ليبيا تتحول إلى «صومال على المتوسط»

حكومة الوفاق الوطني تواجه مشكلة القوة الأمنية

ت + ت - الحجم الطبيعي

في 15 سبتمبر 2011، سافر رئيس وزراء بريطانيا السابق ديفيد كاميرون إلى طرابلس المحررة حديثا آنذاك، مع الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ساركوزي، ليتزاحم على استقبالهما الثوار.

وأعلن رئيس الوزراء البريطاني مبتهجا: "أصدقاؤكم في بريطانيا وفرنسا سيقفون معكم وأنتم تبنون بلادكم وتبنون ديمقراطيتكم".

في حينها، كان التفاؤل منتشراً في الأجواء. كان يعتقد أن ليبيا ستحظى بلا شك بالمستقبل الأكثر إشراقا بين دول الربيع العربي الناشئة. فلديها أكبر احتياطي نفطي في إفريقيا يتقاسمه ستة ملايين نسمة. وكانت الديمقراطية على الطريق، فماذا يمكن أن يذهب في الاتجاه الخطأ؟ كل شيء، كما سيتبين، أنه سرعان ما أصبحت السياسة في ليبيا مستقطبة في معركة يهيمن عليها الفصيلان الأكثر تنظيما، المتشددون من جانب وشخصيات النظام السابقة من جانب آخر.

صوت الليبيون بأعداد كبيرة لأول حكومة انتقالية، المؤتمر الوطني العام، لكن الأمل المعقود على أن المؤتمر سيتمكن من التعامل مع الوضع بشكل مرض تحطم في عام 2012 عندما اجتاح رجال مسلحون متشددون القنصلية الأميركية في بنغازي.

وقد أصبح الإرهاب واقع حياة ما بعد الثورة. في طرابلس، سادت حالة من الفوضى في البرلمان. رفضت الميليشيات نزع سلاحها وبدلاً من ذلك أصبحت لاعباً سياسياً بحد ذاتها.

وظلت السياسة الليبية محاصرة في مناخ من الشكوك وعدم الثقة. في عام 2014، تشرذم المؤتمر الوطني العام، وبإلحاح من بريطانيا ودول غربية أخرى صوت الليبيون لبرلمان جديد، وبداية جديدة. لكن الغضب والعدائية هيمنا على الحملة الانتخابية. وقد شكا أحد الدبلوماسيين قبل وقت قصير من إجراء تلك الانتخابات، من حالة الشك والارتياب بين الفصائل قائلاً: "جميعهم يشعر بالرعب من الآخر".

بداية الحرب الأهلية

وشهدت تلك الانتخابات هزيمة كاسحة لتحالف المتشددين – مصراته، الذي سيشكل تحالف ميليشيات "فجر ليبيا" ويستولي على طرابلس. فيما رحل إلى طبرق ما تبقى من البرلمان الجديد، المنقسم على نفسه بقدر معارضته لفجر ليبيا، واشتعلت الحرب الأهلية.

ولعبت بريطانيا دورا رئيسيا في ليبيا منذ لقاء توني بلير 2004 للترحيب بعودة القذافي إلى المجتمع الدولي. وعندما توجه حلف "الناتو" للحرب ضد القذافي في الثورة، لعبت الولايات المتحدة دورا ثانويا، مع تقاسم بريطانيا وفرنسا الدور القيادي. لكن ما أن انتهت الثورة، حتى انسحب كاميرون. لندن أخيرا استيقظت على ليبيا، مع اغتنام مهربي الهجرة الفوضى لبناء أعمال مزدهرة ومع توسع "داعش" في البلاد.

فبريطانيا إلى جانب الولايات المتحدة وإيطاليا، مسؤولة عن حكومة الوفاق الوطني التي أوجدتها لجنة برئاسة الأمم المتحدة في ديسمبر الماضي.

لكن حكومة الوفاق الوطني لم توفق في إيجاد قوة أمنية خاصة بها، واعتمدت بدلاً من ذلك على ميليشيات منشغلة أيضا في قتال بعضها بعضا. وقد تكون ليبيا وفقا لعبارات المبعوث البريطاني جوناثان باول، تتحول إلى "صومال على البحر الأبيض المتوسط".

سجالات

جرت سجالات قليلة عن ليبيا في البرلمان البريطاني، على الرغم من أن القصف البريطاني ساهم كثيرا في إيجاد النظام الجديد. عندما استدعت اللجنة المختارة في وزارة الشؤون الخارجية كاميرون العام الماضي لتوفير أدلة لتحقيقاتها بشأن التخطيط البريطاني في ليبيا، قال رئيس الوزراء إن لا وقت لديه.

Email