حلقات الانتقام في العراق تعوق تقدم الحكومة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

وصفت الحكومة العراقية أخيراً، عمليتها العسكرية للسيطرة على مدينة تكريت شمال العراق، وانتزاعها من يد مقاتلي «داعش» بالنصر المهم. ودعمت البنتاغون تلك الرؤية المتفائلة عن الحرب ضد التنظيم، الذي تقاتله الولايات المتحدة عبر شن هجمات جوية، وتدريب المقاتلين العراقيين.

إلا أن صورة ما حدث عقب القصف الأميركي لدحر مقاتلي «داعش» من المناطق ذات الأغلبية السنية يغشاها الالتباس والجدل. وبينما قام رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بزيارة رسمية، هي الأولى له إلى واشنطن، يظهر المزيد من الأدلة، التي تثبت قيام أفراد الميليشيات الشيعية بالتواطؤ مع قوات الجيش العراقي بتنفيذ مجموعة من الإعدامات من دون محاكمة، وأعمال النهب واسعة النطاق.

وفي عدد من الحالات المثيرة للقلق بدا من الواضح أن الميليشيات الشيعية المدعومة بدرجات متفاوتة من الخارج، تنتقم من السنة في المناطق التي ساعدت على دحر «داعش» منها في الأنبار.

وقد وثّق تلك الفظاعات عدد من القصص الإخبارية، وأفلام الفيديو التي عمد شهود عيان إلى تصويرها. وأظهر أحد تلك المقاطع المصورة مسؤولين أمنيين يرتدون الزي العسكري يستعرضون بتباهٍ رأساً مقطوعاً لأحد المتمردين المشتبه بهم.

وقام أحد المراسلين الصحافيين المحليين بتصوير جسد رجل مقيّد يتم جره خلف شاحنة تم ربطه بها. أما المقاتلون المثيرون للشبهة، فقد تعرضوا للطعن حتى الموت، وتم تصوير لحظات لفظ أنفاسهم الأخيرة بعدسة كاميرات هواتف نقالة.

وبينما يتباحث القادة الأميركيون والعراقيون في شؤون مستقبل العراق قريباً، عليهم أن يجترحوا خطة عملانية تعزز البنية القيادية لقوات الجيش العراقي، وتعاقب رجال الميليشيات الذين عمدوا إلى ارتكاب جرائم حرب، وطرد الميليشيات الأشرس من ساحة القتال. ويحتل التوجه نحو تحقيق مثل تلك الأهداف أهميةً كبرى مع اقتراب الحكومة العراقية من موعد البدء بتنفيذ عمليات طموحة لاستعادة السيطرة على الموصل، ثاني أكبر مدن شمال العراق، إضافة إلى أجزاء واسعة من المناطق الواقعة غربي البلاد.

ويبدو أن العبادي، الذي يعتبره البعض من المعتدلين الشيعة، يتمتع بإرادة سياسية لحكم العراق بطريقة أقل طائفية من سلفه، رئيس وزراء العراق السابق نوري المالكي. إلا أن تنفيذ هذه الرؤية في إطار حكومة بغداد المعطلة وغير المركزية يشكل تحدياً هائلاً. لقد غدا تأثير الميليشيات الشيعية أكثر تنامياً في عدد من مناطق البلاد، بعد أن بدأ الشيعة العاديون ينظرون إليهم على أنهم مصدر حماية يمكن الاعتماد عليه.

إلى جانب وضع استراتيجية تحد من تجاوزات الميليشيات، يتعين على الحكومة أن تتعامل بشكل هادف مع مسألة حرمان سنة العراق من حقوقهم، التي مهدت وسهلت بروز تنظيم «داعش».

وقد لجأ العبادي، خلال زيارته إلى العاصمة الأميركية واشنطن، لطلب المزيد من الأسلحة للجيش العراقي. ولبت الولايات المتحدة بعض طلباته، وتكون بذلك قد سارت خطوةً أخرى نحو توسيع دائرة مشاركتها في الصراع، الذي فشل مجلس النواب الأميركي بتأمين التفويض القانوني المناسب له. وكانت جهات التشريع في أميركا، بعد طلب إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما منها رسمياً في فبراير الماضي إصدار تفويض حرب جديد، قد فشلت في تسوية خلافاتها المتعلقة بنطاق تلك الحرب وطبيعتها. ويبدو أن الإدارة الأميركية مصرة على مواصلة الاعتماد على تفويضات الحرب الممددة والصادرة منذ أكثر من عقد من الزمن في شأن حربي العراق وأفغانستان.

تضمن ساحات الصراع في العراق، التي تعمل الولايات المتحدة على صياغة شكلها من الجو، بنشوء جدل حقيقي حول أهداف التورط الأميركي ومخاطره.

دائرة العنف

لطالما أذكت حلقات العنف الوحشي الصراع في العراق، عبر السنوات، وقد ارتكبها أفراد طائفة ما ضد أخرى انتقاماً لأفعال من الماضي تتسم بعنف مماثل. إلا أن ذلك بات أشد وضوحاً، وأكثر عصيةً على التعطيل في ظل فترات القتال العنيف.

Email