تطبيق طهران لبنوده يتيح لها دوراً بناءً في المنطقة

اتفاق نووي إيران ومسؤولية القرار الأميركي بترسيخ الاستقرار

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يواجه الكونغرس الأميركي مجدداً لحظة اتخاذ قرار مصيري تتعلق بسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وسيُظهر التصويت المقبل على الاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى الست المعروف بالاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني، للعالم ما إذا كانت أميركا تتحلى بالإرادة وحسّ المسؤولية للمساعدة في بث الاستقرار في الشرق الأوسط، أو ما إذا كانت ستساهم في نشر المزيد من الاضطرابات، بما في ذلك الانتشار المحتمل للأسلحة النووية.

قد تكون الخطب النارية نافعة في هذا الوضع، إلا أن الأجدى سيكون استعمال اللغة الواضحة في ظل النشاز الإعلامي الحاصل اليوم حيال الاتفاق.

يحقق الاتفاق الأهداف الرئيسية لدى إدارتي الحزبين الجمهوري والديمقراطي الأخيرتين حول التزام إيران بشكل صارم ببرنامج نووي مدني، مصحوب بتحقيق ومراقبة غير مسبوقين من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن.

لقد التزمت إيران بعدم تطوير أو حيازة أي سلاح نووي، ويضمن الاتفاق استمرار هذا الواقع لخمسة عشر عاماً على الأقل، أو أكثر ربما، إلا إذا عمدت إيران إلى التنصل من برنامج التفتيش، والتخلي عن التزاماتها بموجب اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية والبروتوكول الإضافي.

لا يوجد خبير أكثر مصداقية حول الأسلحة النووية من وزير الطاقة الأميركي إرنست مونيز، الذي تولى قيادة الفريق التقني المفاوض. وحين يؤكد مونيز أن الاتفاق يسد كل الطرق على إيران للحصول على مواد انشطارية لإنتاج الأسلحة النووية، فإن المسؤولين يصغون إلى ما يقول، سيما وأن 29 عالماً نووياً أميركياً صادقوا على صحة أقواله.

مسؤولية أميركا

لو كان بمقدور أميركا أن تقدم لإيران اتفاقاً «تقبل به أو ترفضه»، لكانت البنود دون شك ستأتي أكثر ثقلاً على إيران. إلا أن الاتفاقات التي تخضع للتفاوض، وهو أمر لا يتم إلا في أوقات السلم، تعتبر تسويات بالضرورة.

يصيب الكونغرس الأميركي في إجراء مراجعة شاملة، وعقد جلسات استماع ونقاشات لمؤيدي الاتفاق ومعارضيه، إلا أن الجهد الواضح لجعل الاتفاق النووي الاختبار الأصعب لالتزام الكونغرس حيال اسرائيل قد يكون حدثاً غير مسبوق في سجل العلاقات الحديثة بين البلدين.

ولنكن واضحين حول عدم وجود أي بديل مقبول يجيز منع الكونغرس أميركا من المشاركة في الاتفاق، وهي لو خرجت من المباحثات كانت ستخرج وحيدةً. لقد عملت القوى العظمى معاً بشكل فاعل تحت قيادة أميركا، ولا يشكل الانسحاب من تحقيق الإنجاز إلا تخلياً عن دور أميركا الفريد ومسؤوليتها، بما يولد سخطاً مبرراً في أوساط الحلفاء والخصوم على السواء.

كانت أميركا ستخسر كل سيطرة لها على نشاط إيران النووي، وكانت العقوبات الدولية ستنتهي حتماً، ولا ينخدع أي من أعضاء الكونغرس بأن شن أي اعتداء آخر على الشرق الأوسط سيجدي نفعاً.

دور الكونغرس

من هنا تبرز الحاجة الملحة لأن يدعم الكونغرس الاتفاق، ويقوم بأكثر من ذلك، فيلعب دوراً رئيسياً في عملية التطبيق والتحقيق التي تشكل أساساً لنجاح الاتفاق. ويتعين عليه أن يضمن حصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبقية الهيئات المعنية، ووكالات الاستخبارات الأميركية على المصادر اللازمة لتسهيل عملية التفتيش والمراقبة.

كما ينبغي على الكونغرس التأكد من أن التزامات أميركا حيال قادة دول المنطقة بالمساعدة العسكرية والتدريب والدفاع بالصواريخ البالستية، التي تعهدت بها في كامب ديفيد، أخيراً، يتم تطبيقها وتمويلها من دون تأخير. ويجب أن يضمن كذلك عمل أميركا بشكل وثيق مع تلك الدول وبقية الحلفاء لتعديل السلوك الإيراني في المنطقة والتصدي له حيثما يجب ذلك.

يقف الذين ينتمون إلى هذا الجيل مترددين حيال صياغة السياسات الحالية، في تطور طبيعي لمسار الأمور. إلا أن عقوداً من التجارب تشير إلى وجود لحظات تاريخية يجب ألا تضيع هباءً. أدرك الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون ذلك مع الصين، كما هي الحال مع الرئيسين الأميركيين السابقين رونالد ريغان وجورج بوش الأب مع الاتحاد السوفييتي. وأعتقد أننا نواجه الأمر عينه مع إيران اليوم.

Email