معركة الموصل الأكثر تعقيداً ضد «داعش»

المراقبون يتابعون أكبر انتشار عراقي منذ 2003

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتابع المراقبون الدوليون بمزيد من الحرص بدء الجيش العراقي هجوم «أم المعارك» لتحرير مدينة الموصل من براثن تنظيم «داعش»، على أمل طرده من آخر معقل رئيسي في البلاد.

وتوقفوا طويلا عند إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن الهجوم على التلفزيون الرسمي، حيث قال في خطاب بثته قناة «العراقية»: «ساعة النصر قد حانت وبدأت عمليات تحرير الموصل». مضيفاً، مخاطباً سكان المدينة: «أعلن اليوم بدء عمليات النصر هذه لتحريركم من أعمال عنف وإرهاب داعش».

وتتمثل المعركة بعملية مشتركة من أكثر من 30 ألف جندي من الجيش العراقي، والبيشمركة الكردية، والقوات الشيعية شبه العسكرية، بحيث تسعى للمدينة من ثلاثة جهات.

وخلال الأسابيع الأخيرة، أحرز الجيش العراقي وحلفاؤه تقدما تدريجيا في الموصل، في حين كانت قوات التحالف التي تقودها أميركا تقصف أهدافا رئيسية للتنظيم، بهدف إضعافه قبل شن الهجوم البري.

إن إطلاق العملية البرية، وهي أكبر انتشار للقوات العراقية منذ غزو عام 2003، ما هو إلا طلقة البداية للمعركة، التي من المرجح أن تكون الهجوم الأطول والأكثر تعقيدا ضد التنظيم الإرهابي.

ومع ذلك، تشير التقديرات المتحفظة إلى أن الامر قد يستغرق ثلاثة أشهر من القتال، على الأقل، بهدف استعادة السيطرة على ثاني أكبر المدن العراقية.

تعد مدينة الموصل مهمة لتنظيم «داعش»، من الناحيتين الاستراتيجية والرمزية على حد سواء، وذلك لقربها من سوريا المجاورة، ولطريق إمداداتها من خلال تركيا.

تشكل الموصل أكبر وآخر معاقل السلطة المتبقية لـ «داعش» في العراق، كما أنها مكان لجذور التنظيم. وقد أعلن أبو بكر البغدادي، الزعيم العراقي لتنظيم «داعش»، عن تشكيل الخلافة المزعومة في المدينة، ويعتقد أنه أمضى جزءاً كبيراً من العامين الماضيين هناك.

ويقول بعض المحللين إن الهجوم البري يمثل نهاية «داعش» في العراق، بشكل كلي، كما سيقتصر وجود التنظيم، بشكل حقيقي، على سوريا، التي يعاني فيها أيضاً من الضغط وفقدان الأراضي التي يسيطر عليها.

وبالمقابل، هنالك مخاوف من أن «داعش» يستخدم ما يصل إلى 1.5 مليون شخص من سكان العراق كدروع بشرية. كما هدد التنظيم بتنفيذ حكم الإعدام في أي شخص يتم إلقاء القبض عليه.

لقد حفر مسلحو التنظيم خندقاً ممتدا حول محيط المدينة، وهم يخططون لملئه بخزانات النفط، لإيجاد نهر من النيران يعطل تقدم القوات، ويحجب الرؤية عن طائرات الاستطلاع.

وقال صباح النعماني المتحدث باسم قوة مكافحة الإرهاب: «المتوقع أن يتجاوز الهجوم خنادق النفط والأنفاق، والهجمات الانتحارية لن تنقذ (داعش) من الهزيمة لكنها ستجعل المعركة أكثر صعوبة».

وأضاف: «نحن واثقون من أن (داعش)سيقاتل حتى آخر عنصر من عناصره لكي يبقى في الموصل».

لقد ألقت القوات الجوية العراقية آلاف المنشورات فوق الموصل، أخيراً، لتحذير السكان، الذين حجبت عنهم خدمة الانترنت، وتم قطع خطوط إرسال هواتفهم، من أن هنالك هجوماً وشيكاً.

وتحتوي عناوين المنشورات على اقتباسات من تصريحات حيدر العبادي الموجهة لسكان الموصل، مثل: «حان وقت النصر»، و«حان وقت الاحتفال بعراق نظيفة دون (داعش) أو أي معتقد ظلامي». و«نحن نستعد لاتخاذ الاجراءات اللازمة لتحرير الموصل واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة».

لقد عمدت المنشورات، المؤلفة من أربع صفحات، لإبلاغ سكان المدينة بالبقاء بعيدا عن مناطق معينة من الموصل، مع تجنب مواقع «داعش»، والبقاء في المنازل، مع إغلاق النوافذ والأبواب.

وقد توجه نشطاء داخل الموصل، أخيراً، لنشر قائمة، على شبكة الإنترنت، تتضمن أسماء ومواقع كبار قادة «داعش»، في محاولة لمساعدة القوات العراقية وقوات التحالف، بمجرد دخولهم المدينة.

ويخشى كثيرون من ما هو آت. فقد صرح أحد سكان، وهو لا يرغب في ذكر اسمه حفاظا على سلامته، لصحيفة «ديلي تلغراف»، بأن الناس قد جهزوا حقائبهم، بالفعل، استعدادا للمغادرة.

مخاوف

لدى سكان الموصل، من ذوي الغالبية السنية، مخاوف من أن قوات «الحشد الشعبي»، وهي مجموعة شبه عسكرية قوية اعتمدت عليها الحكومة العراقية في مكافحة «داعش»، يمكنها الاستفادة من الفوضى بعد تحرير الموصل.

فبعد معارك تكريت والفلوجة، تم اتهام «الحشد الشعبي» بإساءة معاملة السنة المدنيين، من منطلق أنهم متعاطفون مع الجماعة المتطرفة. وتحذر وكالات الإغاثة من أن المعركة قد تثير أزمة إنسانية، مشيرة إلى احتمال نزوح ما يصل إلى مليون شخص بسبب القتال، وذلك مع حلول فصل الشتاء.

لقد فر أكثر من 100 ألف شخص لمدن الخيام. وتسعى الأمم المتحدة، جاهدة، لبناء أكثر من ذلك.

Email