الطريق إلى تسوية سياسية للأزمة لايزال حافلاً بالتعقيدات

الغموض يشوب آلية العمل الأميركية في سوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

أفضت الاتصالات الأخيرة بين مسؤولين أتراك وروس وإيرانيين لظهور تكهنات تفيد بسعي تلك الدول لإجراء يهدف لإنهاء الصراع السوري، علماً بأن أميركا كانت غائبة عن تلك المناقشات.

وفي أعقاب القمة التي جمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، قام وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بزيارة أنقرة، حيث التقى نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، ليؤكد كلاهما أن بلديهما سيتعاونان للحفاظ على «وحدة الأراضي» في سوريا، وهذا يعني معارضة وجود أي كيان كردي هناك.

وفي سياق متصل، أعرب رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أخيراً، عن تفاؤله بشأن إمكانية توصل دول المنطقة إلى إيجاد حل سياسي في سوريا. مقترحاً ثلاث خطوات يمكن أن تحقق ذلك، ممثلة بالدفاع عن وحدة أراضي سوريا، بما في ذلك منع الخطط الكردية لفرض الهيكل الاتحادي، وإعادة تشكيل الدولة السورية، ولكن ليس على أسس طائفية أو عرقية أو جغرافية، وإعادة اللاجئين في إطار خطة واضحة المعالم.

وعلى الرغم من التفاؤل، لا يزال الطريق نحو التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا حافلا بالتعقيدات. وذلك لسبب واحد، وهو عدم وجود اتفاق حول مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، حتى الآن. تهدف تصريحات يلدريم لإعادة بناء سوريا على أسس أخرى غير طائفية، وعلى وجه التحديد، لتهيئة الظروف لرحيل الأسد في النهاية عن السلطة. بيد أن كلا من روسيا وإيران أبقتا نواياهما أقل وضوحاً بكثير.

لم يكن التناغم الإقليمي واضحا في حلب. إذ يقال إن تركيا قد سلحت الثوار بشكل مكثف، أخيراً، قبل شنهم هجوما مضادا في المدينة. الأمر الذي مكنهم من كسر الحصار المفروض على الأحياء الشرقية، وتطويق المناطق التي يسيطر عليها النظام.

وفي هذه الأثناء، تدعم واشنطن القوى التي تعارضها كل من تركيا وإيران. فقد عمل النصر الأخير ضد تنظيم «داعش» في منبج، على أيدي القوى الديمقراطية السورية التي تدعمها أميركا، وهو تحالف كردستاني عربي يهيمن عليه الأكراد، عمل على دق ناقوس الخطر في أنقرة وطهران. للخشية من أن يسعى الأكراد لتوحيد المناطق الكردية في شمال سوريا، وذلك تحت ستار مكافحة «داعش».

وفي مقابلة أخيرة، اعترف صالح مسلم، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وبصورة علنية، بن الأولوية الكردية تتمثل اليوم بالتحرك باتجاه عفرين، المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا، وليس الرقة، التي هي محل تفضيل الأميركيين. وسيمثل النجاح الكردي خطا أحمر لتركيا، ناهيك عن إيران، حيث يحارب البلدان النزعة الكردية.

والآن، بعد تحرير مدينة منبج، طلب الأتراك من أميركا إجبار الأكراد على الانسحاب من شرق الفرات. بيد أن الآلية التي ستمكن الأميركيين من إدارة المصالح المتضاربة لمختلف القوى في سوريا، مع الحفاظ على الضغط على «داعش»، تعتبر غير واضحة. وبما أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيترك منصبه، قريبا، فإن حل تلك المشكلة قد يكون مهمة شخص آخر.

ومع ذلك، أظهر هذا الواقع الجديد، بالفعل، أمراً واحداً، وهو أن استراتيجية إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، التي تركز على «داعش»، سمحت بتحرك دول أخرى، وذلك فيما يتعلق بأي خطوات دبلوماسية بالنسبة إلى سوريا. ومن الملحوظ أن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، ما زال يلاحق، وبشكل رسمي، عملية جنيف، في وقت كانت تتجه الاتصالات الإقليمية لأبعد من ذلك.

وأخيراً، قال نائب وزير الخارجية الإيراني إن بلاده وتركيا قد اتفقتا على صياغة إطار عام للتوصل إلى حل في سوريا، يتضمن الحفاظ على سيادة البلاد وسلامة أراضيها وإقامة الحكومة السورية الموسعة للسماح للسوريين أنفسهم باتخاذ قرار بشأن مستقبل بلادهم. ولم يتم ذكر أي أمر علني بشأن مصير بشار الأسد، وهي مسألة تأتي كحجر زاوية في جنيف.

Email