العنف والقمع الإسرائيليان يظلان واقعاً طالما استمر الاحتلال والاستيطان

استشهاد أبو عين استمرار لمأساة شعب فلسطين

استشهاد أبو عين يحمل في طياته ملامح سياسية مهمة ــ أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من عواقبه السياسية الهائلة، يبقى استشهاد المسؤول الفلسطيني زياد أبو عين، أخيراً، عقب صدامات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، جديراً بالاهتمام لبديهيته المناقضة للحدس. وقد أسفرت الطبيعة الجوهرية للعلاقة الفلسطينية الاسرائيلية عن وجهها، في إطار الحقائق الأساسية للمسألة، حيث لا تكمن دلالتها الفظيعة في استشهاد مسؤول مهم، بل في تحديد المصير المأساوي لفلسطيني آخر.

كان أبو عين يشارك، أخيراً، في احتجاجات سلمية تطالب بغرس أشجار الزيتون في قرية ترمسعيا الواقعة في الضفة الغربية، حين وقع اشتباك بين بعض المتظاهرين وقوات الاحتلال الإسرائيلي. وتشير مقاطع الفيديو المصورة إلى ردّ الجنود الإسرائيليين العنيف ضد الفلسطينيين، كما تظهر بعض الصور بوضوح، قيام الجنود بإمساك أبو عين من عنقه.

لم تمض لحظات إلا وسقط أبو عين أرضاً، ولقي مصرعه. وأصرت إسرائيل بعد عملية تشريح أجريت لأبو عين بحضور ممثلين من الجانبين، على أنه توفي بسبب نوبة قلبية. في حين أكد اختصاصيون فلسطينيون وأردنيون تعرضه للإصابة المباشرة، إما بعقب البندقية أو بضربات موجهة إلى الرأس والصدر كانت سبب الوفاة.

سيحمل مقتل أبو عين، في ظل تلك الظروف ملامح سياسية شرسة وهامة. فهو أحد كبار المسؤولين الفلسطينيين، والوزير المكلف التعامل مع مسألة المستوطنات وجدار الفصل العنصري في الضفة الغربية. وتأتي وفاته في وقت اشتداد حدة التوترات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وستظل مثار جدل كبير بين الطرفين.

أشار بعض المسؤولين الفلسطينيين، بمن فيهم كبير المفاوضين صائب عريقات، إلى أن ذلك قد يؤدي إلى تعليق التنسيق الأمني بين القوات الأمنية للسلطة الفلسطينية والسلطات الإسرائيلية. إلا أنه من غير المرجح حصول ذلك، في ظل إدراك الطرفين لمدى أهمية التنسيق الأساسي، ودوره في الحفاظ على الهدوء وتطبيق النظام والقانون الرئيسيين.

ويسلط وقوع أحداث كتلك الضوء على مدى صعوبة استمرار السلطة الفلسطينية في العمل على التنسيق الأمني، وسبب إثارته لكثير من الجدل على الرغم من استفادة كلا الطرفين منه. فبغياب مفاوضات السلام أو أي وسيلة أخرى لإنهاء الصراع، توضح حوادث كتلك حقيقة العلاقة الإسرائيلية الفلسطينية، وواقع حياة شعب محتل،.

لذا لا يعتبر مقتل أبو عين جديراً بالاهتمام من موقع أنه مسؤول فلسطيني رفيع قام بمواجهة الجنود الإسرائيليين فحسب، بل لأن المشهد ذاك اليوم كان نموذجياً وحتمياً في الواقع، في ضوء حقائق الاحتلال الأساسية.

على نحو مماثل، لم يساعد المنصب الرسمي لأبو عين في تمييزه بعيون الجنود الإسرائيليين، ولم يمنع عنه القدر، الذي كان يمكن أن يصيب أي مسؤول فلسطيني آخر في ظروف مشابهة. ولا يبدو أحد مكترثاً بحقيقة أن المستوطنين المسلحين الذين يضايقون أبناء القرية هم من مستوطنة عدي عاد، التي تعتبرها السلطات الفلسطينية نفسها غير شرعية. وعلى الرغم من أن المستوطنين يأتون من بؤرة استيطانية غير شرعية، فإن جوهر الحضور العسكري الاسرائيلي منوط بحماية مصالح المستوطنين على حساب الفلسطينيين.

إن قدر أبو عين هو قدر أي شخص فلسطيني عادي آخر علق في حادث ترتبط حركياته بالظلم الموروث وانتهاكات الاحتلال المتجسد بمستوطنة معتدية. لقد وقعت العديد من تلك الحوادث في السابق، وإن لم تخضع للمستوى عينه من التغطية الإعلامية، وستظل تقع حتماً طالما هناك صراع واحتلال.

عنف

حين تجمّع عدد من الفلسطينيين في قرية ترمسعيا الواقعة في الضفة الغربية في تظاهرة احتجاجية سلمية لزراعة أشجار الزيتون، أتى الردّ الإسرائيلي قاسياً بشكل متوقع. كان لا بدّ من استعمال العنف، فالاحتلال في النهاية، هو نظام السيطرة على ملايين الفلسطينيين غير المواطنين، من قبل بضعة ألوف من الجنود الإسرائيليين المسلحين.

Email