أمل القبيسي: السلام هو تحية الإسلام الخالدة ودعوة الأديان السماوية

ت + ت - الحجم الطبيعي

قالت الدكتورة أمل عبد الله القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة في كلمتها بـ "مؤتمر الأزهر العالمي للسلام" الذي يعقد في القاهرة: إن السلام هو تحية الإسلام الخالدة ودعوة الأديان السماوية وقيمة إنسانية غالية راح ضحية غيابها الكثير من الأبرياء من كافة الأديان على حد سواء جراء الحروب والصراعات أو في اعتداءات إجرامية آثمة، مشيرة إلى أن السلام مطلب حيوي وأمر حتمي للعالم أجمع، وهو لن يتحقق إلا بتحملنا مسؤوليتنا تجاه اختلافاتنا الإنسانية، وأن نسعى للبحث عن المشترك بيننا ونقبل المختلف بيننا.

وأكدت القبيسي أن هذا المؤتمر العالمي في حضور رموز وقامات دينية وسياسية وفكرية وثقافية لها جهود وأدوار واضحة في السعي نحو السلام، وهذه الرؤية الحضارية لا يمكن أن تتجسد بشكل أكثر وضوحًا من تجمعنا هنا اليوم، وهو ما يوجب علينا التقدم بخالص الشكر والتقدير والامتنان لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، لدعوته لهذا المؤتمر، منوهةً إلى أنه من المؤشرات الإيجابية أن يُناقَش موضوع السلام بتنظيم من الأزهر الشريف الذي كان -ولا زال- صرحًا عريقًا للاعتدال، وقلعة شامخة للدفاع عن التعايش والتسامح، على أرض مصر الشقيقة، أرض السلام، مهد الحضارة، وملتقى الأديان والثقافات.

وأوضحت القبيسي أن السلام لابد وأن يتحقق بالحوار الذي هو السبيل لبناء المشتركات وتكريس التفاهم وأسس التعايش، فالتعايش ثراء وتنوع وتفاعل حضاري بنَّاء، مشيرة إلى أن لم يعد السلام مفهومًا مرتبطًا بالعلاقات بين الدول، بل بات مطلوبًا وبإلحاح داخل كل دولة على حدة، كونه ركيزة جوهرية للاستقرار والعيش المشترك بين المكونات الدينية والمذهبية والطائفية والعرقية للدول، باعتبار أن الاحترام المتبادل وقبول الآخر ثوابت تنطبق على الأفراد كما تنطبق على الدول.

وشددت القبيسي على أن التنمية وتلبية تطلعات الشعوب تتطلب ثقافة راسخة للتعايش، والذي يوفر بدوره بيئة مجتمعية ملائمة للاستقرار والعمل والإبداع، وأن تأسيس مجلس حكماء المسلمين الذي يترأسه فضيلة الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، يأتي انطلاقًا من إيمان لا يتزعزع بحتمية تعايش الأديان والحضارات والثقافات، وقد لعب منذ تأسيسه دورًا حيويًّا في تقديم الصورة الحقيقية للإسلام في مختلف أرجاء العالم، وتعزيز السلام والتسامح والعيش المشترك والتقارب بين الأديان.

وقالت: إن التطرف والغلو قد أساء للإسلام إساءة كبيرة، ودفع ضريبته المسلمون في مناطق شتى من العالم، مشددة على ضرورة الفصل التام بين الإسلام والإرهاب، وأن يكون الفصل واضحًا لا جدال فيه، دينيًّا وإعلاميًّا وسياسيًّا وفكريًّا، فتخليص صورة الإسلام، بل الأديان جميعها، من براثن الإرهابيين أولوية قصوى لتحقيق التعايش الحقيقي، مشيرة هنا إلى دور القيادات الدينية في مواجهة التطرف والإرهاب وأن الشعوب تنظر إلى القيادات الدينية لتكون بوصلة لقيمها والقيم التي تحكم مجتمعاتها على اختلاف مشاربها، وهذه المسؤولية تفرض على هؤلاء القادة أن تكون مواقفهم الإنسانية والسياسية والدينية درسًا في التوافق المجتمعي، وتفرض مزيدًا من الجهد لتحقيق السلام بين الشعوب.


مدير عام الـ"إيسيسكو": ثقافة السلام هي القاعدة العريضة لثقافة الحوار على مختلف الأصعدة

من جانبه قال الدكتور عبدالعزيز التويجري، مدير عام المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»: إن آيات القرآن الكريم تدل على أن الأصل في التعامل مع غير المسلمين هو السلام والتفاهم، لا الحرب والتخاصم، وقد وردت كلمة السلام بمشتقاتها في القرآن الكريم مئة وأربعين مرة، بينما وردت كلمة الحرب بمشتقاتها ست مرات فقط، مذكرًا بقول الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في رسالته إلى مالك بن الأشتر عندما ولاّه مصر : "الناس صنفان، إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخَلق".

وأوضح التويجري أن ثقافة السلام هي القاعدة العريضة لثقافة الحوار على مختلف الأصعدة، النابعة من الأديان السماوية، وأن السلام هو الغاية المبتغاة من جميع البشر لا فرق بين المسلمين وبين غيرهم من أتباع الأديان الأخرى، فكلهم سواسية في الجنوح للسلم، وشركاء في بناء أسسه والحفاظ عليه، والدفع بالعوارض التي تعوقه، وإزالة الموانع التي تحول دونه، منوهًا إلى أن السلام هو المظلة التي يجتمع تحتها الناس لتقيهم شر النزاعات، وتجنبهم زمهرير التوترات التي تفضي بهم إلى نشوب الحروب والصراعات.

وأكد التويجري أن الأزهر الشريف يمثل منبر الوسطية والاعتدال ويمثل الدين الإسلامي في أبهى صوره وتجلياته، وأن انعقاد مؤتمر الأزهر العالمي للسلام يأتي في ظل تحولات وتطورات متلاحقة تمثل تحديات جسيمة في واقعنا المعاصر، فجاء هذا المؤتمر لبحث هذه التحديات التي تواجه السلام العالمي، ولتدارس السبل الكفيلة بالتغلب عليها، ولوضع خريطة طريقٍ تعزز أمن الأوطان والمجتمعات، وتعمل على بناء القاعدة المتينة للسلم الأهلي، وللوئام المجتمعي، وللعيش المشترك في ظل العدل الشامل، والأمن الوارف، والتوافق الجامع.

البطريريك برثلماوس الأول رئيس أساقفة القسطنطينية: الإسلام لا يوازي الإرهاب ولا يجب ربط الدين بالجوانب السلبية

فيما قال البطريريك برثلماوس الأول، رئيس أساقفة القسطنطينية: إنه خلال عقدين شهدت البشرية هجمات مستمرة تسببت في الموت والأذى لملايين الأشخاص وأصبح التهديد الأخطر في المجتمع المعاصر هو تهديد الإرهاب، مما أسفر عن اتهام -ودائمًا- الأديان صراحةً بالتحريض على الإرهاب والعنف، والأديان من ذلك براء، مؤكدًا أنه يجب أن نُرَوِّج للحوار في مواجهة العنف والهجمات على الكنائس القبطية، من أجل تحقيق التعايش المشترك بين الشعوب.

وأعرب خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الازهر العالمي للسلام، عن سعادته البالغة للمشاركة في هذا المؤتمر مهنئًا الإمام الأكبر على تحليه بالرؤية والشجاعة لينظم هذه المبادرة المهمة التي تروج للسلام بين رموز كافة الأديان، مقدمًا تعازيه لكل الشعب المصري، معبرًا عن أن الأديان قد ارتبطت بالحوار والمحبة واحترام هُويَّة الأفراد وحضارتهم، وإقامة الحوار الهادئ الذي يحقق السلام الذي يؤدي إلى تعميق الحوار وتحقيق الإنجاز للبشرية.

وأضاف البطريرك: إن العالم كله مسؤول عن احترام الكرامة البشرية، والقيم الإنسانية، فالأديان يمكنها أن تخدم كأدوات للسلام والفهم المشترك؛ ولهذا فإن الحوار بين الأديان يعترف بالاختلاف بين التقاليد الدينية المختلفة، معتبرًا أن المؤتمر فرصة عظيمة للتأكيد على أن الإيمان يجب أن يستخدم لتضميد جرح الآخر لا إلى إشعال حروب جديدة، وأن السلام الحقيقي في العالم ليس فقط غياب الحرب بل أيضا غياب الحرية والعدالة والتضامن، ووظيفة الدين أن يرشد الناس نحو القيم والتفاهم المشترك، وهذا هو صلب التقاليد الدينية؛ ولذلك فالإنسانية تستحق المزيد، وهذا هو التحدي الأكبر أمام الأديان.

واختتم حديثه بالتأكيد على أن الإسلام لا يوازي الإرهاب ولا يجب ربط الدين بالجوانب السلبية، بل يجب تعزيز قيم التسامح والعيش المشترك بين البشرية، فالأديان يمكنها أن تكون جسورًا للتعاون والاحترام وتعزيز السلم والتعايش والتعاون بين كافة الأعراق من خلال الحوار بين الأديان، والعنف باسم الدين مرفوض، والأصولية هي مجرد حماسة متزايدة ليست مبنية على المعرفة، والسلام لا يتحقق من خلال القوة بل من خلال الحب والإيثار والتعايش الإيجابي، ويمكننا مواجهة التحديات بالتعاون معًا، فليس هناك دولة أو علم أو دين يستطيع أن يعمل منفردًا، بل يجب التعاون المشترك فمستقبلنا مشترك والطريق نحو المستقبل هو الرحلة المشتركة، فإسهام الدين مهم للغاية في بحثنا المشترك عن السلام، والمطلوب من الأديان إرشاد الناس إلى القيم المشتركة، وعلى الأديان تعزيز قيم التعاون والتعاطف والحب المشترك .

Email