«ناتو» يتابع تطورات المنطقة بحثا عن دور له

القوة العربية أداة لمواجهة الأزمات المقبلة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

سوريا تشتعل، والعراق في حرب، وليبيا تتفكك، واليمن يتشظى بصورة جوهرية، وليس بالأمر الجديد القول، إن الشرق الأوسط يعاني مرة أخرى من الأزمات، إلا أن الاستجابة الجماعية للدول العربية لهذه المجموعة الفريدة من القضايا المتداخلة والصراعات المتشابكة تعد أمراً جديداً بالتأكيد.

تعكف الجامعة العربية الآن على إنشاء قوة جديدة، تتألف من أربعين ألف جندي من مختلف الدول العربية، وبينما لا تعد هذه القوة من حيث القدرة على مستوى «ناتو»، فإن الخطوة جذابة ومهمة في أكثر بقاع العالم اضطراباً.

القوة العسكرية

وستتألف القوة الأولية من قوات أغلبها مصرية وأردنية ومغربية وسعودية وسودانية، وبعضها من دول خليجية أخرى، وسيتم قيادتها من قبل قائد سعودي، وسيكون لها هيكل قيادة منظم ودائم.

وتكمن الفكرة في تأليف قوة متعددة الجنسيات، يمكن أن تكون جاهزة لمعالجة الأزمات المستقبلية، بالطريقة ذاتها، التي تنفذ بها دول عربية عدة العمليات الحربية في اليمن.

وتشير التقارير إلى أن خمسمئة إلى ألف جندي سيكونون أعضاء في القيادة الجوية، وسيعمل خمسة آلاف آخرون في القيادة البحرية، وخمسة وثلاثون ألفاً في القوات البرية، وعلى غرار هيكل قيادة «ناتو»، ستجهز هذه القوة العربية بمعدات قتالية خاصة، وستضم قوات جوية وبحرية وبرية وقوات خاصة. وسيدفع للقوات أجورها من قبل الدول المعنية، وستمول الهياكل القيادية من قبل مجلس التعاون الخليجي.

وهناك قدر لا بأس به من هذا النوع من العمليات سابقاً، بما فيها هجمات التحالفات العربية المتعددة ضد إسرائيل في القرن العشرين وعمليات التحالف العربية في اليمن عام 1962، ولكن لماذا يحدث هذا، وماذا يتعين علينا نحن في الغرب أن نفعل حيال ذلك؟

تعد القوة المشتركة أمراً مهماً بالنسبة للسنة العرب بالنظر إلى قدرات طهران على الساحة العالمية، وذلك في حال تم رفع العقوبات عنها، وفي حال نفذ ذلك فستتدفق مليارات الدولارات إلى خزائن إيران، لا سيما أنها ستستعيد قدرتها على التجارة الدولية الحرة عبر الإنترنت، وبينما قد تمنع أو لا تمنع من إنتاج سلاح نووي، فمن المؤكد أنها ستمتلك مصادر كبيرة جداً، وذلك بافتراض أن الصفقة النووية سيتم إبرامها في صورتها النهائية.

دور الانقسامات

هل هناك دور لحلــــف «ناتو»؟ من المبكر قول ذلك، إلا أن الحلف له علاقات دافئة مع كثير من الدول السنية كونه جزءاً من مبادرة إسطنبول للتعاون، وخلال مؤتمر عقد، أخيراً، في المنطقة، قال نائب الأمين العام للحلف الجنرال الكسندر فيرشبو: «لدى الحلف سجل راسخ من التعاون مع دول الخليج، وإطلاق مــــبادرة إسطــنبول قبل 10 أعوام كان دليلاً قوياً على أن الأمن والاستقرار في المنطقة هو أمر أهميته الاستراتيجية للحـــلف، تماماً مثل أهمية منطـــقة اليورو الأطلسية بالنسبة للخليج».

ومن غير الواقعي أن الدول الخليجية يمكن أن تطالب بمساعدة «ناتو»، إلا أن من الواجب على دول التحالف الغربي أن تجعل نفسها متاحة، من دون الضغط عليها، بل بالعرض فقط، وذلك كي تقدم النصيحة والتدريبات العسكرية المشتركة، والاستخبارات المشتركة، والدعم المادي، والدعم العام.

وأخيراً، هل من المحتمل أن مخاوف العرب من قبضة إيران قد تحل محل عدائهم لإسرائيل؟ لا يبدو ذلك أمراً محتملاً، إلا أنه جدير بالاهتمام، لا سيما في ظل الانقسام السني- الشيعي، وبالتأكيد ستشعر دول الخليج بالقلق من إيران المسلحة نووياً.

وللأسف يبدو أن الأمر يتجه نحو حرب سنية- شيعية في المنطقة، ومن الجيد الأخذ بعين الاعتبار كيف ستتعامل الولايات المتحدة، و«ناتو» مع حلفائهما في المنطقة، بينما يواجهون إيران بعد خروجها من المفاوضات.

تحالف عسكري

لا يتعلق تأسيس قوة التحالف العربية بالأحداث في اليمن، على الرغم من أنه سبب مباشر، فالأمر ببساطة أن أعضاء الجامعة العربية، وبخاصة السنة في هذه المرحلة بالنظر إلى الانهيار الحاصل في العراق ولبنان وسوريا يعملون على إيجاد هذه القوة لمواجهة إيران.

وينبغي على الولايات المتحدة دعم التحالف السني الناشئ المتمثل في قوات التحالف العربي لتضمين الاستخبارات والخدمات اللوجستية، وقوات التدريب السيبرانية الخاصة، والمركبات الموجهة عن بعد، وأنظمة أخرى يمكنها العمل من دون الحاجة إلى تجنيد كوادر بشرية. ومن الواضح أن برنامج المساعدة العسكرية المطور بمهارة في شكل منح ستمنح إلى مصر، وتباع إلى السعودية ودول الخليج يجب أن يستمر، ويجب تعزيز برامج التدريب المتبادل.

Email