقلة حريصة على الانضمام للاتحاد الأوروبي وحلف الناتو وغيرهما من المنظمات الإقليمية والدولية. وبينما يدعي اليكس سالموند، زعيم الحزب القومي الأسكتلندي ان مسألة الانضمام للاتحاد الأوروبي ستكون إجرائية وتنجز خلال 18 شهرا من يوم الاستقلال، لأن اسكتلندا تطبق جميع القوانين والمواثيق الأوروبية، يقول مسؤولون في الاتحاد الاوروبي إن انضمام اسكتلندا المستقلة لن تكون سهلة، لأنها سابقة لم يعرفها الاتحاد، ولكنها لن تكون مستحيلة أيضا. من حيث الشكل يمكن لاسكتلندا تقديم طلب الانضمام كدولة مستقلة. من حيث الجوهر، يحتاج الطلب لموافقة جميع الدول ال28 الأعضاء في الاتحاد، وهنا بالضبط تكمن المعضلة الأصعب، فقد يصطدم الطلب الاسكتلندي باعتراض دولة او اكثر، مثل اسبانيا وبلجيكا وربما النمسا، التي ربما ترفض طلب انضمام "دولة اسكتلندا" المنفصلة عن بريطانيا، حرصا منها على عدم تشجيع الحركات الانفصالية الأخرى الناشطة في اقاليمها (كاتالونيا في اسبانيا و الفلامون في بلجيكا) والتي قد تجد في انفصال اسكتلندا سابقة ناجحة تعزز مطالبها الانفصالية. 

من جهة أخرى، تتزايد مخاوف أوساط المال والاعمال البريطانية من احتمالات تصويت الأسكتلنديين لصالح الانفصال عن بريطانيا وتكوين دولة "اسكتلندا المستقلة". وربما تكون عملية الاستفتاء المقبلة أكبر امتحان مالي لبريطانيا، التي كان ينظر لها المستثمرون كدولة متحدة لا يمكن ان تتجزأ.

ورغم أن هنالك قائمة طويلة من المخاوف والهواجس التي تنتاب بريطانيا من نتائج الاستفتاء، الا أنها تنحصر في ثلاثة مجالات اقتصادية ومالية وهي: الاستثمارات الخارجية في بريطانيا واحتمالات انخفاض هذه الموجودات، احتمال هجرة البنوك متعددة الجنسيات من حي المال البريطاني، واحتمال خفض التصنيف الائتماني السيادي لبريطانيا.
على صعيد الاستثمارات الاجنبية، توقعت مجموعة "نومورا" اليابانية في تقرير صدر الأسبوع الماضي أن تنخفض قيمة الاسترليني بحوالي 15% في حال تصويت الاسكتلنديين بنعم لصالح الانفصال. كما نصحت زبائنها بسحب موجوداتهم من بريطانيا لتلافي الخسائر. و قال جودردان روشيستر رئيس محفظة الاستثمار بمجموعة نومورا" سنرى العديد من الاستثمارات تنسحب من بريطانيا .. هذه لحظات مخيفة".

أما بخصوص الموارد النفطية والديون العامة، فيقول خبراء اقتصاد في الجامعات البريطانية ان اصرار اسكتلندا على الاحتفاظ بموارد النفط ورفضهم تحمل حصة من الدين العام البريطاني الذي يقارب ترليون دولار، سيقود الى هروب المستثمرين من السوق البريطانية. وتعد ملكية احتياطات الطاقة في حقول بحر الشمال من اهم القضايا الخلافية بين بريطانيا وأسكتلندا في حال التصويت ب" نعم" لصالح استقلال أسكتلندا. فمن المحتمل ان تؤول ملكية 90% من احتياطات النفط في بحر الشمال الى أسكتلندا. وتقدر أحتياطات بحر الشمال من النفط بكميات تتراوح بين 15 الى 24 مليار برميل. كما تقدر أحتياطات الغاز الطبيعي بحوالى 198 مليار متر مكعب. ورغم أن هذه الكميات ليست كبيرة، الا انها ربما تمثل نقطة خلاف جوهري بين بريطانيا وأسكتلندا.
 

Email