الإصلاحات الهيكلية تتصدر أجندة الحكومة اليابانية في المرحلة المقبلة

ختام العام يحمل تحديات قوية لآبي

فوز حزب آبي يفتح المجال لمواجهة التحديات ــ أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أسدل عام 2014 الستار في اليابان على فوز آخر لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في الانتخابات العامة التي جرت، أخيراً، بكلفة فاقت مبلغ 500 مليون دولار أميركي، وبفاصل عامين فقط عن الانتخابات السابقة. قد لا تعي قلة من اليابانيين أهمية قلة إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع، التي بلغت نسبتها 52.7 % فقط. إلا أن آبي يرى قرار الدعوة لإجراء الانتخابات مسوغاً، علماً أن حزبه الليبرالي الديمقراطي قد خسر ثلاثة مقاعد في البرلمان، وحصد 291 مقعداً، وهي نتيجة ليست سيئة بالنسبة لحزب حاكم متراجع، وقائد منحسر الشعبية.

ورفع آبي شعاراً لحملته الانتخابية مفاده أنه: «ما من وسيلة أخرى لتعافي الاقتصاد، إلا من خلال «الأبينوميكس». ويتضمن برنامجه المتبجح تسهيلات نقدية كبيرة لإضعاف الين، وتنشيط البورصة، وتوليد التضخم، والإنفاق المالي من خلال عجز هائل للموازنة، وتغيير هيكلي لتعزيز نسبة النمو على الأمد البعيد، علماً أن القليل من ذلك قد رأى النور حتى الآن.

لن تتكرر الانتخابات العامة التي جرت، أخيراً، في اليابان قبل أربع سنوات، ويمكن لآبي بالتالي الادعاء بموجبها أنه عزز موقعه داخل الحزب والبلاد. وقد صرح بأنه سيضاعف الجهود لإنعاش اقتصاد اليابان وجعل الأشخاص العاديين مرتاحين مالياً، لاسيما أن الضائقة الاقتصادية قد ألقت بظلالها على حملة آبي الانتخابية. وقال إنه سيدفع بعجلة العمل على مجموعة من الإصلاحات الهيكلية، وكان قد وعد قبيل انتخابه بتطوير قطاعات الزراعة، والرعاية الصحية، وإدخال المرونة إلى سوق العمل، والمرونة إلى قطاع الكهرباء عبر فصل محطات البث عن التوليد. وأشار بشكل لافت إلى حصول تقدم مع الولايات المتحدة في مسألة الشراكة العابرة للمحيط الهادئ، واقتراب انطلاق مفاوضات التجارة الحرة، وترسل هذه الخطوة إشارات قوية تدل على نيات جدية للإصلاح.

إلا أن الاقتصاد بالنسبة لآبي القومي اليميني لا يشكل الشغف الأساسي، والقوة الاقتصادية تشكل بنظره، أساساً، وسيلة لاستعادة الاعتزاز الوطني، وإعادة حبك قصة اليابان. وقد تعهد آبي، أخيراً، بـ«تعميق الفهم القومي» لحاجة اليابان لوضع قانونها الخاص، بما في ذلك إعادة صياغة شروط مبدأ السلام. إلا أن تعديل الدستور يتطلب تصويت ثلثي المجلسين التشريعي والتنفيذي، كما الحصول على غالبية أصوات الاستطلاع الشعبي. وعلى الرغم من أن غالبية أعضاء البرلمان يتبعون لحزب آبي، فإن ذلك لا يعتبر كافياً لإقرار أي مشروع، وهو يحد من قدرة آبي على تنفيذ أي مشروع لا يرغب به معظم اليابانيين.

كذلك تبرز ضرورة العمل على الأجندة التشريعية في اليابان، حيث ستحتل الموازنة للعامين 2015-2016 البند الأول، بما في ذلك حزمة إنفاق تكميلية لتعزيز الاقتصاد ومساعدة الأسر التي تعاني من كلفة الواردات المرتفعة بفعل ضعف الين. وتأتي بعد ذلك مسألة تمرير القوانين لتطبيق حكم جديد يعنى بالدفاع الذاتي الجماعي الذي يتيح لليابان مساعدة حلفائها، لاسيما أميركا، وهو تغيير من المتوقع أن يشعل فتيل المعارضة الشعبية العارمة. هناك أيضاً قرار مثير للجدل متمثل بمحاولة إعادة العمل بالمزيد من محطات الطاقة النووية في اليابان.

لم يذكر آبي، على نحو مخيب لآمال الإصلاحيين في الحكومة، أولويات الإصلاح في حملته الانتخابية. ويقول داعموه إن البيروقراطية الحاكمة والغالبية الموجودة في الحزب الليبرالي الديمقراطي تعارض بشدة أية إصلاحات هيكلية، إلا أن الفوز الذي حققه آبي يحكم قبضته على الجهتين، وليس هناك من عذر يمنعه من المضي بالإصلاح قدماً. وتكتسب الأشهر القليلة المقبلة أهمية جوهرية لكل من آبي واليابان.

الخصم العاجز

يقع على عاتق المعارضة اليابانية أن تُخضع سياسات الحكومة للمحاسبة، كما أن تقترح البدائل، علماً أن الحزب الديمقراطي الياباني ليس في موقع يؤهله القيام بأي من الخيارين. إنه مجرد طيف للقوة التي كسرت قيود سيطرة الحزب الليبرالي الديمقراطي عام 2009، ووعدت بإعادة صياغة السياسة اليابانية، لتبقى في سدة الحكم في النهاية لثلاث سنوات يائسة.

Email