تغير حاسم في الحرب ضد «داعش» في ليبيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

تمكن ثوار ليبيا، بمساعدة من القوة الجوية لحلف شمالي الأطلسي، من إسقاط الرئيس الليبي السابق معمر القذافي الذي قتل في أكتوبر 2011، الأمر الذي سمح بإطلاق ليبيا تجربة هشة في الديمقراطية.

وهذه التجربة أسفرت عن انتشار الفوضى، فدمرت الحرب الأهلية مؤسسات ليبيا الضعيفة أصلاً، وشرع خليط من الميليشيات بالتقاتل على الغنائم. وبحلول 2014، انقسمت البلاد بين حكومتين متنافستين، مما أفسح المجال لتوغل «داعش».

وقام المتشددون في عام 2014 بتأسيس موطئ قدم لهم وسط فراغ السلطة بليبيا، وسيطروا في النهاية على مدينة سرت الساحلية، مسقط رأس القذافي عام 2015. وقد تخوف الخبراء أنه حتى مع تراجع «داعش» في مناطقه الأصلية في سوريا والعراق، فانه لا يزال بمقدوره أن يزدهر وسط الاضطرابات التي تعيشها ليبيا.

ولهذا السبب تعتبر التقارير التي أفادت، أخيراً، باستيلاء الميليشيات الليبية على مقار «داعش» في سرت في غاية الأهمية. فالهجوم الذي قادته الميليشيات من مدينة مصراتة المجاورة يمثل نصراً على «داعش»، ويؤمل أن يعيد ليبيا خطوة إلى الوراء بعيداً عن حافة الانهيار. لكن النصر مكلف. فخلال الصيف، أجبرت الميليشيات على القتال وسط سلسلة مرعبة من حقول الألغام وأعشاش القناصين.

ليبيا منقسمة حالياً بين حكومتين متنافستين، حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة ومقرها طرابلس، والإدارة المنافسة لها القائمة في الطرف الشرقي من البلاد حيث الفريق خليفة حفتر يقود فصيله المسلح. وتنحاز ميليشيات مصراتة إلى الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة.

وتعتبر سرت الجبهة الأحدث في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد «داعش». وبناء على طلب حكومة الوحدة الوطنية الليبية في طرابلس، شنت الولايات المتحدة خمس غارات جوية على قوات «داعش» في سرت في 1 أغسطس، فأخرجت دبابتين ومركبتين عسكريتين و«موقعاً قتالياً»، وفقاً للبنتاغون، في أول تحرك عسكري ضد «داعش» خارج سوريا والعراق. وبعد ذلك بعشرة أيام، تمكنت الميليشيات من الانتقال إلى سرت.

خسائر فادحة

وتضم كتيبة مصراتة بعضاً من المحاربين المتمرسين في القتال، وقدامى المحاربين في الثورة ضد القذافي، لكن بينهم شباباً يافعين للغاية وعدداً كبيراً ينقصه التدريب الرسمي. وكانت الميليشيات على الخطوط الأمامية في يوليو الماضي تتلقى خسائر فادحة جراء الألغام والقناصة، فقد جهز مسلحو «داعش» أسلاك تشغيل وأدوات تحكم موصولة بالأبواب والنوافذ، مما جعل كل خطوة عبارة عن خطوة مميتة.

يقول المصور ميلوني: «حتى على خط الجبهة، عندما يكون هناك قتال محتدم، يمكن سماع نيران كثيرة تنطلق بعيداً فيما القليل منها يأتي من الجهة الأخرى»، وهذا «يعني أن (داعش) يقاتل بمجموعات صغيرة جداً، بقناصين يصوبون جداً يتحركون بسرعة كبيرة من مكان إلى آخر».

وكما فعلوا في سوريا والعراق، فإن مسلحي «داعش» في ليبيا يجعلون خصومهم يدفعون ثمناً باهظاً مقابل كل متر من الأرض يجري الاستيلاء عليه.

Email