أردوغان مطالب بدعم الديمقراطية

علاقة أوروبا والغرب بتركيا عند مفترق حاسم

أوروبا مطالبة بأن تعرض على تركيا شراكة حقيقية

ت + ت - الحجم الطبيعي

ينشغل السياسيون والدبلوماسيون في أوروبا وأميركا بالسؤال: ما العمل حيال تركيا، عقب الانقلاب العسكري الفاشل الأخير، الذي أنتج حالة توتر شاملة في كل أنحاء البلاد؟ ولم تكن الاضطرابات الداخلية لتحتل مثل هذه الأهمية الكبرى، لو لم تكن تركيا ذات ثقل استراتيجي واقتصادي وإقليمي.

إلا أن الوضع التركي ليس شبيهاً بما يحصل في بلاد أخرى، من حرب أهلية لا تسترعي أي اهتمام حقيقي. ولا تشكل تركيا جزءاً من الشرق الأوسط العربي، ولا تعتبر بغالبيتها جزءاً من أوروبا، على الرغم من نزعتها وتحالفاتها الغربية الواسعة. وتحتل تركيا موقعاً فريداً متميزاً يجمع بين القسمين جغرافياً وثقافياً وفكرياً، ولها امتداد في المعقلين، مما يشكل أحد الأسباب التي تحول دون إيجاد أجوبة سهلة للمأزق الراهن المثير للقلق، أو للمسائل المستقبلية الشائكة على المدى البعيد.

موقف أردوغان

وتعتبر الإشارة، كما ألمح البعض، إلى ضلوع أردوغان نفسه في التخطيط للانقلاب شطحةً هائلة وغير مبررة، وذلك على الرغم من الانتقادات التي وجهها إليه بعض معارضيه.

كما أن اهتمام أردوغان بتحركات حليفه السابق فتح الله جولن، الذي يتهمه بالتخطيط للمكائد القديمة والمثيرة للفضول، لا سيما في ظل أعداد أتباعه ومدى تأثيرهم غير المؤكَّد، ونظرية التآمر غير المثبتة لا يمكن إلا أن يلفت النظر.

ويندرج من جهة أخرى تصنيف أردوغان على أنه يقع على عاتقه اللوم في مصائب تركيا في فئة الحماقة، والمعادلة ذات النتائج العكسية من وجهة نظر الغرب. وقد تمكن أردوغان من إدارة شؤون بلد حديث العهد بالديمقراطية، ذي تاريخ طويل من الصراعات الداخلية والخارجية.

وعلى الرغم من العثرات والحسابات الخاطئة، جنّب أردوغان تركيا الانجرار إلى دوامة الصراع السوري، وأقام تحالفات مع دول غربية مناهضة لـ«داعش»، وأبقى على عضوية تركيا في حلف «ناتو»، وظلّ راسخاً بوجه الهجمات الإرهابية المتكررة خلال العام الماضي. كما تعاون مع الجهود الأوروبية للسيطرة على التدفق الهائل للاجئين السوريين وسواهم إلى دول الاتحاد الأوروبي.

احتياج أوروبا لتركيا

وليست تلك بالإنجازات المحدودة من منظور محلي وخارجي، لا سيما إذا نظرنا إلى أحداث بروكسل ولندن وواشنطن. ففي الوقت الذي سطرت اعتداءات نيس الفرنسية التهديد الذي يشكله الإرهاب العابر للقارات، برزت حاجة أوروبا لمساعدة تركيا في استئصال انتشار هذا الشر. وفي وقت أعاد تجدد قصف حلب التكهنات باحتمال فوز الرئيس السوري بشار الأسد وحليفيه الإيراني والروسي بالحرب في سوريا، برزت حاجة أميركا والتحالف الغربي للتضامن والدعم التركيين لمواجهة التطورات المحتملة.

لطالما تجلى وجود هذه الأرضية المشتركة منذ زمن بعيد، ولا بد اليوم من قواعد ثابتة لإعادة إطلاق وشائج العلاقات التي خرجت عن المسار. ويتعين على أردوغان، أولاً أن يتحلى بالهدوء، والسعي إلى كشف هوية المعتدين الحقيقيين وراء الانقلاب على نحو قانوني نظامي، والابتعاد عن استغلال الوضع للاقتصاص من أشخاص ومنظمات ليست بريئة تماماً مما حصل. وبدلاً من السعي لتوسيع صلاحياته الرئاسية، يتعين على أردوغان الإقرار علانيةً بسيادة الديمقراطية البرلمانية التركية، والدور الشرعي للمعارضة المؤيدة للأكراد، ورفع حالة الطوارئ.

ويتعين على الدول الأوروبية، من جانبها، أن تعرض شراكة حقيقية على أنقرة، قائمة على تعزيز أواصر التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، ومساعدة اللاجئين، ومعالجة المشكلات المحتملة لسوريا ما بعد الصراع والتوصل إلى تسوية دائمة معترف بها دولياً مع الأكراد تلحظ مخاوف أنقرة. انطلاقاً من ذلك، ومع مرور الوقت، قد يتولد التكامل التركي الأوروبي، المدعوم أميركياً

معسكران

على امتداد السنوات منذ العام 2002، أصبح أردوغان شخصية مثيرة للاهتمام. فالشعبية التي حظي بها في أوساط المحافظين والطبقة العاملة وناخبي الأقاليم والأرياف لم يقابلها تقارب مع الطبقات المتوسطة الأفضل تعليماً من سكان المدن، الذي رأوا في حزبi مخالفة لتقاليد تركيا العلمانية، والقيم الليبرالية الديمقراطية التي تمثلها أوروبا والاتحاد الأوروبي الذي يطمحون للانضمام إليه.

وقد تآزر ترويج أردوغان لتوجهات معينة في الحياة اليومية العامة مع تنامي وتيرة التشدد السياسي . وتجلى ذلك في مواجهة احتجاجات منتزه جيزي في اسطنبول عام 2013. وقد ساهم الصعود الصاروخي لأردوغان ببروز خلافات، في مشهد سبق نزول الدبابات إلى شوارع البلاد.

Email