خلافات في واشنطن حول تفويض الحرب

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ طالب الرئيس الأميركي باراك أوباما مجلس النواب بمنحه سلطة جديدة لاستخدام القوة العسكرية ضد «داعش»، والاقتراح يخضع لهجوم الصقور في الكابيتول هيل. وعلق عضو مجلس الشيوخ ليندسي هيل على ذلك قائلاً: «ليس هدفي إلحاق الضرر بجهود الحرب، لكن هناك أذى من اعتماد استراتيجية لا تحظى بأدنى فرص النجاح».

إنه محق، وهذا هو السبب تحديداً لاعتبار توصيات استخدام القوة، التي يعتمدها غراهام ويناصرها سواه، مضللة إلى هذا الحدّ.

يدفع صقور مجلس النواب الأميركي نحو تنفيذ آليات حرب توسعية. ويناشد أنصار التدخل من أمثال غراهام، والسناتور جون ماكين، على الرغم من عدم تقديمهم استراتيجية شاملة، أوباما والرئيس الأميركي المقبل شن حرب أميركية اختيارية في الشرق الأوسط.

توجه مغلوط

أما في الوضع الراهن، فيدور الحديث حول الحرب في سوريا، حيث أوضح ماكين منذ شهور عدة، أنه يفضل اعتماد نهج يقتضي إلزام أميركا دعم الثوار المعتدلين في الصراع المعقد، متعدد الجبهات. ويقترح الصقور، في الواقع، أن تتبنى الولايات المتحدة الحرب الأهلية في سوريا وتجعلها قضيتها. لكن كيف يمكن لتلك الاستراتيجية أن تخدم مصالح الولايات المتحدة؟ ليس لأميركا سوى مصلحة حيوية وحيدة في سوريا، تقتصر على منع الهجمات الإرهابية الدولية لتنظيم «داعش».

يتعين على الولايات المتحدة أن تعمد إلى تدريب وتسليح عدد من المقاتلين السوريين المعتدلين يتخطى الخمسة آلاف عنصر المفترضين.

عواقب التصعيد

تشكل الحرب الأهلية في سوريا مأساةً هائلة، ولن تساهم إضافة المزيد من مقاتلي الجيش السوري الحر إلا في زيادة إهراق الدماء هناك، وليس إنهاء الحرب، في ظل تشكيك مناصري الثوار الأكثر حماسة بقدرتهم على الإطاحة بنظام الأسد.

ستكون عواقب تصعيد أميركا والحلفاء في سوريا وخيمةً، سيما مع وقوف روسيا وبعض القوى الإقليمية في صف الأسد، كما أنها ستقوض سياسة الإدارة الأميركية في «تجنب المواجهة غير المنسقة». يمكن لتغيير الموازين في سوريا أن يؤدي إلى نشوب حرب أميركية بالوكالة مع قوى إقليمية في كل من سوريا والعراق ودول أخرى.

بوتحظى الولايات المتحدة، من خلال مجلس النواب الأميركي، بفرصة تحديد معالم الحرب التي تود خوضها. إلا أن العديد من أعضاء المجلس لا زالوا مترددين حيال مناقشة هذا التفويض العسكري من الأساس.

هل مجلس النواب والشعب الأميركي مستعدان لخوض غمار حربٍ ولو من المستوى الذي تسوغه مسودة التفويض؟ إن لم يكن الأمر كذلك، فعليها أن تنطوي على قيود جغرافية وعملية، على غرار غالبية تفويضات الحرب الأميركية. ولا يتعين على صقور مجلس النواب الأميركي أن يمنحوا أوباما أو أي رئيس آخر تفويضاً مطلقاً. وتعتبر مخاوف غراهام المتعلقة بانتهاج استراتيجية لا تحظى بفرص النجاح صائبة، وهي تشكل في الواقع سبباً لاعتبار إصرار صقور مجلس النواب الأميركي على تفويض مطلق لاستخدام القوة العسكرية مثار قلق. إذ إن ذلك لا يحفز باتجاه اعتماد استراتيجية مرشحة للفشل، بل إنه سيصنف السلطة المفوِّضة لها في إطار معين.

على الهامش

قال جاك كينغستون، عضو مجلس النواب الأميركي: « يود الكثيرون في واشنطن البقاء على هامش الأحداث، ويقولون اقصفوا المكان وأبلغونا بما يحصل، فإذا ساءت الأمور فنحن نستنكر، وإذا نجحت فنثني عليها». يشعر الصقور اليوم بالحماسة للتنازل عن سلطات شن الحروب للجهات التنفيذية، علماً أن واجبهم يقتضي منح التفويض، والمساعدة في إدارة مسار الحرب التي تعتزم الولايات المتحدة شنها.

Email