مفوض الرئيس الأوكراني لشؤون التتار لـ«البيان»:

روسيا هجّرت 10 آلاف من القرم

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في حوارٍ هو الأول من نوعه مع وسيلة إعلامية عربية، كشف مفوض الرئيس الأوكراني لشؤون تتار القرم والرئيس السابق لـ«مجلس شعب تتار القرم» مصطفى جميلوف لـ«البيان» أن روسيا هجّرت أكثر من عشرة آلاف من شبه الجزيرة بعد ضمها العام الماضي، مبدياً أسفه في الوقت ذاته لموقف منظمة التعاون الإسلامي، في حين أثنى على موقف العهد الجديد في كييف. وإلى نص الحوار:

كيف تقيمون وضع تتار شبه جزيرة القرم بعد ضمها من قبل روسيا؟

تم ترحيل تتار القرم والعديد من الشعوب المسلمة من شمال القوقاز مع نهاية الحرب العالمية الثانية بحجة مواقفهم المعادية للسوفيت بينما كان السبب الرئيسي مختلفاً بطبيعة الحال. فالترحيل لم يكن إلا استكمالاً لسياسة الإمبراطورية الروسية بطريقة أكثر فجاجة ولا إنسانية اتخذت شكل تطهير ضد السكان الأصليين في الأراضي المحتلة وتوطين الروس بدلاً منهم.

واليوم، وبعد احتلال القرم من روسيا الاتحادية في مارس العام الماضي، يمكننا أن نلاحظ الاتجاه نفسه الذي طبق بعد أول احتلال من قبل الإمبراطورية الروسية في 1783.

من الواضح أنه ليس هناك طرد جماعي كما حصل في 1944، لكن كما في أول احتلال، تمارس روسيا ضغطاً قوياً جداً على مسلمي القرم بحيث لا تترك لهم خيارات سوى الفرار من وطنهم. وعلى مدى العام الماضي، وقعت 120 مداهمة على المنازل والمساجد وتخريب للمساجد، فضلاً عن اعتقال العشرات بناءً على اتهامات لا أساس لها، وخطف وقتل ما يزيد على 20 شخصاً، بالتوازي مع ارتفاع حاد في مشاعر الشوفينية الروسية.

والأهم من ذلك، فإن التتار يعيشون اليوم تحت حكم حافل بذكريات الحقبة السوفيتية. وفي وقت لم يتمكن جميع التتار من العودة إلى أرضهم بعد 1944، فإن أكثر من عشرة آلاف أجبروا على المغادرة بعد 2014 بسبب الظروف التي لا يمكن احتمالها والملاحقة من قبل السلطات. وهناك مخاوف من أن هذه السياسة ستستمر وتتكثف.

العالم الإسلامي

ما هو مستوى الدعم الذي تلقيتموه من منظمة التعاون الإسلامي؟

إن المساعدة الأساس التي يحتاجها تتار القرم حالياً هي تشجيع تحرير أرضهم من الاحتلال الروسي عبر الدبلوماسية لا الحرب لأنهم سيكونون معرضين للتمييز والملاحقة تحت حكمه. نأمل في أن تجبر العقوبات المحتلين على المغادرة، لكننا لم نر مستوى من التضامن مع الأسف من الكثير من الدول الإسلامية.

ففي تصويت للجمعية العمومية في الأمم المتحدة 27 مارس العام الماضي يدين ضم القرم والاستفتاء الخاص به، لم يصوت سوى 22 بلداً عضواً في منظمة التعاون الإسلامي وامتنع 21 عن التصويت وغاب 11، فيما صوتت سوريا والسودان لصالح الضم، وإن كان منطقياً فهم سبب تصويت سوريا، التي لن يصمد نظامها شهوراً من دون دعم موسكو. وفيما تخرج تظاهرات كبيرة بشأن كتب أو أفلام معادية للإسلام، فإن هناك غض للنظر عن انتهاكات حقوق الإنسان بعض المسلمين.

فريق مراقبة

هل تعتقدون أن اقتراح مهمة فريق المراقبة يمكن أن يحسن الوضع؟

إن وصول مجموعة خبراء المراقبة المستقلين لمدة ثلاثة أيام اعتباراً من 27 أبريل الماضي يمكن اعتباره من الخطوات الرامية إلى حماية حقوق تتار القرم، لكن في الوقت نفسه فإن تركيا لم تنضم إلى العقوبات ضد المحتلين. ومنطقها أن بإمكانها فعل المزيد لحماية حقوق التتار من دون توتير العلاقات مع روسيا.

ومن الواضح، أن هناك أسباباً أخرى تدفعها إلى عدم قطع العلاقات بموسكو. لكن التتار يرون أن العدوان يمكن إيقافه فقط بإجراءات مشتركة جماعية، بحيث ينضم المجتمع الدولي إلى العقوبات المفروضة على روسيا.

وعلى أية حال، من المستبعد أن تحدث تغييرات إيجابية بعد زيارة الخبراء، حيث إن ما خلصوا إليه لا يزال غير معروفٍ، وإن كنا نأخذ بعين الاعتبار في الوقت نفسه احتمال مساهمة تلك المهمات إلى حدٍ ما في مراقبة الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان الأساسية. لكنني متأكد أن هذه المهمات لن تغير الوضع بشكلٍ جوهري، على اعتبار أننا نتعامل مع طرف لا يحترم حقوق الإنسان والحريات.

العلاقة بكييف

كيف تصفون علاقات تتار القرم، سياسياً وقانونياً، مع كييف؟

وقع تمييز على التتار حينما كانوا ضمن الدولة الأوكرانية. فعلى الرغم من أنهم يشكلون 14 في المئة تقريباً من سكان شبه الجزيرة، لم يكونوا ممثلين في بنية السلطة سوى بنسبة 3 إلى 4 في المئة فقط. ولأعوامٍ عديدة، لم يكن بمقدورهم الترويج للقوانين الهادفة إلى إعادة حقوقهم السياسية وملكية الأراضي لأولئك العائدين بعد عقود في المنفى إبان حقبة الاتحاد السوفييتي.

وفي 1991، أسست الدولة الأوكرانية المستقلة حكماً ذاتياً للقرم هو في الواقع حكم ذاتي للمهاجرين الروس وأحفادهم.

وخلال «ثورة الكرامة» مطلع العام الماضي، هرب مسؤولو الدولة الأوكرانية رفيعي المستوى إلى روسيا التي بدورها لطالما ناهضت فكرة عودة تتار القرم إلى وطنهم واستعادتهم حقوقهم بحجة «عدم تكرار سيناريو الشيشان أو كوسوفو»، أي بمعنى خشية محاولتهم الانفصال عن أوكرانيا.

هذا محض هراء ومخالف لما حصل. بل على العكس، فإن النخبة الروسية في القرم أيدت بشكلٍ شبه كامل احتلال القرم، بينما كانت القوة الأساسية التي واجهت الضم مؤلفة من التتار.

إن موقف الحكومة الجديدة المنتخبة ديمقراطياً في أوكرانيا تجاه التتار مختلف تماماً. فالبرلمان الأوكراني فعّل قانوناً يعيد حقوق التتار ويعترف بهم كمجموعة سكان أصلية في البلاد، كما اعترف بـ«مجلس تتار القرم» كممثل أعلى لهم. ولكن تلك القوانين لن تصبح ذات أثر إلا بعد تحرير القرم، وهذا ما نأمله بمساعدة المجتمع الدولي، بما في ذلك العالم الإسلامي.

خلفية

تعرض تتار القرم لعملية تهجير خلال الحرب العالمية الثانية، حيث اتهمهم السوفييت بالتعاون مع الألمان. وأصدر جوزيف ستالين قراراً بنفيهم من شبه جزيرة القرم.

وهكذا تم تهجير نحو نصف مليون في الفترة من 18 إلى 20 مايو 1944، حيث أجبر التتار على ركوب عربات القطار المخصصة لنقل الحيوانات، ورحلوا عبر جبال الأورال إلى سيبيريا ووسط آسيا.

Email