سياسة صقور واشنطن تؤدي إلى عواقب غير محسوبة النتائج ويجب التصدي لها

مجلس النواب الأميركي يدعو لحرب باردة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

صوت مجلس النواب الأميركي، أخيراً، بأغلبية ساحقة، لصالح قرار مناهض لروسيا يضاهي بطابعه الدعائي المحرض على الحرب ضدها أقسى خطابات مرحلة الحرب الباردة. وللمفارقة، فإن جزءاً كبيراً من هذا القانون يدين روسيا لقيامها بأمور كانت الحكومة الأميركية تفعلها لسنوات في كل من سوريا وأوكرانيا.

يكمن أحد أسباب إدانة روسيا، وفق القرار الأميركي، على سبيل المثال، في زعم أنها تفرض عقوبات اقتصادية على أوكرانيا، لكن يجب أن نتساءل عن عدد العقوبات، التي فرضتها الحكومة الأميركية على روسيا على امتداد العام الماضي، التي على الأغلب تكون سيئة فقط في حال لجأت إليها دول لا تحظى بتأييد واشنطن.

دان القرار الأميركي روسيا لبيعها الأسلحة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، علماً بأن أميركا تمد المقاتلين في سوريا بالأسلحة منذ سنوات عدة، ويذهب معظمها إلى تنظيمات مثل القاعدة و«داعش» الذي تقوم بقصفه حالياً.

واستنكر القرار الأميركي ما اعتبره اجتياح روسيا لأوكرانيا وانتهاك سيادتها، من دون وجود أي دليل يثبت ذلك، إلا أن أميركا كانت أول المنتهكين لسيادة أوكرانيا بدعمها الانقلاب، الذي أطاح حكومة الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش المنتخبة ديمقراطياً.

وعمد القرار الأميركي إلى إدانة ما اعتبره محاولة روسيا «الحصول بشكل غير شرعي على معلومات» حول حكومة أميركا، إلا أن اعترافات العميل الأميركي المتقاعد إدوارد سنودن فضحت تجسس وكالة الأمن القومي الأميركية على معظم دول العالم، بمن فيهم الحلفاء.

كيف يمكن للولايات المتحدة ادعاء الصلاحية الأدبية لإدانة التصرفات عينها لدى الآخرين؟

هاجم مجلس النواب الأميركي الإعلام الروسي الممول من الدولة، مدعياً أنه «يشوه الرأي العام»، في حين أن القانون الذي أيده طالب ألوف المنافذ الإعلامية الممولة من الحكومة الأميركية بأن تصعد حدة لهجتها حيال روسيا، كما سعى إلى توجيه «ردود مناسبة» لمواجهة تأثير الإعلام الروسي في بقية دول العالم.

ويمكن فهم ذلك في إطار يعني أنه على الدبلوماسيين الأميركيين ممارسة الضغط على الدول الأجنبية وحضها على إقفال شبكة قنوات «روسيا اليوم».

استنكر القرار الأميركي ما سماه إقدام روسيا على تزويد السلاح للجزء الشرقي من أوكرانيا الناطق بالروسية، والساعي لتمتين العلاقات مع روسيا، في حين طالب بأن تبدأ الحكومة الأميركية بتأمين السلاح للمقاتلين بالوكالة على الجبهة المضادة.

يعتبر القرار الأخير هو الأسوأ تشريعياً، وهو ليس سوى دعاية حرب ستقود إلى جميع أنواع العواقب غير المحسوبة. عشرة أعضاء فقط، خمسة من كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، عارضوا هذا القرار المتهور.

وعلى الأرجح أن معظم الذين أدلوا بأصوات مؤيدة له لم يكلفوا أنفسهم عناء الاطلاع على مضمونه، أما الآخرون ممن قرأوا نصه، وصوتوا له مع ذلك، فقد ظنوا أنه لن يصل إلى مجلس الشيوخ الأميركي.

وأقدموا على التصويت لصالح إقراره إرضاءً للصقور في دوائرهم، والأهم الحفاظ على علاقات جيدة معهم باعتبار أنهم يديرون دفة السياسة الخارجية لواشنطن، بغض النظر عن عواقب اعتبار القرار نافذاً قانونياً أم لا.

مهما كان الأمر، يتوجب على الأميركيين مراقبة أعضاء الكونغرس الأميركي، الذين يدلون بأصوات تقرب أميركا أكثر من خوض الحرب مع روسيا، كما يتعين عليهم أن يتوجهوا بالشكر للأعضاء العشرة، الذين وقفوا بوجه الدعاية الحربية الأميركية.

يعتقد صقور واشنطن أن الانتخابات الأخيرة قد أطلقت يدهم لشن المزيد من الحروب، وينبغي لزاماً اليوم أكثر من أي وقت مضى التصدي لهم ومنعهم من ذلك.

 

الكيل بمكيالين

في ما يتعلق بالحضور العسكري في أوكرانيا، فإن أميركا هي من أرسلت، علناً، قواتها الخاصة ومستشاريها العسكريين لمساعدة الحكومة الأوكرانية الموالية، فكم من مرة قام فيها قادة عسكريون رفيعو المستوى ومسؤولون في وكالة المخابرات المركزية الأميركية بزيارة العاصمة الأوكرانية، كييف، من أجل تقديم النصائح وأكثر من ذلك ربما؟

Email