رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية يستعرض استعدادات بلاده لـتأهيل الكوادر

خالد طوقان لـ «البيان »: العالم لم يتخل عن الطاقة النووية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

عرض رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية د. خالد طوقان لـ «البيان» المراحل التي قطعها المشروع النووي البحثي السلمي المدني في المملكة الأردنية الهاشمية،، وردّ الأدلة على تشكيك المعارضة بجدوى هذا المشروع.

وبينما تعتبر قضيتا الطاقة والمياه في الأردن من القضايا الحساسة للغاية التي واجهت صانع القرار في المملكة التي تدفع ربع ناتجها المحلي لقاء استيراد اكثر من 96 في المئة من احتياجاتها من الطاقة نظرا لندرة مصادرها وارتفاع أسعار الوقود الأحفوري (النفط والغاز) عالمياً، أكد طوقان خلال الحوار مع «البيان» على أنّ نحو 40 في المئة من كهرباء الأردن ستنتج من المحطات النووية مع إمكانية التصدير إلى دول الجوار.

وفي ما يلي تفاصيل الحوار بين «البيان» ورئيس هيئة الطاقة الذرية الذي يستعرض فيه التقدم الحاصل في المشروع النووي البحثي والسلمي المدني.

هل الأردن قادر من حيث الكفاءات على التعامل مع مفاعليْن نوويّيْن الأول بحثي والآخر محطة نووية؟

أخذنا خطة استراتيجية بنفس طويل، فلدينا الآن قسم هندسة نووية تأسس في جامعة العلوم والتكنولوجيا ويدرس فيه الطالب خمس سنوات وهو برنامج مبني على نسق الجامعات الأميركية. والآن نحرص على تدريس الطلبة على كل مفاهيم الهندسة النووية الأساسية بكافة تفاصيلها.

وإضافة إلى ذلك نحن نقوم الآن ببناء مفاعل نووي بحثي في جامعة العلوم والتكنولوجيا مع الكوريين وتكلفته تصل إلى 160 مليون دولار بتمويل قرض حسن من الحكومة الكورية بـ 85 مليون دولار. وهذا المفاعل سيكون اللبنة الأساسية بالإضافة إلى التعليم النظري والعملي للمفاعل كمرفق علمي تجريبي يمارس عليه الطلبة العلوم الخاصة.

وحتى العام الماضي أرسلنا تقريبا 70 مبعوثاً إلى كوريا لتدريبهم على مفاهيم تشغيل المفاعلات وإدارتها وإدامتها. إضافة إلى أنّ لدينا نحو 100 بعثة بين ماجستير ودكتوراه في فرنسا وروسيا والصين وبريطانيا وأميركا. وإضافة إلى ذلك إذا سارت الأمور كما نخطط لها ووقعنا عقد المحطة النووية فنتوقع أن يتم تدريب ألف أردني بين مهندس نووي وميكانيك وكهرباء وغيرها من التخصصات للتدريب على تشغيل المفاعلات.

نحن نهدف إلى تطوير الموارد البشرية، وبناء القدرات والكفاءات الأردنية في العلوم والتكنولوجيا النووية. وتعمل الهيئة على تنفيذ الخطط المناسبة لبناء القدرات والموارد البشرية الأردنية من خلال تدريس البرامج العملية والتدريبية في العلوم والتكنولوجيا النووية بدءا من برنامج البكالوريوس في الهندسة النووية وبرامج الماجستير في الفيزياء النووية والفيزياء الطبية والوقاية من الإشعاع في الجامعات الأردنية.

هل ستكون الخبرات الأردنية المسؤولة عن المفاعلين البحثي والمحطة؟

المفاعل النووي الصغير نحن من سنكون مسؤولين عنه وهو خمسة ميغاوات، أما المحطة الكبيرة فنحن نطرحها الآن مع شريك استراتيجي هو الشركة الروسية ويبدأ عبر المرحلة الأولى من تشغيل المفاعل والتي ستستمر من خمس إلى ثماني سنوات أعتقد أنها ستكون مشروعاً مشتركاً: أردني روسي. لكن نحن ندرب كوادرنا.

ويفترض في المفاعل البحثي أن تكون الكوادر الأردنية مسؤولة عنه وربما يكون هناك صلة مع المتعاقد الكوري لمساعدتنا عبر مهندسين كوريين في السنوات الأولى.. لكن الطاقم كله أردني.

وقعنا عقد إنشاء المفاعل النووي البحثي مع ائتلاف معهد الطاقة الذرية الكوري وشركة دايو بتاريخ 30 مارس 2010 لإنشاء مفاعل نووي بحثي بقدرة 5 ميغاواط في حرم جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية. كما وضع بتاريخ 23 نوفمبر 2010، وبرعاية ملكية سامية، حجر الأساس لمشروع المركز الأردني للبحوث النووية في الجامعة ذاتها إيذاناً ببدء العمل الفعلي في هذا المشروع. وسيكون لهذا المفاعل دور أساسي في بناء وتأهيل وتدريب أجيال جديدة من الباحثين والعلماء والمهندسين النوويين. وسيستخدم هذا المفاعل لإنتاج نظائر مشعة تحتاجها مختلف القطاعات الطبية والصحية والزراعية والصناعية والخدمات النووية في الأردن.

الآن هناك 700 شخص يعمل في المفاعل النووي الأردني البحثي منهم 50 كورياً والباقي مهندسيون أردنيون، ونحن هنا نتحدث عن مرحلة البناء أما عند التشغيل فسنكتفي فقط بـ 90 مختصاً. أما المحطة الكبيرة فيصل العدد الى 12 ألف فني ومختص.

نحن الآن في مرحلة الإدخال في الخدمة وهذه معني فيها الفرق التي تدربت في كوريا الجنوبية، والكوريون مواكبون كل خطوة.

رد على التشكيك

ماذا عن الأمان؟.. المعارضة تتحدث عن أنكم ستأتون بمفاعل نووي مستعمل؟

هذا الجيل الثالث الذي سندخله إلى الأردن بأنظمة أمان متطورة جدا. مع احترامي العالم العربي تفكيره سطحي.. ما سيأتينا مفاعل جيل ثالث مهيأ بأحسن التصاميم، ومبني في عدة دول ومرخص.

هناك معايير تشمل على سبيل المثال لا الحصر مقاومة الهزات الزلزالية، والتصدعات الصخرية، ومعايير فنية وحسابات دقيقة تشمل مياه التبريد والآثار البيئية والتجمعات والكثافة السكانية والمخاطر الناجمة عن النشاطات البشرية وغيرها.

وقعنا عقدا لاستشارات ما قبل البناء لمحطة الطاقة النووية الأولى مع شركة وورلي بارسونز العالمية وبموجب العقد قدمت دراسات جدوى اقتصادية وتقييم تكلفة بناء المحطة النووية ودراسة افضل العروض من الناحية الفنية والمالية واختيار افضل تكنولوجيا للمفاعلات النووية ودراسة إدارة المخلفات النووية والتقييم المالي، إضافة إلى تقديم المشورة والدعم الفني لهيئة تنظيم العمل الإشعاعي والنووي لإعداد الأنظمة والأسس ومعايير السلامة الناظمة لاستخدامات الطاقة النوية لمواقع إنشاء المحطات النووية.

نفي الإشاعات

مجدداً، البعض يقول إنكم ستأتون بمفاعلات مستعملة؟

هذا حكي شوارع. كيف سيكون مستعملاً. لا نريد أن نفكر بمنطق بياع الفلافل. هذا منطق شارع وليس كلاما علميا. هذا الحكي سخيف. ما سيأتينا مفاعل مبني في الهند، ويبنى في دول أوروبية ولديه ترخيص مع المنظمات العالمية المختصة.

صناعة المفاعلات كما صناعة الطائرات لها أجيال. والآن نحن نتحدث عن الجيل الثالث وهو ما استفاد من الحوادث المتكررة. وهو الأحدث. ثم انه يحمل شهادات مرخصة، وأهم من ذلك، يجب ان يكون لدي وهو يبنى مختص بخبراء وشركات دولية تراقب كل شيء، وخلال التشغيل الأولي والتجريبي، والتشغيل الكامل.

يقال إن الدول الأوروبية تخلت عن صناعة المفاعلات النووية وإنها تتجه نحو التخلي عنها نهائيا؟

مرة أخرى، هذا الكلام ليس صحيحا. هناك خريطة نووية للعالم معروفة.

هذه الأسئلة أجبت عنها مئات المرات. يجب أن نتذكر ان العالم لديه 440 محطة نووية عاملة الآن. ومن بين الدول الموجودة فيها ألمانيا، وهذه المحطات موجودة في 32 دولة، وهناك 72 محطة قيد الإنشاء الآن، منها 29 محطة في الصين، و8 في كوريا، و9 في روسيا، و6 في الهند، وفي الولايات المتحدة 4.

من المعروف أن أكبر دولة تشغل محطات نووية في العالم هي الولايات المتحدة إذ 19 في المئة من كهربتها نووية، وثاني دولة هي فرنسا وتشغل 65 محطة نووية تقريبا، وتنتج 78 في المئة من طاقتها الكهربائية. أما ألمانيا، فـ 15 في المئة من طاقتها الكهربائية نووية.

في حال تشغيل المحطة النووية في الأردن كم ستنتج كهرباء؟

40 في المئة من كهرباء الأردن ستنتج من المحطة النووية. ونحن الآن في مرحلة الدراسات النهائية لكل ما يعنى بالمحطة ومنها الأثر البيئي، ولسوق الكهرباء، وغيرها، ثم نعيد تدقيق دراسة الجدوى الاقتصادية بالتفصيل، بحيث نعطي الحكومة سعر الكهرباء بالفلس. وعلى ضوئها يؤخذ قرار الاستثمار. وبعدها، من الآن وحتى نهاية 2016، سنبدأ العمل. ونحن هنا نتحدث عن مفاعلين، الأول سيشغل في منتصف 2022 تقريباً.

مخزون اليورانيوم

ماذا عن خامات اليورانيوم في الأردن؟

يتمتع الأردن بمخزونات غنية من مصادر اليورانيوم. والمملكة تمتلك حسب تقديرات سلطة المصادر الطبيعية حوالي 65 ألف طن من مصادر أكسيد اليورانيوم في وسط الأردن. وهناك مؤشرات عدة لوجود خامات اليورانيوم في عدة مناطق من الأردن ويتطلب تحديد كميات الخامات جهوداً كبيرة من الاستطلاع والتحري والاستكشاف.

وتعتبر مخزونات اليورانيوم هذه استراتيجية للأردن كونها ستعزز أمن التزود بالوقود النووي لتوليد طاقة نووية وإعطاء الأردن الاستقلالية في مجال توليد الطاقة.

وكان استكشاف اليورانيوم من قبل الشركة الأردنية الفرنسية لتعدين اليورانيوم (JFUMC) في منطقة وسط الأردن خلال الأعوام 2009-2011.

تغيير التنقيب

لماذا أنهت الهيئة اتفاقية التعدين مع أريفا الفرنسية؟

خلصت نتائج المدقق المستقل إلى أن القياس الراديومتري قلل من تقدير مصادر اليورانيوم في منطقة وسط الأردن بشكل مجحف. ويجب على الهيئة متابعة الجدوى الاقتصادية الكاملة لتعدين اليورانيوم.

إن متوسط مستوى اليورانيوم متوقع ما بين 200 و250 جزءاً بالمليون بمصادر أقلها 20000 طن في الطبقات السطحية وحدها، وهناك مناطق في وسط الأردن تحوي على أماكن لتوضعات يورانيوم عالي التركيز نسبيا ما لم يتم تغطيتها من قبل نشاطات الحركة.

هناك كميات يورانيوم في وسط الأردن أكثر من المعلن عنها !

الشركة فشلت في التوصل إلى نتائج مهمة، كما فشلت في إبداء رغبتها في تصحيح نتائجها غير الدقيقة، كما في إحراز تقدم ملموس خلال العام 2012.

*استكشاف اليورانيوم

ماذا عن الشركة الأردنية لتعدين اليورانيوم؟

تم إطلاق الشركة الرسمية في يناير 2013. وتهدف إلى استكشاف اليورانيوم في وسط الأردن بما يتفق مع المعايير الدولية وتمكن من تقدير مصادر اليورانيوم الأصلية التي تتوافق مع لجنة مصادر الخام المشتركة (JORC)، وتطوير التصنيع للخام للتوصل إلى تطوير مشروع تعدين على مستوى تجريبي، والانتهاء من دراسة جدوى اقتصادية بهدف إنتاج الكعكة الصفراء (U3O8) في وسط الأردن باستخدام المصادر الطبيعية، إضافة إلى تأمين التمويل اللازم لإطلاق مشاريع تعدين على مستوى كامل للتمكين من إنتاج 1400 طن متري من الكعكة الصفراء سنويا.

بدأت الشركة الأردنية لمصادر الطاقة (المملوكة بالكامل لهيئة الطاقة الذرية الأردنية) التنقيب واستكشاف اليورانيوم في وسط الأردن في العام 2008 بالتعاون مع شركة اريفا. وقامت الشركة بالعمل بشكل موازٍ على تحديد وتسويق احتياطي اليورانيوم في مناطق أخرى وتوضع خام اليورانيوم أمام الشركات الاستثمارية. ومن خلال عملية الاستكشاف التي قامت بها الشركة اكتشفت خامات اليورانيوم في منطقة الحسا.

وأثبتت الدراسات أن الأردن يمتلك كميات مهمة من مخزون أكسيد اليورانيوم وخاصة وسط المملكة.

وكانت الشركة الأردنية الفرنسية لتعدين اليورانيوم أعلنت في بيان صدر في العام 2012 أن احتياطات المملكة المؤكدة من اليورانيوم وسط الأردن تتجاوز الـ 20 ألف طن من معدن اليورانيوم وتعتبر مخزونات اليورانيوم هذه مخزونات استراتيجية للأردن كونها ستعزز أمن التزود بالوقود النووي في المستقبل.

خطة طويلة الأجل

 

 

يتكوّن البرنامج النووي الأردني من مشروعين رئيسيّيْن: مشروع إنشاء محطة الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء وإزالة ملوحة المياه باستخدام المفاعلات النووية، ومشروع استغلال الثروات النووية الطبيعية الموجودة في الأردن. وهو جزء من خطة طويلة الأجل هدفها أربعة مفاعلات نووية للطاقة السلمية خلال العقدين المقبلين ستستفيد منها الدول المجاورة للأردن.

ويتضمن البرنامج النووي الأردني بناء مفاعل بحثي بقدرة 5 الى 10 ميغاوات ليكون جزءا مهما من البنية التحتية للتكنولوجيا النووية ونقطة الارتكاز لمركز العلوم والتكنولوجيا النووية. وسيستخدم المفاعل البحثي لتدريب جيل جديد من العلماء والمهندسين النوويين، ولتقديم الدعم لمختلف الخدمات الطبية والصحية والزراعية والصناعية.

وتخطط الهيئة لبناء مفاعل ثان ما بين عامين وثلاثة أعوام من بدء العمل بإنشاء المفاعل الأول يرتبط عمله بتزويد مشروع لنقل المياه من البحر الأحمر بالطاقة الضرورية لتحليتها وضخها.

وتشتمل الخطة طويلة الأجل للبرنامج النووي على أربعة مفاعلات نووية للطاقة السلمية خلال العقدين المقبلين والتي لن تولد احتياجات الأردن من الطاقة الكهربائية فقط، بل ستمكنه أيضا من تصديرها للدول المجاورة.

يعتبر اختيار المفاعل لمحطة الطاقة جزءا هاما من البرنامج النووي، لهذا فإن الهيئة تنظر بالتحديد إلى الجيل الثالث من المفاعلات التي تتمتع بأحدث المخرجات التكنولوجية وتتميز بآخر ما توصلت إليه من أساليب وتقنيات السلامة والأمان.

وتأخذ الهيئة بعين الاعتبار عددا من الميزات والخصائص التي تتضمن الكلفة، والسلامة، والمقاييس العالمية، ودورة الوقود، ومتطلبات التبريد، والقدرة على خدمة الصناعات المرتبطة، وغيرها من المعايير الفنية والتكنولوجية.

وترى هيئة الطاقة الذرية الأردنية ستة تحديات رئيسية يجب التعامل معها ومواجهتها من أجل المضي قدما بتطوير برنامج الطاقة النووية، وهي: استغلال خامات اليورانيوم، والتمويل، ودورة الوقود النووي وإدارة النفايات، واختيار تكنولوجيا المفاعل الملائمة وتطبيقها، وتطوير الموارد البشرية، وجاهزية الدولة والبيئة السياسية. وتعمل الهيئة على مواجهة هذه التحديات من خلال إجراءات تتضمن دراسة أشكال الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والاستعانة بمشغل نووي دولي له سجل مضمون في الأمان النووي والكفاءة التشغيلية. وهذا من شأنه تقليل الاعتماد على تمويل مباشر من خزينة الدولة وتجنب إرهاقها بأعباء إضافية.

وكذلك تبذل جهود حثيثة لتعظيم الفائدة الوطنية من خامات اليورانيوم من خلال تأسيس شركات استثمارية مشتركة لاستغلال هذه الخامات للاستخدام المحلي وللتصدير، بالإضافة إلى التعامل مع مختلف القضايا المتعلقة بدورة الوقود النووي والتخصيب والمخلفات.

أما على مستوى الموارد البشرية، فباشرت الهيئة بالاستثمار في تدريب وتأهيل الكوادر العلمية المتخصصة من مهندسين وفنيين في مختلف المساقات. كما عملت على الاستثمار في الدراسات وفي مختلف متطلبات البنى التحتية اللازمة لانطلاق هذا المشروع الوطني الطموح استعدادا لمواجهة تحديات القرن الـ 21.

Email