الأكراد يفسرون المتغيرات الدولية على أرضية من الاستيعاب الواضح

الحل في سوريا أكبر من الأسد وخصومه

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أخيراً، أن الرئيس السوري بشار الأسد «جزء من الحل» في سوريا، كان يعلم أنه سيقيم الدنيا ويقعدها، حيث اتهمته جماعات المعارضة بالتراجع عن إطار جنيف الخاص بسوريا، الذي يدعو إلى تأسيس حكومة انتقالية لتحل محـــل الأسد.

قد يكون دي ميستورا يعكس المزاج الدولي المتغير، حيث لم تعد إطاحة الأسد أولوية، فيما يتصاعد القتال ضد تنظيم «داعش»، أو ربما كان يستخدم عبارة مسكنة لدفع الأسد إلى الموافقة على خطة لوقف إطلاق النار في حلب. والدبلوماسية في معظم الأحيان تتقدم بشكل غامض، وهناك الكثير مما يشير إلى أن دي ميستورا، كان يوظف الغموض المحسوب هنا.

لكن تطوراً مثيراً للاهتمام أخيراً وضع جهود المبعوث الأممي السويدي الإيطالي في نوع من المنظور، مع قيام ممثلين من المنظمات الكردية الرئيسة في سوريا بالاجتماع في القامشلي، حيث طالبوا بـ«وحدة المناطق الكردية الجغرافية والسياســـية في شمال وشمال شرق سوريا في إطــار دولة فيدرالية (سورية)».

وسعى الممثلون أيضاً إلى التوافق على عملية التنسيق بين اثنين من الأحزاب الكردية السورية، هما حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يرى أنه مقرب من حزب العمال الكردستاني وزعيمه عبد الله أوجلان، والمجلس الوطني الكردي المقرب من رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البارزاني.

وهذه الخطوة نحو تحقيق إجماع كردي أصبحت ممكنة بحقيقة أن البشمركة التابعة لمسعود البارزاني جاءت لمساعدة وحدات حماية الشعب في مدينة عين العرب أخيراً، على الرغم من الصراعات السابقة بين هذا الأخير وأوجلان. وللمفارقة، فإن هذا الأمر لم يثر استياء تركيا التي هي على علاقة طيبة بالبارزاني، بل رأت في التدخل وسيلة للســـيطرة على وحـــدات حماية الشعب.

لكن فيـــما الأسد يعزز موقعه السياسي ببطء لكـــن بثبات، يبقى السؤال حول أي نوع من سوريا سوف يحكم إذا تمكن من البقاء في السلطة. وطالما أن منطق الحـــملة المناهضة لـ«داعش» يملي بإمكانية بقاء الأسد في منصبة في نهاية المطاف، إلا أنه يشير كذلك إلى أن الحكم الذاتي للأكراد في سوريا ستقبل به العديد من الدول في نهاية المطاف.

الهدف الأساسي

وفي كلتا الحالتين، فإن الهدف الأساسي دولياً يكمن في السماح للبنى الحاكمة في تثبيت موقعها، لتتمكن من هزيمة «داعش» وللحيلولة دون نهوض جماعات مماثلة. وفيما يعاد رسم خريطة الشرق الأوسط لا سيما في سوريا والعراق، فإن ما يحدث للأسد لن يكون ذا أهمية بعد الآن.

والأراضي التي يسيطر عليها، التي تمتد من دمشق إلى الساحل السوري والمناطق ما بينها، هي إلى حد ما متصالحة مع حكمه. وداخل هذه الحدود، فإن المجتمع الدولي يمكنه التسامح مع وجود الأسد، وقد تم إضعافه.

ويبدو أن الأكـــراد في ســـوريا والعراق قد فسروا هــذه الديناميات بشكل جيد. وفيما لم يطــــالبوا بدولة كردية مستقلة، وهو أمر غير مقبول من إيران وتركيا، فــــإن المرء يمكنه أن يتوقع أن نسختهم عن الفيدرالية أقرب إلى نوع من الترتيب الكونفدرالي الفضفاض.

وكما أشار المعلقون الصحافيون، فإن تطورات مماثلة تجري في العراق، حيث يضع الأكراد والسنة والشيعة الخطوط العريضة لكيانات طائفية وعرقية جديدة.

ولهذا ربما لا ينبغي أن يبالغ المرء في تفسير عبارة دي ميستورا، فإطار جنيف قد سقط والمبعوث الأممي يعلم بذلك، ويمكن للمرء أن يتعاطف مع خصوم الأسد، لكن الوضع أكبر منهم أو منه.

مواقف دولية

يعــود السبب في نجاح «داعــــــــش»، حسب رؤية بعض المراقبين، إلى وجود سلطات تدير شؤون الدولة مختلة الوظائف ومنقسمة. بالتالي كل الإجراءات التي تزيد من التماسك السياسي في الدول أو الكيانات العربية يجري احتضانها دولياً، إذا كان بإمكانها درء نهوض المتشددين، الذين يستفيدون من حالات الفراغ المنتشرة في جميع أنحاء المنطقة.

Email