العراق يواجه مراجعة حساب موجعة لإدارة مسيرته

ت + ت - الحجم الطبيعي

أبلغ العراقيون الساعون لسحب الأموال من المصارف، أخيرا، بأن المبالغ النقدية الموجودة لا تكفي، في حين أن مستشفيات البلاد التي تعاني حرماناً يعود إلى عقوبات فترة التسعينيات تعيد تعقيم محاقن يفترض أنها تستعمل لمرة واحدة فقط. أما في كردستان العراق شمالاً، فالأزمة الاقتصادية أشد وطأةً، حيث الموظفون الحكوميون كما عناصر البيشمركة لم يحصلوا على مستحقاتهم منذ شهور، مما أدى إلى انطلاق موجة احتجاجات عنيفة.

المشهد في العراق يصوّر بلداً يخوض حرباً مكلفة ضد تنظيم «داعش»، ويواجه ضغوطا اقتصادية، أوجدها تراجع أسعار النفط، الذي يشكل 90 بالمئة من عائدات الحكومة العراقية.

ويتوقع المسؤولون والمحللون أن يشرف العراق على أوقات اقتصادية عصيبة أكثر، ويصرون في الوقت ذاته على عدم تأثير ذلك على مسار الحرب المدعومة من قوى خارجية عازمة على هزيمة «داعش».

ويخشى العراقيون أن تؤدي هذه الوضعية الاقتصادية إلى ظهور الاضطرابات الاجتماعية على نطاق واسع، في بلد مزقته الحرب والتهجيرات والعداوات الطائفية.

ويعتبر الراتب، أو الراتب التقاعدي الحكومي، حلقة الوصل الأخيرة ربما بين المواطن العراقي والدولة المهشمة إثنياً وطائفياً، لا سيما في ظل توسع عمق الهوة بين الشعب والطبقة السياسية، التي ينظر إليها كثيرون على أنها فاسدة وعاجزة.

ويفرض تراجع سعر النفط، بعدد من الأوجه، إعادة حساب موجعة حيال طريقة إدارة العراق لشؤونه الاقتصادية. وحين كان سعر برميل النفط يتراوح بين 90 ومئة دولار، في الآونة الأخيرة، كانت العائدات النقدية تغذي النظام السياسي القائم على المحسوبيات.

وبدلاً من أن تستثمر الأموال في قطاع الخدمات، استخدمت في إطالة قائمة الرواتب الحكومية، وترافق ذلك مع ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي، الذي عكسه انتشار مراكز التسوق التي تعددت في بغداد في السنوات الأخيرة.

وامتد سيف الاقتطاعات الحكومية إلى كل مناطق البلاد، وتمثل بوقف مشاريع بناء المستشفيات والمدارس والمصانع والملاعب الرياضية.

وقال لؤي الخطيب، مستشار الحكومة العراقية ومؤسس معهد الطاقة، إن البلاد تحتاج لإصلاحات جذرية «تلامس كل نواحي النظام الاقتصادي والبنية الاجتماعية في العراق».

إلا أن اتخاذ أي من تلك الخطوات سيمثل حتماً إعادة ترتيب جوهرية لمجتمع يعتمد مواطنوه على الحكومة في تأمين معيشتهم. وستقف ثقافة العراق حائلاً أمام إقامة الحكومة لنظام ضريبي تحاول من خلاله توسيع شبكة العائدات بما يتخطى النفط.

كلام

الأكراد احتجوا بشدة على تأخير صرف رواتبهم

Email