التأزم سيد الموقف في أوكرانيا

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ظهر التباعد واضحاً بين أوكرانيا وجارتها الروسية العملاقة، أخيراً، في احتفالات الذكري الخامسة والعشرين لاستقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفييتي.

وجاءت بعض الإشارات صامتةً، خفية، كانسلاخ زي عناصر الجيش الأوكراني عن مظاهر الأسلوب السوفييتي، إلا أنها بعضها الآخر بدا صارخاً، كنبرة الرئيس الأوكراني، بترو بوروشينكو، المتحدية في الحديث عن القتال حتى النصر ضد الانفصاليين المدعومين من موسكو شرقي البلاد.

إلا أن مظاهر الاستعراضات لم تتمكن من إخفاء الحقيقة الكامنة وراء الذكرى الثالثة لاستقلال البلاد، منذ إشعال ثورة الميدان الأوروبي شرارة الحرب الأهلية، وحالة الانقسام الحادّ مع روسيا، والمتمثلة بأن الوضع في أوكرانيا لا يزال مقيتاً.

وقد تحدّت أوكرانيا التوقعات الفظيعة، ونجت من عامين من الصعوبات المالية والشلل الحكومي، الذي انتهى بتعديل وزاري عزز موقع بوروشينكو ونفوذه. أما الأوضاع الاقتصادية فلا تزال تعاني ركوداً، وقد أبدى الصراع ضد الفساد وحكم الأقلية من خلف الكواليس، تقدماً ضئيلاً، إضافةً إلى ظهور معطيات واسعة النطاق، تشير إلى نفاد صبر الشعب.

وقال فيودور لوكيانوف، محرر صحيفة «روسيا على ساحة العلاقات الدولية» الصادرة في موسكو، والمتخصصة في السياسة الخارجية:

«لقد تلاشت الأهداف الإيديولوجية لاحتجاجات الميدان بشكل متزايد، حتى أصبحت تبدو صعبة المنال. الغرب ليس راضياً عن أوكرانيا، بسبب إخفاقها في تطبيق الإصلاحات الموعودة. وروسيا لا تتراجع، والأوكرانيون يشعرون بالاستياء لعدة أسباب موجبة. أما الوضع عموماً، فوصل إلى حالة التأزم التام».

لم يتغير الكثير في المشهد الأوكراني منذ عيد الاستقلال العام الماضي، ولم يقدم عدد من الخبراء الروس والأوكرانيين نظرةً أكثر تفاؤلاً حول إمكانية حصول تغييرات ذات معنى العام المقبل.

وتشكل الحرب الدائرة في شرقي أوكرانيا، أكبر مشكلات البلاد المقلقة، التي أكدتها نسبة 76 في المئة من المستطلعة آراؤهم، أخيراً، في استطلاع لمؤسسة كييف الدولية لعلم الاجتماع. وقد ضربت كل مساعي التوصل إلى سلام بموجب اتفاقية منسك الثانية، برعاية موسكو وبرلين وباريس، عرض الحائط، بسبب عجز كييف عن إدخال تغييرات دستورية تلحظ منح مرتبة خاصة وحيزاً أكبر من الاستقلالية لجمهوريتي دونتسك ولوهانسك.

إضافةً إلى رفض الانفصاليين إجراء انتخابات محلية على أساس القانون الأوكراني. وقد اشتد وطيس المعارك في الآونة الأخيرة، وولّد مخاوف من أن يؤدي تأزم الأوضاع إلى عودة طرف ما أو الطرفين معاً إلى أرض القتال.

ويبدو أن روسيا أيضاً قد هجرت التفاؤل الذي كانت تتحلى به قبل بضعة أشهر حيال نجاح اتفاقيات منسك، وعادت للتلويح بشن الحرب كورقة ضغط على كييف.

وقال فلاديمير زاريخين نائب مدير مؤسسة رابطة الدول المستقلة، الممولة من الكرملين في موسكو: «لو تم تطبيق منسك الثانية كما هو متفق، لكانت الطريق مفتوحة أمام حصول تطور براغماتي في العلاقات بين موسكو وكييف. وقد صار بإمكان الجميع أن يلاحظوا الجمود التام الذي يتسيّد الموقف».

لا تبديل

قال فلاديمير بانشينكو، أحد الخبراء في المركز الدولي للدراسات السياسية في كييف: «إذا لم نتمكن من إجراء تغييرات دستورية، فلا شيء سيتبدل في علاقة كييف بجمهوريتي دونتسك ولوهانسك. ولا يحصل أي تطور اليوم من شأنه التأثير إيجاباً في الوضع».

Email