القوة الألمانية ونبذ المفارقات مكوّنان أساسيان لكبح جماح حالة الرعب

اعتداء ميونيخ كشف أزمة هوية أوروبية

الألمان تمسكوا بميركل أكثر رغم الهجمات الإرهابية

ت + ت - الحجم الطبيعي

قتل شاب ألماني من أصل إيراني ما لا يقل عن تسعة أشخاص، أخيراً، وأوقع عدداً من الإصابات، في حادثة لم يعرف عن تفاصيلها الكثير سوى أنها حصلت في مركوز للتسوق في العاصمة البافارية، على يد شخص قيل إنه تعمّد أن يهتف بينما يطلق النار «أنا ألماني».

وقد تكرر المشهد ذاته مرات عدة في السابق، بحيث بات سياق الأحداث معروفاً، أبطاله حشد من الناس الذين يستمتعون بأوقاتهم، يظهر في وسطهم شخص يبدأ بإطلاق النار عشوائياً، أو يستل سكيناً، كما فعل أحد المراهقين على متن قطار، أخيراً في بافاريا كذلك.

وفي حين لا يزال الناس يترحمون على موتاهم من ضحايا الاعتداء، الذي لا يزال يحتاج لتأكيد الحقيقة الكامنة وراءه، يتساءل المراقبون كيف سيكون رد فعل ألمانيا على ما حدث، لا سيما أن البلاد قد تعرضت كما يبدو واضحاً لاعتداء واسع النطاق، تماماً كما فرنسا. إلا أنها وخلافاً لجارتها الأوروبية، لا تزال ألمانيا الدولة الأكثر ترحيباً بالمهاجرين، وقد لعبت دوراً أساسياً في مساعي «تطبيع» أزمة اللاجئين.

وقد سلطت حركة «بيغيدا»، ونجاح حزب البديل من أجل ألمانيا المعادي لأوروبا والهجرة، كما صولات وجولات اليمين الألماني المتطرف الضوء على واقع أن الألمان ليسوا متفقين جميعاً أو سعداء بالحماسة الإنسانية التي تبديها بلادهم.

وأثبتت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنها قائدة محافظة تتحلى بروح تقدمية، مما يوضح سبب نجاح حكومة الائتلاف الكبير والحزب الاشتراكي في العمل معاً. علماً أن وجود قائدة سيدة في منصب المستشار ليس بالأمر الهيّن في قارةٍ محكومة بالسياسات القومية بقيادة شوفينية ذكورية ونساء من مثيلات مارين لو بين، زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية، وفراوكه بيتري زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا.

لماذا قد يحتاج مراهق كالذي نفّذ عملية إطلاق النار للهتاف «أنا ألماني»؟ لماذا كان بحاجة لإعادة التأكيد على هويته في ظل مثل ذاك الموقف الأكثر عدائية ومأساوية؟ أغلب الظن أنه شعر بالحياء إزاء هويته الألمانية الإيرانية. وجميعنا يعلم كيف أن الأشخاص من ذوي الهويات الثنائية الناطقين بلغتين يميلون في بعض الأحيان، وفي ظل بعض الظروف، للإحساس بضغوط تجبرهم على إثبات انتماءهم.

وأصبح الخوف من الحشود الكبيرة والمناسبات العامة وضعاً قائماً، وقد ألغي عدد من المناسبات على امتداد دول القارة عقب الاعتداءات الأخيرة، التي حدثت العام الماضي. فهل الإرهاب ينتصر في النهاية وينجح ببث الخوف في نفوسنا ودفعنا إلى العزلة والتقوقع؟

ليس مقدراً لذلك أن يحصل إذا واصلنا العمل وفق النهج الذي نتقنه، أي السماح للتجمعات الجماهيرية بالازدهار باللجوء إلى القضاء على مختلف أنواع الحواجز. فحتى بعد حادثة كولونيا، تمسّك الألمان أكثر بميركل على الرغم من الانتقادات اللاذعة التي انهالت عليها من كل حدب وصوب.

ولا يزال الأمل موجوداً بأن تمضي هذه الدولة الرائدة قدماً بالزخم عينه، كما فعلت إلى اليوم. إنها القوة الألمانية، ونأمل أن نتمكن في الإبقاء على الرعب في أدنى المستويات إذا أغفلناه تماماً.

اختلاف

هل شعر المراهق المعتدي في هجوم ميونيخ بأنه مرفوض؟ وهل ساهم التطرف المستشري في أوروبا في زيادة عزلة الناس من خلال الإشارة إلى الفروقات فيما بينهم؟ أليس جميعنا «مختلف» عن الآخر بطريقة أو بأخرى؟ إننا نحتاج للتفكير بعمق أكثر حيال الوضع النفسي للقادمين الجدد وصحتهم العقلية، فإننا ندين لهم بذلك.

Email