وزير الصيد البحري والموارد المائية الجزائري لـ «البيان»:

جادون للنهوض بالصيد لضمان الأمن الغذائي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد وزير الصيد البحري والموارد المائية الجزائري سيد أحمد فروخي، رهان بلاده على النهوض المتكامل بقطاع الصيد لضمان تحقيق دعم مجال الأمن الغذائي، وكشف عن حراك لتفعيل 10 آلاف مشروع صيدي لخلق 30 ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة، ضمن خطة تمتد إلى آفاق عام 2030. وفي حوار خاص مع «البيان»، ركّز الوزير على اهتمام بلاده بدفع منظومة تربية المائيات، بجانب السعي للاندماج في منظومة صيد عربية شاملة، وتناول في حديثه موضوعات شتى وتطرق إلى جوانب مهمة ترتبط بالمستقبل، وهنا النص الكامل للحوار:

كيف تقارنون وضع قطاع الصيد حاليا في الجزائر ومكانته مع دول البحر الأبيض المتوسط؟

شهد قطاع الصيد البحري قفزة نوعية خلال الستة عشر عاما الأخيرة، على نحو ارتفع معه رقم أعمال شرائح الانتاج الصيدي إلى 46 مليار دينار في السنة اي نحو 460 مليون يورو، وصار الأسطول الوطني يستوعب 4580 وحدة مع 43469 من البحّارة المسجلين عبر الموانئ ومواقع الرسو. وجرى إنشاء عدة مزارع ومؤسسات إنتاجية نموذجية، واقتناء سفينة علمية للبحوث البحرية، فضلا عن وضع رزنامة من النصوص القانونية والإجراءات الإدارية وترتيبات الضرائب في سبيل استحداث نسيج من الشركات الناشطة في مجال تربية المائيات إنتاجا، وتحويلا وتصنيعا.

وتعدّ المكانة الحالية لبلادنا متميزة متوسطيا مقارنة بـ23 دولة تنتمي إلى البحيرة وتغطي 45.500 كلم من السواحل، فالجزائر تمثل 1/5 من المسجّلين البحريين و12% من مناصب العمل، و12% من مجموع الكميات المصطادة و27% من الإنتاج المتركّز في السمك الأزرق، إضافة إلى أنّها تشكّل 5% من مجموع الأسطول المتوسطي و30% من الأسطول المتوسطي الخاص بصيد الساردين.

ماذا عن مخطط النمو الأزرق لتنمية شعب الصيد البحري وتربية المائيات بحلول عام 2020؟

يرتكز المخطط على حزمة أولويات يتصدرها تنفيذ برنامج عمل الحكومة للفترة من 2015 – 2019، ويتضمن تفعيل 10 آلاف مشروع صيدي وخلق 30 ألف فرصة عمل لاستيعاب بطالة الشباب في السنوات الخمس المقبلة، بجانب تمكين المتعاملين من عدة تدابير تحفيزية كنظام مرافقة المستثمرين، وترقية تربية المائيات، مع برنامج عمل نوعي في مجال التكوين وتقوية البحث العلمي.

وينبثق المخطط من مقاربة استشرافية إلى عام 2030، ويعتمد على مشاركة واسعة مع مختلف الفاعلين، ويتيح أيضا فرصا حقيقية للشراكة والتبادل والتعاون العمومي والخاص، بغرض المساهمة الفعّالة في توطيد الأمن الغذائي المستدام، وتوفير منتجات ذات نوعية صحية للمستهلكين، مع المحافظة على ثروات الصيد في إطار جاد ومسؤول.

تربية المائيات

ما هي أولويات قطاعكم في المرحلة المقبلة؟

نهتم بترقية شعب الصيد البحري وتربية المائيات، مع توجه خاص نحو إدماج الموارد وديمومتها، والمحافظة على فرص العمل واستحداث أخرى جديدة، وسنركّز على تحسين تموين السوق المحلية بمنتجات ذات نوعية أفضل وايجاد وفرة أكبر من الأسماك للمستهلكين، مع وضع أجهزة للمساعدة عبر ألف مشروع لدعم الإنتاج ووسائله المختلفة.

ونتجه لتوطيد الحكامة وترسيخ التسيير التشاركي، وخدمة وتنمية القدرات، وإنماء الاقتصاد الإنتاجي الوطني من خلال الصيد المسؤول، وتنظيم التسويق، وتربية مستدامة للمائيات، مع مضاعفة الإنتاج إلى حدود ربع مليون طن، واستحداث 100 ألف وظيفة، تأهيل وتحديث 2500 سفينة صيد، وإطلاق 350 مشروعا لتربية المائيات، مع تجهيز 44 هيكلا لتسويق منتجات الصيد البحري وتربية المائيات، وإنجاز 14 مخططا لتهيئة وتسيير المصائد.

طرح متعاملون وخبراء عدة تساؤلات بشأن تربية المائيات وصيد التونة، ما خططكم في هذا المجال؟

هناك ما لا يقلّ عن 456 موقعا صالحا لتربية المائيات، ويتعلق الأمر بمزارع بحرية دخل بعضها مرحلة الإنتاج الفعلي، ويجري تشجيع ناشطي القطاع الصيدي على استغلال تلك المواقع بحسب خصوصية كل منطقة من أجل ضمان فعالية العملية، وتربية أسماك يكثر الطلب عليها محليا، وتتميز بفائدتها الغذائية الصحية بينها بلح البحر والجمبري. وأسهم نجاح تجربة أولى تمّ خلالها استزراع 6800 من بيض أسماك «الشبوط والبلطي» عبر 13 حوضا، في إغراء مستثمرين في القطاع الخاص بجدوى تعميم التجربة وممارستها بكثافة.

واستنادا للتجارب المعاشة في العقد الأخير وما اتسمت به من إنتاج لم يتعدّ المائة ألف طن وبواقع استهلاكي بحدود خمسة كيلوغرامات للفرد سنويا، باتت تربية المائيات التحدي القادم، وهو رهان نرفعه بقوة لإنتاج 5 آلاف طن من الأسماك في المياه العذبة ومياه البحر، بهدف إنتاج 18 ألف طن واستحداث ألف فرصة عمل مباشرة ونسعى حاليا لتجسيد 18 مشروعا تتوزع على تربية الأسماك في الأقفاص العائمة وإنشاء مؤسسات تربية الأصداف، كما نخطط في أفق 2020 لإنجاز 400 مشروع تشمل كل شعب تربية المائيات بما يضمن بين 78 إلى 80 ألف طن وتوفير 10 آلاف وظيفة دائمة.

أسماك التونة

ماذا عن المستقبل بمجال المشروعات؟

وضعنا برنامجا واسعا على المديين القصير والمتوسط، الأول يمتد إلى العام المقبل، ويتضمن 23 مشروعا، ولدعم هذا البرنامج، أطلقت الدولة 10 مشروعات نموذجية تنهض برهاني التكوين والارشاد، على منوال ما هو حاصل في ضاحية «بوسماعيل» وسدود «بوكردان، بابار، القصر، حريزة بعين الدفلى، بوقايس» وغيرها، في خطوة مزدوجة تنفتح على المستثمرين الخواص وتمكنّهم من تربصات لرسكلة دائمة. وتشكّل أسماك التونة ذات الزعانف الزرقاء، ثروة حقيقية في الجزائر، وتبلغ 243 طنا، وستكون السنة الحالية منعرجا حاسما، حيث سنبحث الصعوبات التي تعيق نشاط الصيد في كل ولاية، والتكفل بحسم المشاكل مع كل القطاعات المعنية، وإرساء بنية المشاريع وربطها لضمان انسجام أكبر، مع بعث المشاريع المقررة قبل 2014.

شهد القطاع السمكي حضورا أكبر للشباب عبر توليفة «لقاءات ما بين المهن»، كيف تتصورون القادم؟

عقدنا تسعة لقاءات كاملة ما بين المهن حول دعم استثمارات الشباب والنشاطات المعيشية، ناهيك عن التكوين والبحث، والتنسيق بين القطاعات، وما يتصّل بالتعاون المتواصل. ونتصور باستحداث الصندوق النموذجي الخاص بمنتجات الصيد البحري، فضلا عن الاعتناء بسيرورة مؤسسات تصنيع وتصليح السفن، إضافة إلى لقاء بين مستثمري تربية المائيات في البحر ومصلحة حراس السواحل، ودعم غطاسي وصيادي ومحولي وباعة المرجان الأحمر. ونعمل على تحسين الإطار الاجتماعي للبحارة ومنح الكثير من الفرص لتطوير القطاع ومساعدة المهنيين، وايلاء أهمية أكبر مستقبلا للأقفاص العائمة أو ما يعرف بالزراعة في البحار المفتوحة، حيث يكون المهنيون أوائل المعنيين، بما يكفل حماية اجتماعية لناشطي القطاع وتطوير الصيد البحري بشكل تام.

احتضنت بلادكم قبل أشهر المؤتمر العربي الخامس للموارد السمكية والأمن الغذائي، وجرى تتويج ذلك باستراتيجية مشتركة، إلى أي مدى أنتم متفائلون بتحقيق نتائج تبقى على مستوى التطلعات؟

حرصنا على احتضان المؤتمر كان نباعا من قناعتنا قيادة وحكومة، بالدور المحوري الذي يجب أن تلعبه نشاطات الصيد البحري وتربية المائيات في الاستراتيجية العربية، لتحقيق وتعزيز الأمن الغذائي العربي.

وحقق نجاحا باهرا، واعتمدت أرضية الجزائر وثيقة مرجعية، زكّتها جميع الوفود، وجرى التوافق كذلك على وضع آليات إجرائية ترتكز على المقدرات الطبيعية والبشرية التي تتمتع بها الدول العربية، من حيث تنوع الثروات البحرية، وتلك الناتجة عن الاستزراع والتربية المكثفة، والثراء البشري والخبرات العلمية والتقنية، ما يستوقفنا للنظر في كيفيات تطوير السياسات العربية، والتفكير بواقعية في تنمية التبادلات التجارية البينية، والاستثمارات العربية العربية. وبات من الواجب عربيا العمل المشترك لوضع آليات إجرائية تضمن تشجيع الاستثمار والأمن الغذائي في الوطن العربي، والأمر لا يقتصر على الاقتصاد والاستثمار، بل يشمل القطاعات الداعمة، وعلى رأسها البنوك وشركات التأمين، ومراكز البحث العلمي والجامعات، وذلك يفرض تطوير عدة جوانب عملية وتطبيقية وعلى أكثر من صعيد.

وأمام اعتماد العالم اليوم في تغذيته من الأسماك، على جلب المنتجات من خارج المصائد الوطنية، يتعين على الدول العربية العمل سويا من أجل فرض أنفسنا في هذا الحراك.

الأمر يتطلب تحرير المبادرات في سبيل الاستغلال الرشيد والمستديم للثروات السمكية، وتعزيز الأمن الغذائي، هل من تدابير ملموسة؟

وضعنا مخططات للتسيير المستديم والمسؤول، وتعزيز العمل المشترك، وتشجيع الاستفادة من التجارب الرائدة إقليميا ودوليا، وتأسيس شبكة عربية للبحث والتطوير، وإنشاء إطار إقليمي للتنسيق والتشاور، وتوجيه الاستثمارات العربية نحو الصيد البحري وتربية المائيات، وتلك مُرتكزات خلق تنمية حقيقية.

وتوج المؤتمر الجهود المبذولة لسنوات من قبل الناشطين في الصيد وتربية المائيات على مستوى المنطقة العربية، من حكومات، تنظيمات ومتعاملين اقتصاديين بالقطاعين العام والخاص، الذين عملوا جميعا على النهوض بهذا المورد الاقتصادي المهم إلى مستوى يستجيب لتطلعات شعوب المنطقة، والإسهام في ضمان الأمن الغذائي ومنح قيمة مضافة لاقتصاديات الدول العربية الـ22.

الاستثمار في الصيد

ذكر الوزير فروخي ان اللقاء العربي المشترك أمن على تأسيس الشركة العربية القابضة للأسماك، للاستثمار في مجال الصيد وتربية المائيات، وتعنى أيضا بدفع الاستثمارات الاقليمية في هذا المجال، وتحرير المبادلات والتكامل بين مختلف شُعَب القطاع العربية.

Email