سيطروا على معظم البلاد وقوضوا أركان الدولة ومؤسساتها

انقلاب الحوثيين يهدد بحرب أهلية في اليمن

هجمات الحوثيين عرضت اليمن لحرب أهلية وانقسامات طائفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

وصلت حالة اليمن الآخذة في التدهور منذ زمن، إلى أدنى مستوى لها، أخيراً، عقب تغلب قوات المتمردين الحوثيين على خصمهم السياسي. فقد سيطر الحوثيون على القصر الرئاسي في صنعاء، ودحروا الجنود الموالين للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وقصفوا منزله الخاص، في حين أطل زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، عبر شاشات التلفزيون الرسمية التي سيطرت عليها قواته، أخيراً، واتهم هادي بخرق اتفاقية تقاسم السلطة، التي تم التوقيع عليها العام الماضي.

وكانت جماعة الحوثيين الشيعية قد أحكمت السيطرة، في سبتمبر الماضي، على معظم أجزاء العاصمة صنعاء، لكنها غادرتها بموجب اتفاقية تقاسم السلطة في اليمن لصالح هادي وحكومته. وتسلم هادي مقاليد رئاسة البلاد، كجزء من الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة عربية إقليمية، أعقبت أحداث الربيع العربي عام 2011، التي أطاحت بحكم الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. وكان كل من هادي وصالح قد تعاونا بشكل وثيق مع الولايات المتحدة، في هجومها على المــــقاتلين السنة في اليمن.

اتهامات خطيرة

وكان عبد الملك الحوثي، البالغ 32 عاماً من العمر، قد أطلق سلسلة من التهديدات، طالت ابن هادي بسرقة «المليارات»، ونعت هادي نفسه بأنه أداة في يد القوى الغربية، من أمثال الولايات المتحدة الأميركية، زاعماً أنه يدعم تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية، لشن اعتداءات على الشيعة. وقال الحوثي إن الدافع وراء السيطرة على القصر الرئاسي، يكمن في معارضته لمسودة الدستور الجديد الذي تم تعديله لاحقاً، وبرر التحرك بأنه يهدف إلى تطبيق اتفاقية تقاسم السلطة الموقع عليها في شهر سبتمبر 2014.

وقد وجه الحوثي، في خطابه الأخير، تهديدات غير مباشرة إلى القبائل السنية في محافظة مأرب اليمنية، الواقعة شرقي العاصمة صنعاء، مدعياً أنها تحارب جنباً إلى جنب مع «القاعدة»، بدعم من حكومة هادي. إن كان الحوثي جاداً في تهديداته، فإن وضع البلاد، غير المستقر أساساً، يهدد بالمزيد من التدهور. لقد عانى اليمن لسنوات طوال من الحـــــرب والاضطرابات، إلا أنها لم تنـــزلق يوماً إلى هاوية التخبط في حرب أهلية طائفية تعم البلاد برمـتها، وهو احتمال يبدو قائماً اليوم.

اتسم هامش المصالح الأميركية في اليمن بالضيق جداً، على مدى سنوات العقد الماضي. إلا أن ظهور تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية، كأحد أجنحة «القاعدة» المهتم على نحو خاص بتوجيه هجمات إلى الغرب، دفع الولايات المتحدة إلى تنفيذ حملة اغتيالات أجهزت على العشرات من مقاتلي «القاعدة» في اليمن، وكان أحدثها، حملة نفذتها في مطلع ديسمبر 2014، وقتلت تسعة أشخاص في محافظة الشبوة.

النظرة الأميركية

وكانت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، قد أثنت على التطورات التي حصلت في اليمن منذ سقوط نظام صالح، إلا أن نظرتها المتفائلة حيال البلد توقفت عند هذا الحدّ. وأوضح أوباما في يوليو الماضي، أن هادي هو أحد شركاء أميركا «الملتزمين» بمكافحة الإرهاب، ووصف اليمن بأنها «نموذج» لاستراتيجية أميركا الناشئة لمحاربة المقاتلين المتشددين، في كل من سوريا والعراق، من دون نشر الجيش بأعداد كبيرة على الأرض.

كما تحدث أوباما عن حصول «حوار وطني واسع النطـــــاق في اليمن، ساعد على منح الشــعب إحساساً بوجود مخرج سياسي شرعي للنزاع القائم في بلادهم». إلا أن ذلك الحديث لا يتناسب تماماً مع رؤية المراقبين لمسرح الأحداث في اليمن، المترنح تحت وطأة الأزمات المتلاحقة، والخاضع لمنطق سياسة زعماء الحرب، التي حلت محل السياسية التقليدية.

يسيطر الحوثيون على مناطق الشمال القريب من حدود المملكة العربية السعودية، حيث يشكلون حوالي 30 في المئة من عدد السكان. وتنظر السعودية واليمنيون السنة إلى الحوثيين اليوم كأداة في يد قوى إقليمية، في الوقت الذي يرى الحــــوثيون في اتفاقية عام 2011 أنها حـــصيلة وساطة مجلـس التعاون الخليجي.

زادت أحداث الفترة الأخيرة في اليمن، فرص انقسام اليمن إلى معسكرين، وقد كانت البلاد بين الأعوام 1967 و1990، في واقع الأمر، عبارة عن بلدين منفصلين، مع وصاية سوفييتية على الجنوب وعاصمته عدن.

نبرة عالية

جاء خطاب الحوثي غير المتناسق، حافلاً بالتحذيرات من مؤامرات خارجية، والتأكيدات على أن «الثورة» ستتم حمايتها، إلا أنه قصُر عن إعطاء أي تفاصيل تتعلق بخطط التحرك المستقبلية للحوثيين. لكن الواقع الميداني يقول إن حركة التمرد، التي تستمد دعمها بالكامل، تقريباً، من الأقلية الشيعية في اليمن، وتحظى بدعم إقليمي، تسيطر اليوم على العاصمة صنعاء، ما يشكل أخباراً سيئة للغالبية السنية في اليمن.

ويبدو واضحاً أيضاً أن السلاح ما عاد مجرد أداة تشير إلى القدرة السياسية لإدارة الدولة، في الوقت الراهن، بل إنه الأداة الوحيدة لحكم البلاد.

Email