رئيس المعهد الدولي للسلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتحدّث عن التنمية وتطورات المنطقة

نجيب فريجي لـ« البيان »: للإمارات دور كبير في تعزيز السلام العالمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

ثمن رئيس المعهد الدولي للسلام بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا نجيب فريجي دور الإمارات في تعزيز السلام العالمي، مؤكداً أن الدولة «تحتل بشهادة العالم أرقى مراتب التنمية البشرية، وعلى مستوى الاقتصاد لا يخفى على أحد أنها أصبحت قصة نجاح، جعلت منها وجهة رئيسية للمستثمرين ورؤوس الأموال».

وأكد فريجي في حوار أجرته معه «البيان» أن تراجع عملية السلام في الشرق الأوسط تقع مسؤوليتها الأساسية على المعنيين مباشرة وجانب مهم منها على اللاعبين الكبار، موضحاً أن «العالم فوت فرصة تاريخية جسدتها مبادرة الراحل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله حين طرح آنذاك مبادرة سلام عربية مهمة جداً خلال القمة العربية ببيروت سنة 2002». وهذا ما دار في الحوار.

هل نستطيع أن نستشهد بجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للسلام العالمي من خلال مبادرة منابر السلام كمدلول على الجهود العربية الحافظة للسلام بالعالم؟

جائزة السلام هي الطرف المرئي فقط من مخزون كبير للعمل السياسي السلمي للإمارات وخاصة في مجال الدبلوماسية الوقائية والمصالحات بين الإخوة وغيرهم في حالات الخلاف والنزاع، بالإضافة لأبعادها الكونية وأهدافها الإنسانية النبيلة، فالجائزة ارتقت درجات معتبرة في الكونية، وذلك خدمة للسلام العالمي، وتشكل حافزاً يفوق ما سجله العالم إلى حد الآن لمكافأة الأوائل من نشطاء وصانعي السلام.

سيكون لها علاوة على ذلك خدمة لدعم البعد السلمي للحضارة العربية الإسلامية وإشعاعها من خلال تنوع المجالات التي تكافؤها جائزة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، من مجالات العمل الإنساني إلى الدبلوماسية والثقافة والعلم والأديان والحضارية التي تشمل أهم مكونات مسارات العمل السلمي في العالم. وبالتالي نحن نقف معها استراتيجياً ونقدر تخصيصها لأحد أنبل الأهداف الإنسانية وتركيزها على التربية من خلال منابر السلام أمر مهم جداً.

وإعلان العام 2016 سنة للقراءة وتناغم الجائزة مع الإعلان يشكلان مبادرة ذكية أخرى لدولة الإمارات التي تدرك قيادتها أن القراءة والتربية السليمة هما السبيل إلى المعرفة والابتعاد عن معاداة ما نجهل قناعة بأن من جهل الشئ عاداه.

تعزيز السلام

ما رأيك بالدور الإماراتي في تعزيز السلام العالمي؟

الإمارات تحتل بشهادة العالم أرقى مراتب التنمية البشرية، وهي ركيزة أساسية للسلم الاجتماعي الوطني وقس على ذلك على مستوى الاقتصاد ما يؤهلها أن تلعب الدور الملائم في تعزيز السلم العالمي من خلال دبلوماسيتها النشيطة والمحنكة التي سجلت مكتسبات معترف بها إقليمياً ودولياً.

التجربة الديمقراطية التي تشهدها دول الخليج، مقابل المتغيرات التي تشهدها المنطقة، هل ترى بأنها تناسب واقعها الاجتماعي والمذهبي؟

المجتمعات العربية والإسلامية تنطلق من مفاهيم ومبادئ حضارية عريقة، سواء كانت مجتمعاتنا قبلية كما كانت عليه قبل الإسلام، أو بعد دخولها فترة التطور التدريجي ضمن منظومة الكونية الجديدة.

ودخولنا الآن واندماجنا بالمجتمع الكوني الذي يدعو لتطوير المفاهيم الديمقراطية مثلا والتي استنار بها الكون وهي أصلا مستوحاة من ديننا الحنيف السمح، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر (وأمرهم شورى بينهم). وعليه يتوجب الاستناد إلى مخزوننا الحضاري الذي لن ينقرض وتطوير ما جاءت به حضاراتنا وديننا. هو مسار طويل جدا يجب المضي به حسب خصوصياتنا ودون املاءات وتدخلات أجنبية، وهو ما تقوم به سائر البلدان النامية وبلدان الخليج الآن. هناك عمل طويل في انتظار تحقيق النتائج.

كيف تقيم تعاطي الحكومة البحرينية مع ملف حقوق الإنسان؟

انفردت مملكة البحرين إبان انطلاق مجلس حقوق الإنسان بأن تكون أول دولة عربية تدخل تجربة التعامل مع المؤسسات الدولية في تقييم دوري للتقدم المحرز في مسألة حقوق الإنسان، علاوة على ما قامت به المملكة من جهد جبار، إذ كانت أول بلد عربي يفتتح التقييم الدوري لحقوق الإنسان، وكانت قصة النجاح، لكن حصل بعدها تدخلات عدة بغايات مبيتة يتم التعامل معها بجدية، وعليه فالاستراتيجية واضحة ونتائجها ستكون طيبة.

توافق

هل ترى بأن التوافق القائم بين المنظمات الحقوقية الخليجية والنشطاء بمستوى الطموح؟

التوافق قائم وهو مكسب كبير، ولكن يجب ترجمة هذا التوافق إلى عمل مشترك، يذهب إلى المستويات الأعلى والأوسع على المستويين الإقليمي والدولي، وكذلك التشابك مع المنظمات الحقوقية الصادقة التي تعمل بالفعل مع الحكومات لتطوير المجتمع وليس تهديمه بدعوى حقوق الإنسان والديمقراطية وهي مبادئ حق يراد بها باطل أحياناً. وعلى المنظمات الحقوقية أن تكون وطنية وتراعي مبادئ الحوار السليم والتطور التدريجي والسلس وذلك بالارتباط بشبكات حقوق الإنسان ذات المصداقية التي ترفض أن تكون حصان طروادة ومنها تلك التي تعمل في إطار الأمم المتحدة، على مستوى إدارة الإعلام العام أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي. وهي عملية سهلة انصح بها المنظمات الحقوقية الخليجية، والتأكيد على أهمية التشابك مع المشهد العالمي والنظر إليها بدون أي تعقيد، ولأن ليس هناك من يعلم دول الخليج دروساً بهذا المجال.

تتوافق مؤشرات السلام العالمي في السنوات الأخيرة عن عالم أقل سلماً، ما الصعوبات التي تعترض السلام بالعالم؟

هذا الأمر محل إجماع عالمي على الأقل من المنظور الهيكلي الكوني، ولهذا السبب سيقدم معهد السلام للشرق الأوسط وشمال أفريقيا أهم تقرير وتصور نهاية هذا الشهر في نيويورك عشية انعقاد الدورة الـ71 للجمعية العامة للأمم المتحدة والتي سيحضرها رؤساء دول وحكومات العالم ابتداء من منتصف سبتمبر. وسيشرف على هذا التقرير رئيس المعهد الدولي للسلام تاريي لارسن، ورئيس الوزراء الأسترالي الأسبق كيفن رود، وذلك بعد أن ساد شعور بأن منظومة الأمم المتحدة التي بلغت من العمر عتيا وهي عقدها السبعيني والتي رغم بعض الإصلاحات الترقيعية لجهة نجاعتها في خدمة أهدافها الأساسية، السلام والأمن العالميين، أصبحت تحتاج إلى تجديد جذري. إلى ذلك، يجب أن تكون مهمة حفظ السلام ضمن أولويات كل دولة، ولا يجب الاتكال فقط على الأمم المتحدة، وهو ما جعل محو النزاعات المسلحة من على وجه الأرض أمراً صعباً.

دفع السلام

أكد المبعوث الفرنسي الخاص لعملية السلام بالشرق الأوسط بيير فيمونت الشهر الماضي بأن السلام بالشرق الأوسط يكاد يختفي من الأجندات الدولية، هل ترى بأن القرار العربي عاجز عن دفع عملية السلام لآفاق جديدة؟

فوت العالم بأسره عدة فرص تاريخية منها فكرة الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة في خطاب أريحا سنة 1965 للقبول بالتقسيم آنذاك والذي رفضته الغوغائية السياسية التي سادت آنذاك في الشارع العربي، وآخرها مبادرة الراحل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله حين طرح مبادرة سلام مهمة جداً بالقمة العربية ببيروت سنة 2002، ولم تحظ هذه المبادرة بالدعم الدولي المنشود من قبل اللاعبين الأساسيين، وبالتالي لا مجال لوضع اللوم على الوطن العربي مجدداً، خاصة وأن القيادة الفلسطينية أكدت مراراً وتكراراً تمسكها بالحل السلمي، إضافة إلى توقيع أهم بلدان الطوق (مصر والأردن) اتفاقيات تسوية مع إسرائيل، لكنها لم تكتمل في فرض حل شامل ودائم، والمسؤولية تقع على اللاعبين الكبار وليس على بعض أطراف في العالم العربي فقط.

كلفة عالية

تشير الدراسات الحديثة لمعهد العلوم والاقتصاد والسلام باستراليا بأن أثر العنف على الاقتصاد العالمي بلغ 13.6 تريليون دولار، أي ما نسبته 13.3% من إجمالي الناتج المحلي، كيف تقرأ ذلك؟

هذه الأرقام قد ترتقي لحجم كلفة حرب عالمية، يشنها مخططو ومنفذو التطرف العنيف، ويجب على العالم أن يقف وقفة واحدة ضد هذه الكارثة التي إن لم يتم دحرها سوف تكون لها عواقب وخيمة تطول المكاسب الاجتماعية والاقتصادية الكونية، ولهذا خصصت الأمم المتحدة قمة للجمعية العامة تهدف لوضع استراتيجية كونية لمكافحة التطرف العنيف، ويقوم المعهد الدولي للسلام بوضع الخطط الكفيلة المتعلقة بالدبلوماسية الوقائية بهذا الاتجاه.

Email