حقائق تتبدى بعد توقيع 51 دبلوماسياً مذكرة حول سياسة أميركا في سوريا

أميركا يمكنها إرغام الأسد على التراجع

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يظهر وجود «قناة معارضة» كبادرة حكيمة من وزارة الخارجية الأميركية، تسمح للدبلوماسيين بالتعبير عن تحفظاتهم حول السياسة الرسمية.

كما تأتي القناة كدليل على القلق العميق حينما وقع 51 دبلوماسيا منشقا مذكرة حول سياسة أميركا في سوريا، وهو أكبر عدد من الدبلوماسيين منذ تأسيس طريقة المعارضة، المجازة رسمياً، بعد حرب فيتنام. إلا أن المأساة تكمن في أن الحجة الأساسية لخط الانشقاق حول سوريا، التي تسربت أخيراً، غير مقنعة تماماً.

فباختصار، يشير الدبلوماسيون المنشقون إلى بعض الحقائق التي لا مفر منها، منها اعتقاد الرئيس السوري بشار الأسد، الذي تدعمه القوة الجوية الروسية والقوات البرية الإيرانية، بأنه في مأمن من الإطاحة به. ومع ميزان القوى الذي يميل لصالحه، فإنه لا يرى الحاجة للتفاوض مع أعدائه، وبالتالي الفشل الذريع لمحادثات السلام الأخيرة المختلفة في جنيف.

بدلاً من التوصل إلى تسوية عبر التفاوض، يسعى بشار الأسد، حالياً، لتحقيق النصر العسكري التام. فقد تعهد بصورة علنية، أخيراً، باستعادة «كل شبر» من 70% من أراضي سوريا التي سلبها من قبضته عدد كبير من الأطراف. وبالنسبة إلى تظاهره السابق بالشجاعة، فإن جميع قواته المسلحة، التي أضنتها 5 سنوات من الحرب، تفتقر للعناصر البشرية لتنفيذ مثل تلك المهمة الطموحة.

وبالتالي، لن يحقق الأسد النصر التام، كما أنه لن يتفاوض بشكل جاد، مما يعني أن الحرب ستطول إلى أجل غير مسمى، مع كل ما يقتضيه ذلك من معاناة إنسانية هائلة، ناهيك عن تدفق اللاجئين لأوروبا، وخطر الإرهاب.

يتمثل الحل الوحيد بإجبار الرئيس بشار الأسد على التوصل إلى تسوية عن طريق ترجيح ميزان القوى العسكرية ضده. لذلك السبب يحث دبلوماسيون أميركيون على الاستخدام «الحكيم» للقوة ضد النظام السوري، مؤكدين أن ذلك هو السبيل الوحيد لإحياء محادثات السلام. بعد كل ذلك، في حال كان الرئيس السوري يعتقد بأنه في مأمن، فإن ليس بجعبته سبب للتوصل إلى تسوية.

وإذا عمدنا لتنحية المسألة الدبلوماسية لاتخاذ الإجراء جانباً، فإن الانشقاق يؤكد المبرر الأخلاقي «الواضح والذي لا يرقى إليه الشك» لـ«اتخاذ الخطوات اللازمة لوضع حد للموت والمعاناة في سوريا». لذلك يعتبر الدبلوماسيون الأميركيون الذين وقعوا على تلك المذكرة، على حق.

تكمن المأساة في أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، وبشكل جلي، ليس في مزاج للإنصات. إذ تتمثل سياسته في سوريا بالبقاء خارجاً، وتجنب أي استخدام للقوة العسكرية الأميركية، واتقاء إرهابيي تنظيم «داعش».

لن يعمد الرئيس الأميركي لتغيير رأيه خلال الأشهر الستة الأخيرة في منصبه، وذلك بعد تشبثه بذلك النهج، بكل إصرار، خلال الأعوام الخمسة الأخيرة من الحرب. وبشكل محتمل، يتمثل الهدف الحقيقي من معارضة الدبلوماسيين في هيلاري كلينتون، التي أشارت، سابقاً، إلى أنها ستشدد سياسة البلاد تجاه سوريا في حال فازت بالرئاسة.

غير أن الدبلوماسيين المنشقين كشفوا أيضا، وربما دون قصد، تفكك المغامرة العسكرية الروسية في سوريا. فبعد أن بدأت تلك الحملة في 30 سبتمبر من العام الماضي، وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هدفين، وهما إنشاء «عملية» سياسية تؤدي لسوريا سلمية، وتطيح بتنظيم «داعش».

كسر الجمود

سوريا واقعة في أكبر دوامة تدميرية . فضلاً عن أن حاكمها الديكتاتوري لن يتفاوض. ويصر أكبر حلفائه على دعمه . و يقف البلد الوحيد (أميركا)، القادر على كسر الجمود دون فعل شيء. لذلك دعونا نأمل أن تنفض هيلاري كلينتون الغبار عن الدبلوماسيين المنشقين، مع العمل بمشورتهم.

Email