مساعٍ صينية لمد الجسور إلى العرب

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تعتبر التجارة عاملاً مركزياً لبناء الروابط بين الصين والشرق الأوسط، لاسيما أنها تضاعفت بما يزيد على 600 في المئة على امتداد سنوات العقد الماضي، لتصل إلى 230 مليار دولار عام 2014. وتستورد البحرين ومصر وإيران والسعودية من الصين أكثر من أي بلد آخر. كما تشكل الصين وجهة الصادرات الأولى لعدد من دول المنطقة كذلك.

وتدفع عجلة التجارة قدماً بفعل تعطش الصين للنفط. وقد أصبحت في العام 2015 مستورد النفط الخام الأول في العالم. حيث يجيء نصفه، أي ما يزيد على ثلاثة ملايين برميل في اليوم، من الشرق الأوسط. ومن المتوقع بحسب وكالة الطاقة الدولية، أن تصل كمية الصادرات من المنطقة إلى ضعفين بحلول العام 2035، لتتخطى أي دولة أخرى في العالم. وقال شاولنغ فينغ من جامعة كورنيل في هذا الصدد: «إنه لتحول كبير أكثر منه تغيير تراكمي».

تشكل دول الشرق الأوسط الأكثر فقراً نفسها سوقاً خصباً للسلع الصينية البخسة. وقد اقترح الرئيس الصيني شي جينبينغ في العام 2013 إعادة إحياء طريق الحرير، الممر التجاري القديم الذي كان يصل بين الصين وبلاد فارس والعالم العربي. كما تزدحم شوارع عواصم مصر وسوريا وإيران بالسيارات الصينية، فيما تنتشر الألبسة والألعاب والمواد البلاستيكية المصنوعة في الصين.

أضف إلى ذلك أن بكين تبيع الأسلحة الخفيفة كذلك، وفقاً لمعهد الولايات المتحدة للسلام. وبينما تتطلع الصين غرباً، تتجه الدول العربية شرقاً، ويعكس ذلك في جانب منه ثورة سوق الطاقة القائم على عمليات التصديع.

حيث تزيد أميركا من اعتمادها على النفط والغاز الصخريين وتشتري كمية أقل من النفط من الشرق الأوسط. وقامت المنطقة في العام 2000 بتصدير 2.5 مليون برميل من النفط لأميركا يومياً، وقد انخفض هذا العدد عام 2011 إلى 1.9 مليون برميل.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أنه بحلول العام 2035 لن تشتري أميركا سوى 100 ألف برميل في اليوم، في حين سيتدفق 90 في المئة من نفط الشرق الأوسط إلى آسيا.

ويحرص القادة العرب، من أمثال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، على استقطاب المستثمرين الصينيين، وقد قام على غرار كل القادة العرب بزيارة بكين.

لقد حققت الشراكات الاقتصادية الخالصة حتى اليوم نجاحاً، علماً أن قلة من العرب يتخوفون من استغلال الصين للمنطقة. إلا أن العلاقات قد تتغير بمرور الوقت، حيث يخشى عدد من القادة في الشرق الأوسط من انسحاب أميركا من المنطقة، وعلى الرغم من إدراك بعض المسؤولين عدم امتلاك الصين لقدرات أميركا العسكرية أو هيبتها الدبلوماسية، فإنهم يرغبون بوجود طرف ما يملأ الفراغ المحتمل.

لقد عززت الاضطرابات التي تلت أحداث الربيع العربي، حالة الحذر، وها هي الصين تسعى لزيادة مخزونها من النفط وإقامة المزيد من علاقات الصداقة في المنطقة، إلا أن جينبينغ يعرب عن رغبته في التعاون في المجال النووي، وتكنولوجيا الفضاء والطاقة المتجددة.

قد تغرق الصين، في ظل تنامي مصالحها، في مستنقع السياسات الشائكة للشرق الأوسط، سواء رغبت بذلك أو لا. وجه الرئيس الأميركي باراك أوباما العام الماضي انتقاداً إلى الصين لتفاديها خوض الحرب ضد «داعش»، واتهمها بأنه «راكب مجاني» منذ زمن طويل، وأنها لا تقدم سوى القليل مقابل تدفق النفط الثابت إليها، ويوافقه عدد من القادة العرب في رأيه.

قوة ناعمة

قد لا تملك الصين القوة الناعمة التي لدى أميركا، إلا أنها تحظى بتقدير بعض الأوساط. وقد اعتمدت بكين منذ زمن بعيد سياسة «عدم التدخل» في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، فعارضت غزو العراق بقيادة أميركا عام 2003، وصوتت إلى جانب روسيا منعاً لاتخاذ أي إجراءات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

Email