أجندات متعددة يعكسها التصدي الأميركي -التركي لتنظيم «داعش»

الحظر الجوي شرط المنطقة الآمنة في سوريا

تركيا لم تفرق في غاراتها الجوية بين «داعش» والأكراد

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتوافق آراء الولايات المتحدة مع تركيا، شريكتها في حلف شمال الأطلسي، «ناتو»، عندما يتعلق الأمر بقتال تنظيم «داعش». وبالنظر إلى المذبحة التي أقدم عليها التنظيم «داعش» بقتله 32 كرديا كانوا على الجانب التركي للحدود السورية، أخيرا، شنت أنقرة حملة اعتقالات لعناصر التنظيم داخل البلاد، وبدأت بشن هجمات جوية ضد أهداف تابعة له داخل سوريا، وبعد طول انتظار فتحت قاعدة «إنجرليك» للطائرات الحربية الأميركية، التي ستمنح الطيارين وقتا أطول لتحقيق أهدافهم.

إلا أن المظاهر قد تكون خادعة، ففي الوقت الذي تواصل تركيا تحقيق الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد من السلطة على اعتبار أنه هدف أهم من قتال تنظيم «داعش»، يتنامى القلق التركي أيضا جراء توسع المنطقة ذات الحكم الكردي في سوريا، الذي يعكس حكم الأمر الواقع بالنسبة إلى أكراد العراق، ويمثل دعامة بالنسبة إلى الأقلية الكردية في تركيا.

وحتى مع بدء تركيا تنفيذ طلعات جوية ضد تنظيم «داعش» في سوريا فقد شنت هجمات على المخيمات التابعة للأكراد العراقيين الخاصة بحزب العمال الكردستاني، وهي المجموعة التي تسعى إلى إقامة وطن للأكراد جنوبي تركيا. وأظهر الأكراد في المنطقة أنهم من أكثر العناصر القتالية تأثيرا في التصدي لتوسع تنظيم «داعش»، حيث يتلقون دعما كبيرا من الولايات المتحدة الأميركية.

المقاتلون الأكراد

وقد تنشأ مشكلة جراء هذا الأمر، وفي هذا السياق قال مسؤول عسكري أميركي لم يفصح عن اسمه لوكالة «أسوشيتيد برس» إن خطط الولايات المتحدة للعمل مع تركيا لإيجاد ما أسماه منطقة خالية من تنظيم «داعش» إلى جانب الحدود السورية مع تركيا لن تشمل فرض منطقة حظر جوي.

إلا أن ما تطرح التساؤلات بشأنه هي تلك المسائل التي تتعلق بالمقاتلين الأكراد، الآتين من سوريا تحديدا وأولئك الآتون من العراق وتركيا والمسؤولين إلى حد كبير عن إنشاء المنطقة الخالية من تنظيم «داعش» التي أشار لها المسؤول الأميركي. وبينما تبدي الولايات المتحدة ترحيبا بدعم ذلك التطور في تركيا، يبدو أن الأخيرة تسعى إلى إحلال القوى السورية محل المقاتلين الأكراد من أجل مصلحتها الخاصة تحت مسمى «القوى العربية السنية».

وتعهد المقاتلون الأكراد بمواجهة القوات التركية في حال غزت المنطقة، وفي الوقت الراهن فإن تركيا تزيد من حدة مواجهتها للأكراد. وليس هناك فرق بين حزب العمال الكردستاني وبين تنظيم «داعش»، وقال وزير الخارجية التركي مولود أوغلو في مؤتمر صحافي عقده في لشبونة إن من غير الممكن القول بأن حزب العمال الكردستاني أفضل لأنه يقاتل تنظيم «داعش». ووصف القوات الكردية قائلا إنها تقاتل «من أجل السلطة وليس من أجل السلام والأمن». وشن حزب العمال الكردستاني هجمات داخل تركيا في الماضي، ويمكنه فعل ذلك مجددا في حال شعر أنه مهدد ممن قبل أنقرة.

وإعلان ما يسمى «بالمنطقة الآمنة» من دون إدارة المنطقة الجوية يعد اقتراحا محفوفا بالمخاطر. وحتى الآن ركزت قوات الأسد على القتال الدائر حول المنطقة الساحلية، التي تعتبر أكثر أهمية لبقائه مقارنة بإنشاء «منطقة آمنة» من شأنها أن تدار من قبل السنة والأكراد.

موازنة المصالح

ولكن في حال بدأت سوريا بإسقاط براميلها المتفجرة على المراكز السنية في الأماكن المعلن عنها، فإن من الصعب تخيل كيف أن الولايات المتحدة يمكنها تجنب التوجه إلى إنشاء منطقة يحظر فيها الطيران.

وكان لمنطقة حظر الطيران التي فرضت على شمالي العراق بعد حرب الخليج الأولى دور أساسي في ايجاد حكومة إقليم كردستان. وقد تشهد تركيا وضعا مماثلا على طول الحدود والتي قد تعد بمثابة كارثة سياسية ومخاطرة أكبر بالنسبة لمصالحها مع الرئيس السوري بشار الأسد.

وفي الخلاصة، فإن الولايات المتحدة تستهدف تنظيم «داعش» لمساعدة الأكراد، الذين ترى فيهم حلفاء، إلى جانب حكومة بغداد. وتتجنب الولايات المتحدة بشدة شن هجمات على النظام السوري، على اعتبار أنه أهون الشرين. وتضرب تركيا الأكراد بحماس في الوقت الراهن، وتستهدف تنظيم «داعش» على مضض. ولا تثق تركيا في بغداد ولا علاقتها العسكرية المتنامية مع إيران.

الموقف العربي

لا تقف الأنظمة العربية في صف التحالف الأميركي تماما، ولا يمكنها كذلك تحمل حكومة بغداد، التي ينظر إليها على أنها تضطهد الأقلية السنية العربية، والتي تبدو أقل اهتماما بقتال «داعش» مقابل حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، التي ينظر إليها على أنها وكيل لإيران.

وتريد إيران تدمير تنظيم «داعش» في العراق، على وجه الخصوص، إلا أن إيران وحزب الله يسعيان إلى دعم النظام السوري بشكل كبير. ويريد تنظيم «داعش» القضاء على أي أحد لا يتوافق مع أهوائه، مثل جبهة النصرة أحد فروع تنظيم القاعدة. وفي هذه الأثناء فإن عناصر الجيش السوري الحر يحاولون أن لا يقاتلوا أحدا. ومن الصعب أن نرى تقدم أي أحد باتجاه «المنطقة الآمنة».

Email