تذبذب الموقف الأميركي حيال الأسد يفسح لروسيا تقديم البدائل

تقويض موسكو للمعارضة أحبط الحوار

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن مفاجئاً اقتراب محادثات السلام في جنيف حول سوريا من حافة الانهيار، عقب تعليق المعارضة مشاركتها، ورفض النظام السوري الدخول في نقاش حول سلطة حكم انتقالية تتمتع بكامل الصلاحيات.

وكان واضحاً منذ البداية أن وفد دمشق لن يخوض مفاوضات حول أي مقترح يقوض سلطات الرئيس السوري بشار الأسد، أو يأتي ببديل له. وهو أمر لم يقر به المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا يوماً. وقد تداعت مجمل مساعيه لإطالة أمد المحادثات عند هذه المسألة.

ويكمن أحدأسباب عدم تورع النظام عن تحقيق مراده في الشعور بأنه لم يعد خاضعاً للضغوط الدولية لتنفيذ أي مطلب. وقد سمحت أميركا لروسيا بتولي مسألة إيجاد حل للأزمة السورية المعقدة. وأعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما بوضوح، أخيراً، عدم رغبته في أي تدخل عسكري يطيح بالأسد.

أما فيما يتعلق بروسيا، فإن غاية أميركا وأهدافها لا ترتبط كثيراً بالتوصل إلى اتفاق سياسي يضع حداً لحكم الأسد ويتيح للمعارضة تسلم السلطة.

ويعتبر تفكك اللجنة العليا للمفاوضات بمثابة انتصار أساسي للنظام وحلفائه. وإذا لم تعد المعارضة سريعاً إلى طاولة المفاوضات، ستسود الانقسامات الداخلية بما يثبت صحة وجهة نظر موسكو حول استعداد مجموعات المعارضة الأخرى لتشكل بديلاً لها.

وتقف اللجنة العليا للمفاوضات إزاء جملة خيارات صعبة، وسيكون عليها التخلي عن شرط واحد أساسي متعلق بمصير الأسد إذا أرادت الاستمرار، لكنها إذا فعلت فإنها تخاطر بتعريض نفسها للتفجير من الداخل، ما سيتيح لموسكو تقديم بديل.

وعلى الرغم من شكوك الرئيس الأميركي باراك أوباما حيال نوايا نظيره الروسي فلاديمير بوتين في سوريا، إلا أنه فشل في تزويد حلفائه العرب والغربيين برؤية واضحة حول ما يجب القيام به لإنهاء حرب أهلية دامت خمس سنوات.

ويعتبر موقف أميركا مربكاً بالنسبة للجنة العليا للمفاوضات، ففي حين تؤكد واشنطن أنه لا دور للأسد في مستقبل سوريا، يسيطر الغموض على رأيها حيال دوره في المرحلة الانتقالية المقبلة.

ولهذا السبب تسود اللجنة العليا للمفاوضات أجواء من الإحباط حيال أميركا، وتنتابها الريبة حيال تفاهمات واشنطن مع موسكو حول سوريا.

في ظل إملاءات موسكو لخطى العملية السياسية، وتعزيزها في الوقت عينه فرص النظام لتحقيق مكاسب ميدانية، يبدو إغلاق الستار قريباً على محادثات جنيف، أمر حتمي.

وستقوم موسكو في هذا الإطار بإلقاء اللوم على اللجنة العليا للمفاوضات، كما يرجح أن تقدم بدائل للقبول بصيغة لا تستثني الأسد ونظامه من الحل السياسي. ويعتبر هذا السيناريو الأرجح كفةً اليوم في ظل استبعاد معارضة واشنطن له.

وتصعب رؤية صمود جبهة المعارضة سياسياً، في ضوء تخلي الولايات المتحدة عنها. كما أنه سيتم استهدافها من قبل النظام والطائرات الروسية، وستتم استعادة المناطق التي تسيطر عليها.

ويبدو أن تدخل موسكو في سوريا يؤتي ثماره حتى الآن، على الرغم من تعرضه للانتقادات الأميركية. إلا أن الثمن الذي يدفعه الشعب السوري يبدو كارثياً.

ثقة

تقوضت الهدنة الهشة في سوريا، بالتزامن مع تركيز النظام لعملياته العسكرية على مدينة حلب وجوارها. ويتم التسريع بتقطيع أوصال المدينة ، وسيبدو النظام حينئذٍ أكثر ثقة، وسيتمكن من فرض حل عسكري بحكم الأمر الواقع. ولم يتراجع حجم دعم روسيا العسكري للنظام عقب قرار روسيا المفاجئ بتقليص عملياتها في البلاد .

Email