استرداد الموصل يقرّب هزيمة «داعش» ويحفظ ماء وجه العبادي

مشاركة الحشد في تحرير الفلوجة يعقد الأوضاع

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تشكل عملية قوات الحكومة العراقية لتحرير مدينة الفلوجة من سيطرة «داعش» في ظل الحملة المنطلقة لهزيمة التنظيم في العراق والمنطقة إجمالاً واقعا يفرض نفسه بقوة، ويستحضر مجموعة معقدة من النتائج والتبعات.

وتكمن المشكلة الوحيدة التي تعتري مثل هذا الهدف المحمود في أن نجاح تحرير المدينة، التي كانت تشكل معقل المتشددين القوي، تحقق ، في جانب منه، بمساعدة عناصر الحشد الشعبي الشيعية. وبدلاً من أن يساعد في تخفيف حدة التوترات التي تعصف بالعراق منذ الإطاحة بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين عام 2003، فقد يسهم تحرير الفلوجة السنية على يد المقاتلين الشيعة في زيادة الأوضاع تعقيداً.

مخاوف

في العام 2004، شهدت مدينة الفلوجة التي تشكل قلب الحزام السني النافذ في العراق، معارك ضارية شاركت فيها القوات الأميركية. كما تصدت قوات التحالف بقيادة أميركا للمقاتلين السنة المتخوفين من النفوذ المتنامي للسياسيين الشيعة في مرحلة ما بعد حكم صدام، لا سيما أنهم كانوا يحظون بامتيازات كبيرة في عهده.

وتستمر التوترات حتى الآن، ولو بوتيرة محدودة، في الفلوجة التي كانت خاضعة لأحكام التشدد على طريقة «داعش». وقد زاد من حدتها وجود أحد أبرز قائد للحرس الثوري الإيراني على مشارف مدينة بغداد.

وقد شكلت سيطرة «داعش» على الفلوجة عام 2014 أول انتصارات التنظيم البارزة، لا سيما وأن الاستيلاء على مدينة تقع على بعد 40 ميلاً فقط غرب بغداد عزز امكانية بسط نفوذه على العاصمة العراقية نفسها.

ولحسن الحظ أن تقدم «داعش» عرقله تشكيل التحالف العسكري بقيادة أميركا المتعاونة مع القوات المسلحة العراقية. وقد تمكن التحالف من سلب مكاسب التنظيم ودحره من مدن استراتيجية مهمة، مثل تكريت والرمادي.

ومع إعادة السيطرة على الفلوجة، فلا يتبقى لإلحاق الهزيمة المدوية بـ«داعش» سوى استرداد الحكومة العراقية وحلفائها للموصل، ثاني أكبر مدن العراق، في مهمةٍ ستكون أكثر سهولةً في ظل انقطاع خطوط الإمداد عن مقاتلي «داعش».

ولا يعني ذلك أن هزيمة التنظيم في الفلوجة، في هذه المرحلة المفصلية الدقيقة، لم تخل من المشكلات والتعقيدات. وقد أفادت التقارير أنه عقب قصف القوات العراقية لأطراف المدينة، أخيراً، ملأت فصائل الإعدام التابعة لـ«داعش» الشوارع، وهددت بقتل كل من يحاول التصدي لها.

وأفادت بعض المعلومات بأن بعض القبائل السنية المحلية التي تبدي خشيتها من النفوذ الإيراني على حكومة العبادي، قد تبنت موقفا متحفظا. علماً أن ممارسة «داعش» لأعمال انتقامية بحق المقاتلين السنة في المنطقة ليست بالأمر المستبعد، على غرار ما حصل في تكريت إثر استعادتها من يد التنظيم العام الماضي.

ضغوط وتحرك

واتسمت معركة الفلوجة الأخيرة بثقل الطابع الطائفي، مما يفسر بعد شهور من التذبذب إعلان العبادي، أخيراً، عن استعداده لخوض الحرب ضد «داعش» بعد تعرض حكومته لضغوط المحتجين للتحرك. وجاءت المطالبات عقب مزاعم تشير إلى مسؤولية الخلايا الإرهابية الداعشية في الفلوجة عن سلسلة من السيارات المفخخة التي قتلت 200 شخص على الأقل في بغداد، أخيراً.

وقد تمكن موالون لمقتدى الصدر، في هذه الأثناء، من الدخول عنوةً إلى المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد على وقع المطالبة بإجراء تغييرات جذرية في حكومة العبادي المتسمة بالفساد. ويعلق العبادي الآمال على أن يسهم دحر قوات «داعش» من الفلوجة بحفظ ماء الوجه السياسي.

إيجابية

ظهرت عشية هجوم القوات الحكومية العراقية على الفلوجة صور لقاسم سليماني، قائد فيلق القدس وهي الفرقة التابعة للحرس الثوري الإيراني، متحدثاً مع قادة الميليشيات الشيعية، في ظل الاستعدادات المكثفة للمشاركة في الحملة العسكرية لتحرير المدينة.

وبالتالي أصبح الهجوم على الفلوجة يشكل بالنسبة لبعض المراقبين، بدلاً من اعتباره أحد تحركات الحكومة العراقية المباشرة لاستعادة منطقةً تابعة لها، أحد أوجه الصراع الطائفي في البلاد.

ومن الناحية الإيجابية، تأتي خسارة التنظيم للفلوجة بمثابة مصادقةٍ على تأكيدات الغرب الأخيرة بأن تنظيم «داعش» قيد المطاردة في العراق على الأقل.

Email