رئيس لجنة عمال المياومة في المؤسسات الحكومية محمد سنيد:

لا وجود لحركة عمالية مؤسسية في الأردن

ت + ت - الحجم الطبيعي

محمد سنيد رئيس لجنة عمال المياومة في المؤسسات الحكومية هو أحد أشهر وأنشط العمال الناشطين في الحركة العمالية الأردنية. بدأ عمله عامل مياومة في وزارة الزراعة حيث يسكن في جبل مليح الذي يبعد عن العاصمة الأردنية عمان أكثر من ‬200 كم. ولكن سياسيي وقيادات الحراك المجتمعي في العاصمة بدأوا يسمعون عن هذا الشاب الذي لا يتجاوز عمره الثلاثين عاما بعد أن نجح في التصدي للعديد من القرارات الحكومية الخاصة بالعمال والتي رآها وزملاء له إجحافاً لهم.

فمن الاعتصامات إلى المسيرات إلى الاعتقال إلى الشغب خلال إلقاء المسؤولين لمحاضراتهم.. في نهاية المطاف عرف الجميع محمد سنيد.. ولكون اسمه بدأ يسطع استطاعت إحدى الإذاعات المحلية إقناعه بالعمل لديها، فوافق، فقامت بتدريبه إذاعيا وبدأ بتقديم برنامج إذاعي يعتبر اشهر البرامج العمالية في المملكة.

محمد سنيد وافق على عمله هذا رغم أن ما عرضته عليه الإذاعة كان لا يتجاوز ‬30 دولارا في الشهر، وبعد اشهر زادته إلى ‬70 دولارا، واليوم لا يزيد راتب سنيد على المئة دولار. ولدى سؤاله عن سر موافقته على ذلك. يقول إن لي منبراً أستطيع فيه أن أتحدث مع إخواني العمال.

«البيان» التقت سنيد وحدثته في همومه العمالية.. فكان هذا الحوار:

نسمع كثيراً عن الحراك العمالي في المملكة.. ولكن هناك أصوات مرتفعة حتى لدى الأوساط العمالية تقول انه لا وجود لحركة عمالية فاعلة في المملكة.. كيف تقيم الحركة العمالية في الأردن؟

هناك حركة عمالية وهناك حراك يمكن البناء عليه، ولكن لا يوجد إطار نقابي يستطيع حتى الآن تبني وبلورة هذا الحراك إلى شيء يؤدي إلى نهضة شاملة ينتهي بإعطاء العمال حقوقهم.

فهناك بعض الحركات لفئات معنية من قبيل عمال المياومة، والمعلمين، وعمال العقبة، وهو حراك جديد وخارج عن الأطر العمالية المؤسسية التابع للحكومة.

إن أكبر تنظيم عمالي في الأردن هو الاتحاد العام للعمال، ولكن هذا الاتحاد غير متاح لجميع العمال، ويمنع الكثير منهم من الانتساب إليه.

لن اكشف سراً عندما أقول إن الاتحاد يبدع بين الفترة والأخرى لإيجاد طريقا للالتفاف على حقوق العمال بالتنظيم النقابي، فمثلا تمت الموافقة أخيراً على لجان نقابية من دون نقابة.. هذا امر غريب. وهو ما حدث مع عمال الموانئ الذين وعدوا بالنقابة ولكن الاتحاد انشأ لهم لجنة نقابية عين أعضاءها هو من دون إنشاء النقابة. وهي لجنة لا تحظى بشرعية من قبل العمال، فشرعيتها جاءت من الحكومة والاتحاد التابع للحكومة أي أن من انشأها هم فئات أصحاب العمل والاتحاد، ولكن لا شرعية عمالية لها بسبب عدم وصولها لهم، فبقيت معزولة عن هموم العمال، بل وتتبنى موقف صاحب العمل مؤسسة الموانئ والاتحاد.

ويعرض الاتحاد أن يكوّن للعمال لجان نقابية، وليس نقابات وهو أمر مخالف لقانون التنظيم النقابي فأي لجنة يجب أن تنبثق عن نقابة ولكن الاتحاد لا يلتفت لذلك.

أنت غير متفائل بالدور الذي يقوم به اتحاد العمال في الأردن

من هو المتفائل سوى الحكومة وقيادات الاتحاد، إن عدد النقابات العمالية في الاتحاد ‬17 نقابة لا يجري في ‬14 نقابة انتخابات حيث يجري تعيين رئيسها تعيينا، وهو سبب من أسباب إحجام العمال عن العمل النقابي والانتساب إلى النقابات العمالية القائمة.

بل إن ما يجري لدى وفاة رئيس أي نقابة أن تلغى النقابة نفسها، كما حصل في نقابة العاملين في البلديات التي أعلن بعد وفات رئيسها عن إلغائها ولدى اعتراضنا جرى تعيين ابن رئيس الاتحاد رئيسا لها، علماً بأنه لا يوجد لها هيئة عامة أو منتسبون.. أليس هذا مضحكاً.

لماذا الاتحاد إذن؟

الاتحاد والنقابات المدرجة في إطاره لإعطاء شرعية وإضفاء صورة ديمقراطية وحقوقية أمام الجهات الخارجية بأن هناك حراكا نقابيا، أما على ارض الواقع فغير ملموس من قبل عمال الأردن. وعندما ترغب فئة عمالية مثل عمال المياومة تأسيس نقابة لهم يرفض الاتحاد وهو دليل آخر انه لا يريد توسيع أو شمول عمال الأردن إلى النقابات، علماً بأن عمال المياومة خاضعون لنظام العمل، وليس لنظام الخدمة المدنية.

برأيك ما هي أسباب الإخفاق؟

يعود ذلك إلى سيطرة أشخاص على الاتحاد وقيادته منذ عشرات السنين، من دون شمول العمال أو تنظيم انتخابات.

ما يدعو للبكاء هو أننا بدأنا نشتم رائحة التوريث داخل الاتحاد من خلال معلومات عن تعيين نجل مازن المعايطة رئيس الاتحاد العام للنقابات العمالية، رئيسا لنقابة البلديات.

ماذا عن الحكومة؟

الحكومة داعمة أساسية للاتحاد باعتباره الجهة الرئيسية التي تمثل العمال، ولا تبدي تعاونا مع العمال بتنظيماتهم الحقيقية مثل لجنة عمال المياومة أو لجنة المعلمين أو عمال الميناء بخلاف اللجنة التي عينها الاتحاد.

وهي بذلك غير جادة أن يكون هناك حرية في التنظيم النقابي، والشاهد عدم توقيعها على المادة ‬87 من اتفاقية العمل الدولية الخاصة بحرية التنظيم النقابي، وهي بذلك تحاصر أي عمل نقابي حقيقي معبر عن حقوق العمال وهمومهم.

لا أعتقد أن الحكومة أو المسيطرين على الاتحاد جادون أو انهم مستعدون للتنازل عن مواقعهم كقيادات عمالية، خاصة وان الحكومة تعطيهم الشرعية والدعم من أجل بقائهم لعدم وجود التغيير بين الحراك النقابي.

لقد فرط الاتحاد بالكثير من الحقوق المكتسبة وأهمها قانون الضمان الاجتماعي الذي وافق عليه الاتحاد ومرره من دون أي نوع من أنواع الاحتجاج. رغم أن هناك حقوقا مكتسبة يفترض انه لا يجوز التفريط بها مثل سن التقاعد فقد قامت الحكومة برفعه من ‬45 إلى ‬50 عاما من دون أي احتجاج من النقابات الرسمية، إضافة إلى الحسبة التقاعدية التي أضرت بالعمال لدى تقاعدهم وعدم مطالبة الاتحاد بحد ادنى لراتب الضمان الاجتماعي للتقاعد، بينما يوجد حد ادنى للأجور.

في الوقت الذي يقيم الاتحاد الدنيا ولا يقعدها لتحصيل مكتسبات صغيرة مثل منح ‬100 منحة لأبناء العمال. وأعلنت قيادات الاتحاد عن نيتها تنفيذ احتجاجات خاصة بذلك ولكن حتى هذه لم ينفذوها فقد كان تلويحهم بالاحتجاج مجرد ضغط على الحكومة من أجل عدم المس بهذه المنح لأنها لأبناء المتنفذين من العمال وهناك أسماء من خارج العمال يستفيدون من هذه المنح رغم أنها منح مقدمة من الضمان الاجتماعي.

Email