اضطراب جوبا يرادف بقاء مواقع الحماية

القوات الدولية عاجزة عن حماية المدنيين بجنوب السودان

ت + ت - الحجم الطبيعي

إنه السيناريو ذاته يتكرر منذ عقود وعبر القارات، إلا أن الأمم المتحدة لا تزال تتساءل مجدداً عن الطريقة المثلى لحماية المدنيين إزاء الأخطار المحدقة بهم، تحديداً الصراع الدائر في جنوب السودان هذه المرة.

وقد قررت بعثة الأمم المتحدة، في خطوة غير مسبوقة، فتح مراكزها اللوجستية المنتشرة في أنحاء البلاد واستخدامها من قبل عناصر حفظ السلام من أصحاب القبعات الزرق كدروع بشرية، وإنقاذ عدد لا يحصى من الأشخاص في حرب أهلية سببت قتل 50 ألف شخص على الأقل.

وأشار مسؤول في الأمم المتحدة إلى أنه عند إنشاء المخيمات «ظن معظم الناس أنه لا بأس باعتماده كإجراء مؤقت، ولنقدم لهم المساعدة في الوقت الحاضر ونبحث عن حلّ أكثر استدامة عندما تهدأ الأمور.»

وبدلاً من ذلك، وبعد حوالي ثلاث سنوات تقريباً، لا تزال مواقع حماية المدنيين كما باتت تعرف موطناً لما يقارب 200 ألف شخص. ويسود القلق في أروقة الأمم المتحدة من أنها أصبحت دائمة إلى حدّ يصعّب الدفاع عنها .

ووصل أعضاء من مجلس الأمن في الأمم المتحدة، أخيراً، إلى جنوب السودان لبحث مسألة نشر قوات إضافية من عناصر حفظ الأمن، يرمي لحماية المدنيين في جوبا. وقد أسفرت الصراعات في يوليو الماضي عن قتل المئات من سكان المخيمات، ونقل موقع أحدها بعد أن استهدف بالأسلحة المتوسطة والثقيلة.

ويؤكد عدد من داخل المنظمة أن مواقع حماية المدنيين، التي كانت تعتبر ذات يوم حلاً مبتكراً، قد تمخضت عن عدد من المضاعفات، التي عملت الأمم المتحدة على التخفيف من حدتها بشكل خفيّ.

وقد اتخذت المنظمة في مخيم جوبا الذي يضم 37 ألف شخص خطوات منعت وصول الحصص الغذائية للوافدين الجدد، وفقاً لمسؤولي المساعدات من مختلف المنظمات. وأشارت المعلومات في تقرير آخر إلى أن قوات الأمم المتحدة رفضت لأسباب سياسية حماية أحد المواقع الخاضعة لسيطرة المسلحين.

وقال نك بيرنباك، المتحدث باسم الأمم المتحدة: «نرغب في أن تصبح الظروف المعيشية مناسبةً ليتمكن المدنيون من مغادرة المخيم، لكن نظراً إلى الأحوال التي تشكل المشهد اليوم، فإن مواقع حماية المدنيين تشكل الخيار الأقل سوءاً.»

وقال ما ويلز، أحد كبار المستشارين والباحثين: «يصب التركيز الأكبر اليوم على حماية قاعدة الأمم المتحدة. ويشكل أمن تلك المواقع أحد أكبر أسباب لجوء المدنيين إليها، حيث لا يحصل أي فرض للقوة.»

وفي حين تفضل الأمم المتحدة عدم وجود مثل تلك المخيمات، لا يقدم التقرير الداخلي حول الدروس المستفادة أي إجابات حول كيفية تحرك المنظمة بشكل مغاير حين لا يكون المدنيون بخطر. ولا يزال واجباً لزاماً على العناصر حفظ السلام فتح أبوابها وتأمين الحماية في الظروف القصوى.

إلا أن الأمم المتحدة تبدو متمسكة إلى حدّ الغرق في مفهوم لا تحبذه، إنما ترجح استمراره لعدم توفر خيار أفضل.

وأشارت منظمة الهجرة الدولية في تقريرها الأخير حول أوضاع المخيمات التابعة للأمم المتحدة بالقول: «تعتبر تلك المواقع بعيدةً عن المثالية، فهي تحفل بالآفات، وتعدّ مصدراً للمشاحنات الدائمة.» إلا أن انعدام الاستقرار السياسي يرادف بقاء مواقع حماية المدنيين «ضرورة لسنوات كثيرة مقبلة.»

موقف

بعد مرور عقدين تقريباً على تحميل الأمم المتحدة مسؤولية الوقوف موقف المتفرج خلال مذابح رواندا والبوسنة، تجد المنظمة نفسها اليوم في موقف مشابه بالتزامن مع اندلاع الصراع في جوبا، عاصمة جنوب السودان في ديسمبر 2013.

Email