تغيُّر في العلاقات الأميركية مع المنطقة بسبب الإخفاق في فهم طبيعة التحولات

واشنطن لا سياسة محددة لها في الشرق الأوسط

الوعود بإنهاء الحرب في العراق دفعت لانتخاب أوباما

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل تعلم ماذا يجب على الولايات المتحدة القيام به في الشرق الأوسط؟ الجواب عن هذا السؤال كان عادة واضحاً للغاية، ولكنه ليس كذلك الآن. وعلى امتداد معظم نصف القرن الماضي، عرف قادة أميركا من هم أصدقاؤهم وأعداؤهم، وكان لديهم إحساس واضح بما كانوا يحاولون فعله. لكن ليس بعد اليوم، فهناك غموض كبير حول مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

هناك شيء واحد واضح، دليل العمل الذي استخدمناه في المنطقة منذ أربعينيات القرن العشرين لم يعد يكلل بالنجاح. ويبدو أننا لازلنا نعتقد أن الشرق الأوسط يمكن أن يدار من خلال توثيق العلاقات مع الحكام المستبدين، ودعم إسرائيل ، ونكرر الحاجة إلى «القيادة» الأميركية، وعندما يفشل كل شيء آخر فإننا نقصف بعض الأهداف. إلا أن هذا النهج من الواضح أنه لا يجدي، والمبادئ التي كانت ترشد الولايات المتحدة في الماضي لم تعد تساعدها الآن.

سياسة الاحتواء

الأمور كانت بسيطة ، وهذا ليس مجرد حنين إلى الماضي. وخلال الحرب الباردة، على سبيل المثال، فإن العناصر الأساسية لسياسية أميركا في الشرق الأوسط كانت مفهومة تماماً، فأولاً وقبل كل شيء سعت الولايات المتحدة إلى احتواء وربما تقليل تأثير الاتحاد السوفيتي في المنطقة. وسعت أيضاً إلى التأكد من أن النفط والغاز يواصلان التدفق إلى أسواق العالم وأن إسرائيل تواصل البقاء كأعتى قوة في المنطقة، على الرغم من أن «العلاقة الخاصة» المختلة الموجودة اليوم لم تبدأ بالظهور حتى أواخر ستينيات القرن العشرين.

ولتحقيق هذه الأهداف بدءاً من عام 1945 وصولاً إلى عام 1990، فإن الولايات المتحدة تصرفت على العموم باعتبارها موازنة من الخارج. وبالنظر إلى الفرق الواضح في نشر قواتها العسكرية في أوروبا وآسيا، إلا أن واشنطن لم تنشر قوات برية كبيرة في الشرق الأوسط، وأبقت على قدراتها العسكرية منخفضة، وبدلاً من ذلك اعتمدت على مجموعة متنوعة من الشركاء والحلفاء المحليين.

ودعمت الولايات المتحدة على وجه الخصوص النظم المحافظة، وأقامت علاقات وثيقة مع إيران حتى ثورة عام 1979، ونظرت إلى إسرائيل على أنها رصيد استراتيجي غالباً، لأنها ظلت تهزم معظم أنصار الاتحاد السوفيتي.

أدت سلسلة من التطورات والمشكلات الاقتصادية المتزايدة إلى اقناع الرئيس المصري أنور السادات بالتخلي عن الاتحاد السوفيتي وإعادة ترتيب أولوياته مع واشنطن. ولعبت الولايات المتحدة أيضاً لعبة موازنة القوى في الخليج: رونالد ريغان وبوش مالا نحو العراق خلال حربه مع إيران، وتحول عقبها بوش كي يصبح ضد العراق، عندما غزا الكويت عام 1990.

جذور المشكلة

لماذا تواجه الولايات المتحدة مثل هذه المشكلة؟ لأنها فشلت في الأخذ في الحسبان التغيرات الهائلة التي حولت المشهد الاستراتيجي في الشرق الأوسط. وبداية، ليس هناك منافس قوي ينظم استراتيجية الولايات المتحدة. واحتواء تأثير الاتحاد السوفيتي اعتبر الهدف الرئيسي خلال الحرب الباردة، ووضوح ذلك الهدف سهل، وهو وضع الأولويات واستدامة السياسات المتسقة.

ثانياً، علاقات الولايات المتحدة مع حلفاء الشرق الأوسط التقليديين في أدنى مستوياتها منذ سنوات. وجنحت تركيا إلى السلطوية في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية، وسياساتها تجاه الأزمات في سوريا وما تعلق بتنظيم «داعش» كثيراً ما تعتبر على خلاف مع أداء الولايات المتحدة.

ثالثاً، انهيار أسعار الطاقة المذهل واحتمال وجود تخمة في الأسواق ألقى بظلاله على المنطق الاستراتيجي الذي أدخل الولايات المتحدة وعزز من بقائها في المنطقة منذ عام 1945.

رابعاً، سجل أميركا في المنطقة خلال العشرين سنة الماضية يدفع بأسئلة جدية إلى السطح بشأن القدرة على تحديد الأهداف الحقيقية والوصول إليها. والنفوذ العالمي يستند في جانب منه على صورة قوامها الكفاءة، وفعلت الإدارات الأميركية الثلاث الأخيرة القليل لتلميع تلك الصورة. وأخيراً، فإن من الصعب تخمين دور الولايات المتحدة لأن أدوات السياسة التي يعتبر استخدامها أسهل بالنسبة إلى واشنطن ليست لها صلة بمشكلات الشرق الأوسط.

نهاية

مع نهاية الحرب الباردة، توقع المراقبون أن انخراط الولايات المتحدة في المنطقة قد يقل. وبدلاً من ذلك، تعمق هذا الدور ، وبدلاً من نهج موازنة القوى، فإن استراتيجية إدارة كلينتون «للاحتواء المزدوج» دفعت بواشنطن إلى أداء دور الشرطة الأقليمية. و هذه الاستراتيجية الخاطئة تطلبت من الولايات المتحدة أن تبقي على قوات كبيرة، وهو ما أدى إلى مهاجمتها في أحداث 11 سبتمبر.

وتزايد دور أميركا العسكري عقب أحداث 11 سبتمبر، بعد أن شرع جورج بوش وديك تشيني في جهودهما تجاه «التحول الإقليمي». النتيجة كانت كارثية. وانتخب باراك أوباما عقب وعود بإنهاء الحرب في العراق وتحقيق حل الدولتين.

Email