وزير خارجية أوكرانيا بافلو كليمكين لـ «البيان »:

جاهزون للتسوية مع روسيا

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد وزير خارجية أوكرانيا بافلو كليمكين في حوارٍ مطول خص به «البيان»، بمناسبة الذكرى الأولى لاندلاع تظاهرات «يوروميدان» التي أطاحت النظام السابق، أن كييف مستعدة لـ«حوار وتسويات مع روسيا بطريقة حضارية»، نافياً الحديث عن تحقيق موسكو مكاسب في بلاده خلال عامٍ مضى، كما رفض التوصيف التقليدي بأن أوكرانيا محصورة بين صراع روسيا والغرب، في حين شدد على أن بلاده ستعاود إرسال كافة التدفقات المالية والدعم الحكومي المجمد إلى الشرق بعد استعادة السيطرة عليه، معرباً عن شكه بأن قرار إسقاط الطائرة الماليزية كان متعمداً من موسكو. وأخيراً، طلب كليمكين دعماً من الدول الإسلامية إلى المسلمين في القرم. وتالياً نص الحوار:

احتلت روسيا جزءاً من أوكرانيا ولديها نفوذ كبير في الشرق والقيادة الأوكرانية تعقد اجتماعات متتالية مع نظيرتها الروسية. كيف تردون على الأصوات التي تقول إنه، على الرغم من العقوبات الغربية، نجحت موسكو في فرض إرادتها على أوكرانيا والغرب وكسبت من السياسات التي اتبعتها خلال عامٍ؟

دعونا نرى كيف يتطور الوضع. بضم القرم وإرسال أسلحة وجنود إلى المجموعات الإرهابية في منطقة دونباس، خرقت روسيا مبادئ جوهرية في القانون الدولي. إن المجتمع الدولي يدين روسيا بقوة، وعضويتها في مجموعة الثماني معلّقة، فضلاً عن العقوبات غير المسبوقة التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. فشلت روسيا في عرقلة اندماجنا الأوروبي ونفرت معظم الأوكرانيين. لا يمكنني أن أصف هذا الوضع بأنه «نجاح في فرض الإرادة». لا يوجد بلد ديمقراطي واحد في العالم اعترف بضم القرم، وبالانتخابات المزيفة التي نظمها الإرهابيون في 2 نوفمبر. إن العالم يعترف بالخروقات التي قامت بها روسيا لكن لا يعترف بالحقيقة التي تحاول خلقها. إن المجتمع الدولي برمته أدان التورط الروسي وحتى التدخل في أوكرانيا. فهل هذا نجاح؟ على روسيا أن تفهم أن المبادئ الجيوسياسية المعاصرة لا تتعلق بالأسلحة والحدود الإدارية، بل بالقيم والاستراتيجيات الاقتصادية التي يمكن للاعبين الدوليين أن يقدموها لشركائهم.

روسيا والغرب
لطالما انحصرت أوكرانيا بين صراع روسيا والقوى الغربية. هل من وصفة تجنّب البلاد هذه المعضلة؟

على روسيا أن تتوقف عن خرق القانون الدولي وتحترم استقلال أوكرانيا ووحدة وسلامة أراضيها. هذا جوهري لاستعادة علاقات مبنية على الثقة مع أوكرانيا وبقية العالم، ولا يمكن أن يكون هناك تقدم من دون ثقة. نحن جاهزون لحوار وتسويات لكن ليس على سيادتنا وخيارنا الأوروبي.

أوروبا و«الناتو»
متى تعتقدون أن بإمكان المسؤولين الأوكرانيين أن يقولوا لشعبهم أخيراً إن بلادهم ستصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو؟ هل من إطار زمني تطمحون إليه؟

حلف الناتو والاتحاد الأوروبي قصتان مختلفتان تماماً بالنسبة إلى أوكرانيا. أن نصبح عضواً في الاتحاد يبقى هدفاً رئيسياً، وفكرة الاندماج الأوروبي تتمتع بدعمٍ كامل من المجتمع الأوكراني وليس لها بديل. لقد دفعنا ثمناً باهظاً لضمان مسار تكاملنا الأوروبي وليس هناك حق أخلاقياً للتراجع عنه. واتفاق الشراكة الموقع هذا العام تطبق بعض فصوله فيما تصادق دول أعضاء الاتحاد عليه إن تطبيق الاتفاق الناجح يمهد الطريق لطلب العضوية ومهمتنا الأساسية هي تطبيق الإصلاحات الأوروبية ورفع التأشيرات وتحديث الاقتصاد الأوكراني وجعله تنافسياً في السوق الأوروبية. إن تعاوننا مع حلف شمال الأطلسي يتطور بشكل ديناميكي أيضاً ويتطور نحو وصوله باتجاه التطابق بأقصى حد بين القوات الأوكرانية وقوات الحلف.

تسليم يانوكوفيتش
يرفض المسؤولون الروس تسليم الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش بحجة أنه لن يحظى بمحاكمة عادلة. ألا تعتبرون تسليمه شرطاً جوهرياً لتطبيع العلاقات مع موسكو؟

لا أعتقد أن تسليم الرئيس السابق يانوكوفيتش هو القضية رقم واحد على أجندة العلاقات الأوكرانية – الروسية وإن كان حساساً. مؤخراً، اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه ساعده على الفرار، وهذا لا يجعل العلاقات أسهل. إن الشروط الجوهرية لتطبيع العلاقات مع موسكو هي استعادة وحدة وسلامة الأراضي الأوكرانية ونبذ دعم الإرهابيين في منطقة دونباس.

حلول الغاز
هل من حلول خلاقة، مشابهة لما فعلته ليتوانيا ببناء مصب عائم للغاز المسال، تمنع موسكو مع استخدام الغاز كأداة سياسية؟

نحن نقوم باتخاذ الحد الأقصى للتدابير لتقليل اعتمادنا على موسكو في الغاز. وهذه الإجراءات تشمل تكنولوجيا كفاءة الطاقة، مشروع محطة غاز طبيعي مسال، عمليات تكسير الغاز الصخري، التدفق العكسي، استخدام وقود صلب أكثر ومصادر طاقة بديلة عن الغاز. كل هذه الإجراءات لا تعني استبعاد الحاجة إلى تحقيق عقدٍ عادل مع روسيا بشأن الغاز. لقد وقعنا اتفاقاً مؤقتاً ثنائياً مع روسيا وروسيا التزمت بواردات الغاز إلى أوروبا، وهذا ما سيسمح لروسيا وأوكرانيا والاتحاد الاوروبي في تمضية الشتاء. والمفاوضات بعيدة المدى ستبدأ في الربيع.

الرد الغربي
كيف تقيمون رد الفعل الغربي على سلوك روسيا حيال أوكرانيا؟

تتمتع أوكرانيا اليوم بدعم كامل من الدول الغربية، وشركاؤنا الدوليون يتخذون إجراءات واسعة النطاق لتأييدنا، ويساعدوننا بتطبيق الإصلاحات في أوكرانيا. كما أنهم يضغطون على روسيا للمضي في التزاماتها الدولية. نحن ممتنون لذلك، ونناشد جميع الدول حول العالم دعم تلك الإجراءات، لأنه من المهم بشكلٍ حاسم بأن يبقى العالم متحدثاً بصوتٍ واحد فيما يخص أوكرانيا، على اعتبار أن ما يحصل هنا ليس أزمة أوكرانيا، بل أزمة الأمن الدولي.

بديل مالي
أليس صحيحاً أن قراركم تجميد الخدمات العامة والدعم في الشرق سيسمح لموسكو بأن تقدم نفسها كبديل مالي عن كييف في منطقة دونباس؟

الدعم الحكومي المالي من الميزانية المركزية انتهى في أيدي إرهابيين استخدموه لارتكاب جرائمهم بدلاً من مساعدة السكان المحليين الضعفاء. وعليه، فإن قرار تجميد الدعم في المناطق المحتلة ليس إجراءً انتقامياً، فقد كان علينا بكل بساطة أن نؤمن استخداماً ملائماً للأموال التي تتدفق من ميزانية الدولة إلى تلك المناطق. وبعد أن تستعيد السيطرة على الأراضي المحتلة حالياً من قبل الإرهابيين، فإن الحكومة الأوكرانية سترد المال المعلّق وتعاود إرسال كل التدفقات المالية إلى ومن المنطقة. وبالنسبة إلى روسيا، فهي إلى حد الآن أبدت اهتمامها بتمويل الإرهابيين فقط وليس السكان. وأشك أن يكون هناك أي اهتمام من قبلها في الحلول مكان أوكرانيا كجهة راعية للسكان المحليين والبنى التحتية.\


الطائرة الماليزية
الاستخبارات الألمانية ألقت باللوم على الانفصاليين في حادث إسقاط الطائرة الماليزية يوليو الماضي. هل تعتقدون أن قرار إسقاط الطائرة اتخذ من أعلى هرم القيادة الروسية؟

أشك بأن القرار كان متعمداً. ما هو واضح على كل حال أن إسقاط الطائرة الماليزية كان نتيجة سياسات غير مسؤولة صدّقت عليها القيادة الروسية. وحقيقة أن الإرهابيين أسقطوا الطائرة بصاروخ روسي واضحة بفضل الإثباتات المباشرة وغير المباشرة المتعددة التي تؤكد ذلك. ومن طرفنا، أرسلنا العديد من المستندات إلى الخبراء الدوليين في حادثة الطائرة الماليزية، لأن لا شيء لدينا لنخفيه. لذا، فلننتظر لنتائجهم النهائية.

مسلمو القرم
رفضت موسكو تمديد ما يعرف بـ«تصاريح الإقامة» للمسؤولين الدينيين في القرم. كيف تقيمون وضع المسلمين في القرم؟

بكل أسف، تواصل السلطات الروسية في القرم التي ضمتها قمع أقلية التتار والأوكرانيين. فلقد قتل وخُطف العديد من الناشطين، فضلاً عن أن اثنين من القادة السياسيين للتتار القرم وهما مصطفى جميلوف ورفعت تشوباروف منعا من دخول شبه الجزيرة ويعيشان في كييف اليوم، كما أن هناك العديد من قضايا التمييز في كافة المناطق. إن هدف هذه التصرفات واضح: دفع التتار إلى التعاون مع السلطات الروسية أو على الأقل تهميش حكمهم الذاتي السياسي والثقافي.وإلى حد الآن وبعد ثمانية شهور من الاحتلال، لم ينجح الروس حقاً في التمكن من ذلك.

ومع هذا، فمن دون دعمٍ دولي، وخاصة من الدول الإسلامية، سيكون من الصعب على تتار القرم أن يقاوموا النظام الاستبدادي الذي يمتلك خلفية غنية في قمع الهوية الوطنية للأقليات.

 

Email