الجحيم السوري سيكون إرث أوباما

ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت هناك على امتداد وقت طويل طريقتان للتعامل مع سوريا في الإدارة الأميركية، إحداهما خط «الواقعية الجيوسياسية»، التي اختار باراك أوباما اتباعها إلى حد كبير، لأنها تلائم تردده في التورط في حرب أخرى. وهذا الخط قوامه أن الولايات المتحدة أو المصالح الأمنية للغرب ليست على المحك في حرب أهلية مستعصية نائية، يمكن احتواؤها بسهولة أكبر من التوصل إلى حلها. والطريقة الأخرى هي خط «الواجب الأخلاقي»، الذي دعت إليه سامنتا باور باستمرار داخل الإدارة.

وبينما كانت سوريا تتحول إلى جحيم على الأرض، دافع أوباما مراراً عن موقفه بأن أي تدخل سيكون عديم الفائدة أو خطراً. وبعد أن شارفت رئاسته على نهايتها، يشير الواقع إلى أن أوباما ليس لديه إلا القليل ليظهره للعالم بشأن سوريا، وأنه سوف يمرر أزمة خطرة إلى خلفه.

حجر عثرة

روسيا دوماً ستكون حجر عثرة، ليس أقله لأن بوتين حدد منذ زمن طويل معالم تردد أوباما لبذل المزيد من الجهود، كتسليح قوات المعارضة بشكل حاسم، والتمسك بخطوطه الحمراء التي أعلنها، أو إقامة منطقة حظر طيران.

في وقت سابق من هذا العام، اقتبست مجلة «اتلانتيك» ما قاله أوباما لبوتين: «فكرة أن روسيا هي بطريقة ما في موقع أقوى الآن أكثر مما كانت قبل أن تعمل على نشر قوات عسكرية في سوريا هو سوء فهم أساسي لطبيعة القوة في الشؤون الخارجية»، لكن بوتين اليوم يبدو أقوى، وحتى إن لم يكن لسبب آخر إلا لأن الولايات المتحدة تجد نفسها تهرول لإنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار من دون أي إمكانية للضغط عليه. محاولة إلقاء اللوم وإلحاق العار بروسيا على قصفها قافلة الأمم المتحدة من غير المرجح أن تحقق الكثير من تلقاء نفسها.

مشكلة أساسية في اتفاق وقف إطلاق النار كانت الخطة لإقامة «مركز تطبيق مشترك» أميركي- روسي لتنسيق الضربات ضد «داعش». وكان يقصد بذلك كونه حافزاً، حيث إن بوتين سعى منذ زمن للقبول به كونه شريكاً في التحالف إلى جانب الولايات المتحدة. لكن مثل هذا التحالف يمكن أن يجعل الولايات المتحدة متواطئة مع الضربات الجوية الروسية، التي تهدف إلى تعزيز موقع الأسد. ووفقاً لباور: «الحكومة السورية التي تطرح نفسها بأنها مقاتل ضد الإرهابيين تسمح لـ(داعش) بالنمو أكثر فأكثر. سلوك الأسد، تكتيكاته واستراتيجيته، كانت هدية للإرهابيين في سوريا وما وراءها».

وبالوقوف إلى جانب روسيا، تخاطر الولايات المتحدة بتقديم هدية أخرى إلى الإرهابيين. ولماذا سيسعى بوتين إلى إرضاء الولايات المتحدة ما إن يصبح لاعباً على قدم المساواة إلى جانب القوة العظمى الوحيدة؟

التمسك بالأشلاء

وتتمسك إدارة أوباما بالأشلاء البالية لخطة وقف إطلاق النار، لغياب البديل، على الرغم من أن منتقديها يحسنون صنيعاً بتفادي الشماتة، فمع انتشار الإرهاب المرتبط بداعش بأجزاء كثيرة من العالم وتنامي اللاليبرالية في أوروبا على خلفية أزمة المهاجرين، أصبحت سوريا تهديداً يتجاوز الشرق الأوسط.

نتائج

في تناغم مع نفور الرأي العام الأميركي من التدخل العسكري بعد سنوات بوش الكارثية، فإن سياسات أوباما تراوحت من محاولات للتفاوض على رحيل الأسد من سوريا وإيجاد «مركز» في تركيا.وكانت النتائج ضئيلة، وما بدا مفقوداً في حسابات الولايات المتحدة، هو وجود إشارات أن الأسد سينشر الفوضى إذا لم يجر التراجع عن الدعوات له بالتنحي.

Email