ميركل مرشحة لزعامة أوروبا

أميركا تخلت عن قيادة العالم الغربي

ميركل مرشحة لدور زعيمة أوروبا إذا فهمت ما تعنيه الانتخابات الأميركية | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما يؤدي دونالد ترامب، في يناير 2017، اليمين ليصبح الرئيس الـ45 للولايات المتحدة، سيحتفي العصر الأميركي بالذكرى المئوية لميلاده، ووفاته أيضاً.

وكان الغرب بشكله الحديث قد تشكل في يناير 1917، حيث كانت الحرب العالمية الأولى تستعر في أوروبا في ذلك الوقت، فأعلن الرئيس الأميركي وودرو ويلسون الحرب على ألمانيا، وأرسل جنوداً إلى أوروبا ليضمن النصر للديمقراطيات الغربية، وتولت الولايات المتحدة زعامة العالم الغربي.

بعد مئة عام، هناك ترامب الذي لا يريد أي شيء يتعلق بالعولمة، ترامب الذي يبشر بالقومية الأميركية، والعزلة، والانسحاب الجزئي من التجارة العالمية، وصفر مسؤولية عن مشكلة عالمية كالتغيير المناخي. كل هذا بعد حملة انتخابية ضارة اتسمت بالامتعاض والعنصرية والتحريض.

الخوف من الفراغ

نحن الآن في مواجهة الفراغ، الخوف من الفراغ. ماذا سيحصل للغرب، لأوروبا، لألمانيا من دون الولايات المتحدة باعتبارها القوة الرائدة؟ كان الرئيس الأميركي باراك أوباما رئيساً جديراً بالغرب، لكن الآن، يتعين علينا أن نتقبل واقع غياب زعامة غربية.

كانت فترة التسعينات اسعد الأوقات بالنسبة للغرب، حتى يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001، عندما بدأ كل شيء من جديد. وقد استمر الإرهاب بلا هوادة منذ ذلك الحين. الخوف يسود الآن اكثر من أي وقت مضى، لكن ليس مجرد الخوف من الإرهاب، أو الخوف من فقدان الحرية كما كان الوضع في السابق، لكن الخوف من الحرية نفسها.

وينظر إلى الرجال البيض في أميركا، لا سيما المسنين منهم، على أنهم القوة المؤثرة وراء ترامب. كان دعمه بين تلك الفئة مرتفعا بشكل خاص في الانتخابات. ومما لا شك فيه أنه كان من الخطأ ترك أولئك الرجال، والنساء اللواتي يفكرن مثلهم، وحدهم مع مخاوفهم، وان لا نأخذهم على محمل الجد بما فيه الكفاية.

مخاوف مشتعلة لفترة طويلة تولد الغضب، خصوصا ضد أولئك المتهمين بعدم القيام بأي شيء لتهدئة تلك المخاوف، بعبارة أخرى، النظام المؤسسي، سواء في السياسة أو الإعلام. للمرة الأولى، زودت الإنترنت هذا الغضب بغرفة صدى، وسمحت له بالوصول إلى جمهور أوسع نطاقا، وبتضخيم أصوات الخائفين والغاضبين.

عندما نصب ترامب نفسه على رأس حركة الغضب تلك، وجد الدعم الذي يحتاجه ليصبح رئيساً. ومن المتوقع الآن أنه سيقيد الحريات، بما في ذلك حرية التجارة والهجرة. ويخشى الكثير من الأميركيين، لا سيما من الأقليات، مرة أخرى على حرياتهم، لكن هذه المرة فإن التهديد يأتي من الداخل.

أزمة جوهرية

الدراما كلها يمكن حصرها في هذه الجملة: ينظر إلى الحرية التي ينفرد بها الغرب على أنها تهديد. ولا يمكن لأزمة أن تكون جوهرية أكثر من ذلك. ولقد وصلت إلى الديمقراطيات الأوروبية، حيث الخوف والغضب ينتشران، وللأسباب نفسها كما في الولايات المتحدة، الهجرة، العولمة، والتجارة الحرة بوجه خاص.

لكن عندما يتعلق الأمر باتفاق التجارة الحرة عبر الأطلسي، فعلى الأرجح أن يضع ترامب حداً للاتفاق. في أوروبا الغربية، الخائفون والغاضبون لم يتمكنوا حتى الآن من الدفع بممثل عنهم إلى منصب رئيس وزراء أو رئيس، على الرغم من إمكانية حدوث ذلك في الانتخابات الرئاسية للنمسا في أوائل ديسمبر المقبل.

خلال المئة عام الماضية، عاش حلفاء أميركا وجوداً مريحاً نسبياً. كان لهم ترف السعي بفتور وراء الفكرة الأوروبية، لأن الأميركيين كانوا موجودين. الآن، سيتعين على أوروبا على الأرجح أن توفر مقومات أمنها. قادة الغرب، ناقص أميركا، يواجهون مهام هائلة في المستقبل.

هذه المهام تعود للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. فهي تمثل دولة قوية وتتمتع بقاعدة أخلاقية صلبة، كما أظهرت خلال أزمة اللاجئين. ليس بالضرورة أن تكون وودرو ويلسون، لكن يتعين عليها أن تصبح زعيمة أوروبا الحازمة. وإذا لم تفعل، فإن هذا يعني أنها لم تتبين علامات هذا الزمان.

دور أوروبا

كانت أميركا لفترة طويلة معياراً للغرب. لكن إذا حكم ترامب كما وعد خلال حملته الانتخابية، فإن أرض الأحرار سوف تتخلى عن دورها كزعيمة العالم الحر. سيحين عندها دور أوروبا. وينبغي على القارة أن تقاوم النزعة الشعبوية، بمزيج ذكي من أخذ هذه المخاوف على محمل الجد، ومواجهة الغضب، من دون الحد من الحريات.

وقد آن الأوان لأوروبا لكي تضع مزيداً من التشديد على الاتحاد الأوروبي. ربما صدمة ترامب تساعد في التأكد من حدوث ذلك. ولسوء الحظ، فإن أوروبا هي في أسوأ شكل منذ عقود من الزمن. البريطانيون يغادرون الاتحاد الأوروبي، لخوفهم جزئياً من حرية الآخرين. وحكومات عدة تؤكد على قضايا الانقسام .

Email