تحليل إخباري

التقرير الأميركي حول الحرية الدينية يركّز على أقليات المنطقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

صدر قبل يومين التقرير الأميركي السنوي حول الحرية الدينية في العالم، وتولى الوزير جون كيري تقديمه ببيان تلاه أمام الصحافيين.

والتقرير الجديد يشبه تقرير حقوق الإنسان الذي تصدره الوزارة سنوياً أيضاً. وكالعادة شدّد على أهمية هذه الحرية التي كرسها الكونغرس بقانون خاص في أواخر تسعينيات القرن الماضي التي كانت ولا تزال في جوهر الهوية الأميركية منذ البداية.

وأشار إلى أبرز المخالفات وحالات الاضطهاد في بعض الدول، سواء للمسلمين كما في بورما والصين؛ أو لغيرهم كما في تركمنستان وكوريا الشمالية وغيرهما. وكان من الطبيعي أن يتوقف عند ما جرى للمسيحيين في الموصل قبل أيام.

وكان هذا الموضوع نال في الآونة الأخيرة، حصة ملحوظة من الأضواء والاهتمام على الساحة الأميركية؛ برغم طغيان القضايا الملتهبة مثل الطائرة الماليزية والعدوان على غزة، وأثير في الكونغرس كما في وسائل الإعلام من زاوية اضطهاد المسيحيين وترحيلهم من منطقة «داعش».

ومن هذه الجهات ما كان ذا نكهة طائفية، ولم يسبق له أن رفع صوته لمصلحة الملايين الذين أجبروا على النزوح في سوريا والعراق وغيرهما. هي لا شك قضية خطرة. ثمة من وضعها في خانة الجرائم ضد الإنسانية.

بعض الجمعيات والهيئات الأميركية رفعت عرائض إلى البيت الأبيض تطالب الرئيس باراك أوباما بضرورة «مساعدة مسيحيي الموصل لتوفير اللجوء لهم وتخصيص قسم من الأموال العراقية المجمدة لهذا الغرض». لكن الإدارة ليست في هذا الوارد. هي أعربت عن الإدانة والشجب. وانتهى الأمر. أكثر من ذلك ليس لديها غير التذكير بالأساسيات.

الحرية الدينية هي حرية إنسانية وجزء متكامل من دبلوماسيتنا الدولية، كما قال كيري في بيانه. ومن هذا المنطلق، شدّد على أهمية العمل العام الذي يقوم به العقلاء ودعاة التسامح والملتزمون بالقيم الإنسانية العامة، للتصدي لمثل هذا الاضطهاد.

وفي هذا السياق، قدّم كيري الحاخام ديفيد سابرستاين الواقف إلى جانبه الذي اختاره الرئيس أوباما ليكون السفير المتجوّل في مجال الحرية الدينية في العالم. وهذا الحاخام عضو في مجلس الشراكة المبنية على الإيمان والتابع للبيت الأبيض، إلى جانب رجال دين مسيحيين ومسلمين يعملون في إطار السعي للتقارب وتطوير التفاهم المتبادل، بهدف تعزيز التسامح بين الأديان. لكن نشاطه محصور داخل الولايات المتحدة. الرجل معروف بانفتاحه المقبول. لكن تعيينه لا يبدو أنه يخلو من نكهة سياسية.

تمدد سريع

الحديث الأميركي عن قضية الأقليات في المنطقة، يأتي في إطار التداول الأوسع عن الشروخات والنزاعات الطائفية والمذهبية التي تتسم بها الصراعات الجارية في غير ساحة عربية والمرتبطة بشكل أو بآخر مع بعضها. وكثيراً ما يشار إلى هذا الجانب على أنه الأشد خطورة، نظراً إلى طبيعته القابلة للتمدد السريع، بحيث يشمل كل الساحات المعنية، وبما «يجعل الوضع خارجاً عن السيطرة».

 بل ثمة من يقول محذراً إن ما تشهده المنطقة ليس في جوهره غير صراعات طائفية قديمة غير قابلة للمعالجة، ومن ثم ينبغي الابتعاد عنها. خطاب تطغى عليه السطحية الممزوجة بمسحة من التشفي. بكل حال، الاهتمام موجه نحو الصورة الأكبر في المنطقة. لكن من دون فعل.

يطغى على الموقف حالة من التفرج الملغوم، أو المرتبك. أما الأقليات، فمع كل التعاطف الذي يتبدى أحياناً بأشكال مختلفة تجاههم، فإن حصتهم في آخر المطاف لا تتعدّى النداء أو التجاوب لمنحهم حق اللجوء.

Email