الصراع الروسي الغربي يتصاعد في البلطيق

ت + ت - الحجم الطبيعي

أمضى كل من الجيش الروسي وتحالف جيوش «ناتو» الغربي، العامين الماضيين، في مراقبة أحدهما للآخر، على امتداد خطوط التماس الفاصلة بينهما في أوروبا الشرقية. وكانت كفة نشر القوات متعادلة بين الطرفين، في ظل الشك المتبادل في مدى حسن النوايا.

إلا أن حلف «ناتو»، تعمّد، أخيراً، اتخاذ خطوة إضافية، تعزيزاً للخاصرة الشرقية. وبناءً عليه، سيتم نشر أربع كتائب تابعة للحلف، يصل قوامها إلى أربعة آلاف عنصر، في منطقة البلطيق في مايو 2017، كحد أقصى، وفق ما أعلن «ناتو». وخلافاً لعملية نشر القوات المؤقتة السابقة، الهادفة لردع روسيا عن خوض مغامرة عسكرية محتملة في المنطقة، سيكون انتشار القوات المزمع دائماً في كل من دول «ناتو» الأربع الأعضاء في الحلف، أي بولندا ولاتفيا ولتوانيا وإستونيا.

وفي حين تدعي موسكو أن حلف «ناتو» دأب منذ زمن بعيد على تطويق روسيا، فإن انتشار القوات في أوروبا الشرقية، لم تتبلور أهميته إلا في عام 2014، عقب الأزمة الأوكرانية.

ونقل عن بيتر بافل رئيس اللجنة العسكرية في «ناتو»، قوله تعليقاً على الخطوة: «بوجود الكتائب القتالية الأربع، فإن القوة لن تشكل قوة ردع وحسب، بل قوة قتال إذا اقتضى الأمر».

ومن المرجح أن تخضع القوة الجديدة لإمرة المركز الإقليمي في بولندا، من منطقة مضيق سوواكي ربما، الذي لا يتجاوز اتساعه 100 كلم، ويفصل بين كالينينغراد على ساحل البلطيق الروسي وبيلاروسيا.

لكن حتى مع تمركز العناصر في مواقعها، فإنها ستتقزم بفعل القوة القتالية الروسية المحتملة على الجانب الآخر من الحدود. لا سيما أن قوات روسيا الغربية، قد شهدت وتيرة تدريبات عسكرية غير مسبوقة في العامين الماضيين، شملت عشرات آلاف العناصر الميدانيين. ولا يسود الاعتقاد من هذا المنطلق، بأن «ناتو» يقوم بما يكفي لتغطية الجبهة الشرقية.

وقد اتسم ردّ الحكومة الروسية على القوة البلطيقية الجديدة لـ «ناتو» بالتكتم، وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، رداً على التسريبات الأولية لنشر القوات، عن إنشاء أكثر من أربع وحدات عسكرية كاملة في المنطقة العسكرية الغربية. واعتبر كثيرون على الجانب الروسي، أن «ناتو» يبالغ في رده على تحركات موسكو.

وقال الجنرال فاليري زابارينكو نائب رئيس هيئة الأركان العامة السابق: «موسكو لن تدخل في حرب مع (ناتو)، كما أنها لا تخطط لاحتلال بولندا أو دول البلطيق، كما أنها من وجهة نظر عسكرية بحتة، لا يمكن الردع بوجود مثل هذا العديد القليل من الكتائب».

ولا يمكن وصف التحرك على جبهتي المنطقة بأقل من الدراماتيكي. علماً بأنه في ظل تنحي الحوار جانباً، وإفساح الطريق للتوتر عبر المنطقة، بدأت الدول غير المنحازة على امتداد منطقة البلطيق، كالسويد، البحث في إمكانية توثيق روابط أعمق مع حلف «ناتو». وإنها المرة الأولى التي يلتمس فيها ميل الرأي العام في كلا البلدين، للدخول في عضوية كاملة في المنظمة.

من شأن ذلك، إذا تحقق على أرض الواقع، أن يرسل موجات ارتدادية تصيب موسكو بالصدمة، وتؤكد استمرار دوامة التصعيد لسنوات عديدة مقبلة.

Email